في سادس قمة تجمع بين قادة السعودية مع الرئيس التركي، تعكس القمم المتتالية والزيارات المتبادلة في وقت قريب وقصير، بين الرياض وأنقرة، الحرص المتبادل بين الجانبين على التواصل والتباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود وتعزيز التعاون على مختلف الأصعدة، حيث تأتي زيارة الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية إلى تركيا، أمس، بعد أقل من 6 شهور من زيارة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز إلى أنقرة، والتي كانت الزيارة الثانية التي يجريها الملك سلمان لتركيا خلال 6 شهور أيضا.
وكان الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، قد وصل أول من أمس، إلى تركيا في زيارة رسمية، اختتمت أمس، وذلك بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وذلك استجابة للدعوة الموجهة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لبحث العلاقات وأوجه التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، إضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتعكس هذه القمم المتتالية واللقاءات والزيارات المتبادلة، المتقاربة زمنيا، الحرص المتبادل بين الجانبين على التواصل والتباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود وتعزيز التعاون على مختلف الأصعدة.
وبلورت السعودية وتركيا هذا التشاور المستمر، استراتيجيا، بالتوقيع في 14 أبريل (نيسان) الماضي في مدينة إسطنبول، على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي، بحضور الملك سلمان والرئيس التركي، وعسكريا بزيادة التعاون بين الجانبين، حيث شهد هذا العام فقط 4 مناورات عسكرية مشتركة بين البلدين، واقتصاديا عبر ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 8 مليارات دولار سنويا، وسط جهود لزيادة التعاون بين الجانبين.
وجاءت السعودية، في مقدمة الدول التي دعمت الشعب التركي وحكومته المنتخبة ديمقراطيا، في مواجهة محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي.
وأعلنت الرياض رفضها لمحاولة الانقلاب، وهنأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «بعودة الأمور إلى نصابها في تركيا».
وقبل زيارة الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، إلى تركيا يومي أمس وأول من أمس ولقائه إردوغان في نيويورك في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، التقى إردوغان ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في مدينة هانغتشو الصينية يوم 3 سبتمبر على هامش قمة مجموعة العشرين، وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
كما جاءت زيارة ولي العهد لتركيا بعد أقل من 3 أسابيع من زيارة قام بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لأنقرة في 8 سبتمبر الماضي استقبله خلالها الرئيس التركي.
ووقعت المملكة وتركيا في 14 أبريل الماضي خلال زيارة الملك سلمان إلى تركيا على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي، الذي يعنى بالتنسيق بين البلدين في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصاد والتجارة والبنوك والمال والملاحة البحرية، والصناعة والطاقة والزراعة والثقافة والتربية والتكنولوجيا والمجالات العسكرية والصناعات العسكرية والأمن، والإعلام والصحافة والتلفزيون، والشؤون القنصلية.
وكان البلدان قد اتفقا على إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي، خلال الزيارة التي أجراها الرئيس التركي للمملكة، في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واستمرت 3 أيام.
وجاءت قمة الرياض بعد قمة جمعت خادم الحرمين الشريفين والرئيس التركي على هامش زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى مدينة أنطاليا التركية في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي لرئاسة وفد السعودية في قمة مجموعة العشرين، حيث تكتسب الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين أهميتها، من الثقل الذي يمثله البلدين إضافة إلى توقيتات تلك الزيارات، وتقارب رؤى الجانبين تجاه كثير من ملفات المنطقة.
وفي المجال السياسي، تتسم مواقف البلدين بالتنسيق والتشاور وتبادل الآراء فيما يخص القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأولى البلدان بوصفهما جزءا لا يتجزأ من الأمة الإسلامية، قضايا الأمة جل اهتمامهما، من منطلق إيمانهما بعدالة هذه القضايا، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، كما يمتلك البلدان دورًا فاعلاً في منظمة التعاون الإسلامي.
وفي الشأن السوري، تتطابق رؤية البلدين في حتمية رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعم المعارضة السورية، والتأكيد على الحل السياسي للقضية، مع المحافظة على سيادة ووحدة التراب السوري، وحق شعبه في الحرية والكرامة والعدالة.
كما تدعم تركيا التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، وتتطابق وجهات نظرها مع السعودية، وخصوصا فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية.
وهي الأمور، التي أكد عليها عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي خلال زيارته الأخيرة لأنقرة، والذي عقد خلالها مؤتمرا صحافيا مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أكدا خلاله تطابق مواقف البلدين تجاه جميع الموضوعات التي تم بحثها، وفي مقدمتها الأزمة السورية والعراق واليمن ومواجهة الإرهاب.
وأكد الجبير دعم الرياض للخطوات التي تتخذها أنقرة، في مواجهة الإرهاب في سوريا، مشددًا على وقوف السعودية ودعمها لتركيا في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها.
وعلى صعيد التعاون العسكري، شهدت العلاقات بين المملكة وتركيا نقلة نوعية وتعاونا متناميا، حيث أجريت 4 مناورات عسكرية بين الجانبين خلال العام الجاري فقط.
وشاركت القوات الجوية السعودية، في تمرين «النور 2016»، الذي أقيم في قاعدة كونيا العسكرية وسط تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، فيما كانت ثالث مناورات عسكرية تشارك فيها السعودية بتركيا خلال شهرين.
وجاء هذا التمرين بعد نحو أسبوعين من اختتام تمريني «نسر الأناضول 4 – 2016»، و«EFES 2016» اللذين أجريا في تركيا في مايو (أيار) الماضي وشاركت بهما السعودية.
و«نسر الأناضول 4 – 2016» تمرين مشترك تم تنفيذه في كونيا بين القوات الجوية السعودية والقوات الجوية التركية، بمشاركة عدد من الدول المتقدمة في مجال العمليات الجوية المشتركة الحديثة، ويعد «أعرق وأكبر المناورات العسكرية المشتركة القتالية الجوية على مستوى العالم».
و«EFES 2016»، تمرين ميداني متعدد الجنسيات أقيم على الأراضي التركية، وبقيادتها، ويعد أحد أكبر التمارين العسكرية في العالم، من حيث عدد القوات المشاركة واتساع مسرح الحرب للتمرين بين مدينتي أنقرة وأزمير. وشاركت تركيا في مناورات «رعد الشمال» التي أقيمت شمال السعودية، واختتمت في مارس (آذار) الماضي، بمشاركة قوات من 20 دولة، إضافة إلى قوات درع الجزيرة، ووُصفت بأنها من أكبر التمارين العسكرية بالعالم.
وفي إطار تعاون البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، توجد منذ فبراير (شباط) الماضي، مقاتلات تابعة لسلاح الجو السعودي، في قاعدة إنجيرليك الجوية في أضنة جنوب تركيا، تشارك في إطار التحالف الدولي لمحاربة «داعش».
وفي الشهر نفسه، وقّعت شركة «أسيلسان» التركية للصناعات العسكرية الإلكترونية، والشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني الحكومية «تقنية»، في 21 فبراير الماضي، اتفاقًا لتأسيس شركة مشتركة للصناعات الدفاعية الإلكترونية المتطورة في المملكة.
وتهدف الشركتان، من خلال مساهمة قدرها 50 في المائة لكل منهما، تأسيس شركة للصناعات الدفاعية الإلكترونية المتطورة في المملكة، لصناعة وتصميم وتطوير الرادارات، ومعدات الحرب الإلكترونية، والرؤية البصرية، وسد احتياجات المملكة والمنطقة من هذه المعدات. وتعد تركيا عضوا بارزا في تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب، أعلنت السعودية عن تشكيله في ديسمبر العام الماضي، ويضم 40 دولة.
وينعكس التقارب والرؤى المشتركة للمملكة وتركيا إيجابيًا على العلاقات الثنائية بين البلدين على المستوى الاقتصادي والتجاري.
وفي هذا السياق، نجح المستثمرون السعوديون في الحصول على مكانة متميزة في الاقتصاد التركي، بينما استفاد المستثمرون الأتراك من مشروعات البنى التحتية الكبرى، التي يجري العمل على تنفيذها في المملكة، وكان أبرزها مشروع تجديد وتشغيل مطار الأمير محمد بن عبد العزيز بالمدينة المنورة، بالشراكة مع شركة سعودية.
ويعمل مجلس أعمال سعودي تركي، يضم رجال أعمال من البلدين، على دعم وتنشيط وتشجيع العلاقات التجارية بين البلدين.
والتعاون الاقتصادي والتجاري بين السعودية وتركيا مرشح لدخول آفاق أكبر مما هي موجودة الآن، نظرًا لما تتمتعان به من آفاق واسعة للتبادل التجاري، في الساحة الاقتصادية الدولية، حيث يمكن للمملكة أن تمثل شريكًا اقتصاديًا قويًا ومضمونًا لتركيا في ظل التقارب بين البلدين.
يذكر أن عدد الشركات السعودية العاملة في تركيا، بلغ نحو 800 شركة تعمل بحصانة القوانين التركية، فيما بلغ عدد الشركات التركية العاملة في السعودية، نحو 200 شركة، بحجم أعمال يبلغ 17 مليار دولار، ورأسمال يتجاوز 600 مليون دولار.
6 لقاءات بين الرياض وأنقرة خلال عام.. ومجلس استراتيجي مشترك
تعكس حجم التوافق واستمرار التشاور بين البلدين في مختلف المجالات
6 لقاءات بين الرياض وأنقرة خلال عام.. ومجلس استراتيجي مشترك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة