دعت منظمات حقوقية وجمعيات عاملة في مجال احترام حقوق الإنسان في تونس، الحكومة، ممثلة في وزارتي العدل والداخلية، إلى تنفيذ خطة عاجلة لاحترام حقوق الإنسان على وجه العموم، وبخاصة تخفيف الاكتظاظ داخل السجون، واحترام المعايير الدولية في باب الاحتفاظ بالمتهمين، والابتعاد عن ذريعة حالة الطوارئ لاستدعاء ناشطين في المجتمع المدني، وخصوصا المطالبين بالتنمية والتشغيل في المناطق الداخلية المهمشة، للمثول أمام المحاكم.
وفي هذا الشأن، قالت مصادر من مرصد الحقوق والحريات في تونس لـ«الشرق الأوسط»، إنها وثقت انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في تونس، وشهرت بكثير من الممارسات الهادفة إلى حرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية، سواء بسبب الماضي السياسي للأشخاص، أو لأسباب أخرى، ونبهت إلى إمكانية عودة ممارسات الماضي ضد الناشطين السياسيين وناشطي المجتمع المدني، في حال لم تعمل السلطات على وقف تلك الانتهاكات.
وتتطابق هذه الدعوة مع التقرير الذي أورده المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره مدينة جنيف السويسرية)، الذي أعرب عن قلقه البالغ من قرارات التمديد المتكررة لقانون الطوارئ في تونس. وقال في تقرير له إن هذا الوضع يخفي وراءه تداعيات سلبية تتعلق بأعداد الاستدعاءات الأمنية الكبيرة، مشيرا إلى أن قانون الطوارئ لم يتوقف عن التطبيق منذ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 2015، وجرى تمديده ابتداء من 19 سبتمبر (أيلول) الماضي لمدة شهر إضافي، لتدخل بذلك تونس شهرها الـ11 من حالة الطوارئ دون انقطاع. ونبه إلى أن هذه القرارات المتكررة تزيد المخاوف من هيمنة الصبغة الأمنية والأداة القمعية على حقوق المدنيين، موضحا أن الإعلان عن حالة الطوارئ جاء في ظل ازدياد الاعتقالات في صفوف المدنيين واستمرار التعذيب داخل السجون تحت غطاء مكافحة الإرهاب، على حد تعبيره.
وأشار التقرير إلى أنه جرى التبليغ عن 420 حالة تتوزع بين سوء المعاملة والتعذيب، خلال السنة الحالية، وقال إن كثيرا من الموقوفين يتعرضون للتعذيب والضرب وسوء المعاملة خلال فترة اعتقالهم.
وحذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من تنامي الانتهاكات داخل السجون ومراكز الإيقاف في تونس، وقال إنها تحولت إلى فضاءات للعقاب، عوضا عن دورها في الإصلاح والتأهيل وإعادة الإدماج، مشيرا إلى تواصل ظاهرة الاكتظاظ الشديد في كثير من السجون، وإلى عدم الفصل الكامل بين المتهمين في قضايا إرهابية والمتهمين في مجال الحق العام، وهو ما يعد تربة خصبة لمزيد من انتشار الأفكار المتطرفة.
كما أشار إلى أن عدد السجناء في تونس يزيد عن 25 ألف سجين، موزعين على 27 سجنًا، من بينها 19 مركزا للإيقاف التحفظي، و8 سجون لتنفيذ العقوبات، موضحا أن مجموع السجناء في كامل أرجاء البلاد يفوق الطاقة الاستيعابية للسجون التي تستوعب في الظروف الطبيعية 16 ألف سرير، وهو أمر مخالف للمعايير الدولية في هذا المجال. وتخطت أعداد الإيداعات الجديدة في السجون التونسية حدود 53 ألف نزيل وفق هذا التقرير. وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن حالة الاكتظاظ داخل السجون أوصلت تونس للمركز الرابع عربيًا، أي بنسبة 212 سجينا لكل 100 ألف مواطن، وهي نسبة مرتفعة.
وقال المصدر ذاته، إن نسبة الاكتظاظ داخل السجون بلغت 150 في المائة، وتصل أحيانا في البعض منها إلى نسبة 200 في المائة، مما يعني نقصا في عدد الأسرّة بالنسبة لعدد السجناء، موضحا أن نصيب كل سجينين سرير واحد، مما يضطر كثيرا من المساجين لافتراش الأرض.
وتعترف وزارة العدل التونسية بوجود ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون، وأعدت خلال الفترة الأخيرة برنامجا لتجديد عدة سجون وتوسعة كثير منها. وأكد التقرير الصادر عن هذا المرصد أن نسبة العودة للسجون التونسية التي بلغت 45 في المائة، تؤكد على أن السجون التونسية تفتقر لكل آليات تأهيل السجناء، وغياب استراتيجية التدريب والتكوين من أجل الإصلاح والإدماج الاجتماعي من جديد.
تونس: منظمات حقوقية تدعو الحكومة إلى تنفيذ خطة عاجلة لاحترام حقوق الإنسان
إثر صدور تقرير أوروبي ينتقد تمديد حالة الطوارئ
تونس: منظمات حقوقية تدعو الحكومة إلى تنفيذ خطة عاجلة لاحترام حقوق الإنسان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة