عملية الموصل تهيمن.. ومخاوف من تسلل الإرهابيين إلى الرمادي

العبادي يطالب بزيادة المستشارين الأميركيين ونائب يتهم الحكومة بتجاهل مختطفي «الرزازة»

دبابة تابعة  للقوات العراقية المتمركزة لحماية منطقة الشرقاط بالقرب من الموصل (أ.ف.ب)
دبابة تابعة للقوات العراقية المتمركزة لحماية منطقة الشرقاط بالقرب من الموصل (أ.ف.ب)
TT

عملية الموصل تهيمن.. ومخاوف من تسلل الإرهابيين إلى الرمادي

دبابة تابعة  للقوات العراقية المتمركزة لحماية منطقة الشرقاط بالقرب من الموصل (أ.ف.ب)
دبابة تابعة للقوات العراقية المتمركزة لحماية منطقة الشرقاط بالقرب من الموصل (أ.ف.ب)

رفعت الحكومة العراقية مستوى العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية على صعيد معركة الموصل المرتقبة من التنسيق إلى التشاور، مما أعطى الانطباع لدى المراقبين السياسيين بأن الدور الأميركي في المعركة سيكون دور الشريك الكامل، مما قد يعني تهميش الدور الإيراني، لا سيما على صعيد مشاركة «الحشد الشعبي».
وأبلغ مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، أن «من بين الأسباب الرئيسية لزيارة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إلى بغداد، والتي هي جزء من التنسيق الذي قام بترتيبه الأميركيون بين الطرفين، إنما هي طمأنة الأكراد وبخاصة بارزاني وحزبه الديمقراطي الكردستاني بشأن حدود الدور الذي سيناط بالحشد الشعبي مقابل البيشمركة، بحيث يحول دون حصول عملية اصطدام بين الطرفين، لا سيما بعد تحرير الموصل، وبروز عدة مشكلات، منها السيطرة على الأرض والمناطق المتنازع عليها وغيرها».
وأضاف المصدر أن «الأميركيين الذين سيكون لهم الدور الأساس في المعركة حددوا طبيعة مشاركة كل الأطراف، لا سيما البيشمركة والحشد الشعبي والحشد العشائري المختلف عليه بين الكثير من القيادات السياسية، ومنها قيادات سياسية وعشائرية من أبناء الموصل نفسها». وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن في بيان له أن «معركة تحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش الإرهابي وشيكة»، مؤكدًا أنه في ضوء الاستعدادات للمعركة «وفي ضوء الدور الذي يساهم به المدربون والمستشارون من التحالف الدولي للإسراع بحسم المعركة، حيث تم التشاور مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بطلب من الحكومة العراقية لزيادة أخيرة لعدد من المدربين والمستشارين الأميركيين تحت مظلة التحالف الدولي في العراق لتقديم الإسناد للقوات الأمنية العراقية في معركتها الوشيكة لتحرير الموصل، وتمت الموافقة على طلب الحكومة». وأضاف: «سيتم البدء بتخفيض أعداد المستشارين والمدربين مباشرة بعد تحرير الموصل». وأكد البيان أن «دور المدربين والمستشارين ليس قتاليًا إنما للتدريب والاستشارة فقط، وأن من سيحرر الأرض هي قواتنا البطلة ولا يوجد أي قوات أو مقاتل أجنبي يقاتل مع القوات العراقية منذ بدء عمليات تحرير الأراضي». إلى ذلك وفي وقت تواصل فيه القوات العراقية تحرير باقي المناطق التي لا تزال محتلة من قبل تنظيم داعش في الأنبار، فقد عبر نواب وشيوخ عشائر في المحافظة عن مخاوفهم من إمكانية تسلل عناصر «داعش» مرة أخرى بسبب إهمال الحكومة للمحافظة بعد تحرير مدينتي الرمادي والفلوجة، وتحويل أنظارها تمامًا إلى الموصل.
وكانت القوات العراقية وبعد استكمالها مؤخرًا تحرير جزيرة الخالدية بدأت بالاستمرار في تحرير باقي المناطق التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم داعش، بدءًا من جزيرة هيث، وصولاً إلى حديثة، ومن ثم راوة وعانة والقائم.
وفيما كشف مصدر استخباري في المنطقة الغربية لـ«الشرق الأوسط» عن «تسلل عناصر من قيادات تنظيم داعش إلى بعض أحياء قضاء هيت»، فإن شيخ قبيلة البونمر نعيم الكعود أكد من جهته أن «هناك تمييزًا واضحًا من قبل مسؤولي المحافظة بشأن مناطق المحافظة سواء تلك التي تم تحريرها والتي يجب أن يعود النازحون إليها أو التي لا تزال تحت سيطرة (داعش)».
وقال الكعود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «عودة النازحين باتت للأسف مرتبطة بمن لديه علاقات مع الحكومة المحلية، حيث يجري الآن التركيز على مدينة الفلوجة وكأنها هي الوحيدة التي أعطت دمًا، بينما المفروض أن كل مناطق الأنبار قدمت تضحيات كبرى، بينما هناك اهتمام كبير بالفلوجة لوجود أعضاء من مجلس المحافظة ينتمون إليها ووجود وزراء، بينما تهمل باقي المناطق بشكل يبدو متعمدًا». وأضاف أن «المناطق من هيت غربا حتى القائم مهملة إلى الحد الذي بات يصعب التكهن بما يمكن أن يحصل فيها في المستقبل، وخصوصا لجهة وجود إرهابيين وحواضن وسط إهمال تام لها من كل النواحي».
وحمل الكعود «القيادات العسكرية وخصوصًا قيادة عمليات الجزيرة كامل المسؤولية عما يجري هناك، حيث لم يعط دور للعشائر في السيطرة على الأرض، بينما تقع أمور لا يمكن السكوت عليها وسط تراخٍ واضح من القيادات العسكرية التي يتوجب على القائد العام للقوات المسلحة الانتباه إليها». إلى ذلك أكد مصدر استخباري، طالبًا عدم الكشف عن اسمه، أن «وجود سبع نساء من قيادات تنظيم داعش في هيث لم يلق القبض عليهن حتى الآن»، مبديًا استغرابه من «تركهن».
من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي، وهو عضو لجنة الأمن والدفاع، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مناطق لا سيما جزيرة هيت وصولاً إلى القائم مرورًا بحديثة وراوة وعانة، لا يزال قسم كبير منها مرتعا للإرهاب مما يتطلب سرعة تحريرها، لكن العمليات تجري ببطء بسبب تركيز الحكومة حاليا على معركة الموصل، مما يجعل المخاطر قائمة في الكثير من تلك المناطق».
وبشأن عودة النازحين قال الكربولي إن «العودة باتت مهمة حتى في ظل عدم وجود الحد الأدنى من الخدمات، وذلك بسبب الحاجة إلى مسك الأرض وعودة الناس إلى بيوتهم، مع ضمان عدم عودة الإرهابيين أو من يأويهم، علما بأن هذه النقطة لا تزال موضع خلاف بين العشائر». وبشأن مختطفي الرزازة العام الماضي والذين يبلغ عددهم 2200 من مواطني الأنبار وسامراء قال الكربولي إن «الحكومة لم تقم بالدور المطلوب منها على هذا الصعيد، علما بأن هؤلاء تم خطفهم في وضح النهار من قبل فصائل مسلحة». وأشار إلى أنه «في الوقت الذي يجري فيه الانشغال بمجزرة سبايكر والتي تستحق الانشغال بها لأنها جريمة ضد أبرياء فإن هؤلاء الـ2200 ارتكبت بحقهم جريمة دون أي ذنب اقترفوه، علما بأنه لا أحد يعرف أين هم، وهل تمت تصفيتهم، أو في سجون خاصة، مما يجعل وضعهم المأساوي مضاعفًا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.