قتل، وغدر، ووحشية، وانتقام، ودموع، ولون رمادي قاتم طغى على الخشبة، وموسيقى تنذر بشرّ مستطير. إنها مسرحية «العنف» الذي استولده الربيع العربي من نفوس كانت تنام على ضيم، فإذا بها تتفجر كالقنابل الموقوتة.
الثنائي المعروف جليلة بكار والفاضل الجعايبي من جديد حطا في بيروت، أول من أمس، على خشبة «مسرح المدينة»، وكالعادة وسط انتظار جمهور لا يحب أن يفوت لهما عملاً، قدما مسرحيتهما الأخيرة «العنف» المستوحاة قصصها من الأرض التونسية المعذبة، وحكايات أبنائها الذين دخلوا في تيه الثورة.
في بيروت إذن ولعرض واحد فقط، بعد عروض في «المسرح الوطني التونسي» و«مهرجان قرطاج الدولي»، و«مسرح يبكولو» الإيطالي، وضمن أنشطة اللقاء الفرعي لـ«الشبكة الدولية للفنون الأدائية المعاصرة» المنعقد في العاصمة اللبنانية، قدمت جليلة بكار (كتابة وتمثيلا) وفاضل الجعايبي (إخراج وإضاءة وسيناريو) قراءة مباشرة، وأحيانا فجة، لواقع تونسي ينضح بالقتل والدم؛ كثير جدًا من التشاؤم، لكنه للأسف يشبه ما يدور في المنطقة العربية، وما نقرأه في الصحف ونراه في نشرات الأخبار.
إنها قصة تلك المرأة التي تقتل زوجها بدم بارد حين تختلط صورة وجهه بصورة وجه مغتصبها، والسيدة القروية التي تقتل وليدها وهي تشويه بنيران الفرن، والتلامذة الذين يقتلون أستاذ الفلسفة، والشاذ الذي يقتل صاحبه حبًا وغيرة. تتداخل القصص على مسرح بالكاد ترى الوجوه تتحرك على خشبته لقتامة المشهد. الديكور نفسه متقشف، بارد، يوحي بالخوف، من حديد وفراغات وكراس قليلة.
على المسرح، الأداء كما هو الحال دائمًا عند فاضل الجعايبي مؤثر قاس محسوب بدقة، إن من قبل الرائعة جليلة بكار رفيقة دربه، أو نعمان حمدة ولبنى مليكة، وكذلك فاطمة بن سعيدان، ومعهم أحمد طه حمروني، ومعين مومني ونسرين المولهي.
الموعد كان جامعًا في بيروت، مساء أول من أمس، والحضور كثيف، والمدرجات ممتلئة، والأجواء على المسرح مكفهرة، تشبه تلك التي تعيشها المنطقة. إنه العمل الذي أعاد فاضل الجعايبي إلى الخشبة بعد 5 سنوات من الانقطاع، ليقول فيه الوجع التونسي، كما عادته في مسرحياته السابقة، لكن هذه المرة، الطعم أكثر علقمية من أي وقت مضى.
«العنف» على خشبة «مسرح المدينة» بنكهة الثورة التونسية
الفاضل الجعايبي وجليلة بكار حطا في بيروت بعد إيطاليا وقرطاج
«العنف» على خشبة «مسرح المدينة» بنكهة الثورة التونسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة