أعلنت الحكومة التركية عن تنفيذ إصلاحات اقتصادية جديدة، الهدف منها التغلب على التصنيفات السلبية الصادرة عن وكالات التصنيف الدولية للاقتصاد التركي التي خفضت من تقييمه أكثر من مرة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) الماضي.
واستنكر نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية، محمد شيمشك، تخفيض وكالة «موديز» تصنيفها لاقتصاد تركيا إلى درجة «عالي المخاطر»، مؤكدا أن حكومته ستتصدى لهذا القرار عبر إجراء مزيد من الإصلاحات الاقتصادية.
وقال إن الحكومة ستعمل على تحسين أداء ضريبة الدخل، وتعديل قانون براءة الاختراع، وتوقع مسؤول تركي أن تفقد بلاده ما يتراوح بين اثنين وثلاثة مليارات دولار من الأموال الأجنبية قد تنسحب بسبب خفض وكالة «موديز» تصنيفها الائتماني لتركيا.
وخفضت «موديز» تصنيفها للاقتصاد التركي، الجمعة الماضية، من «Baa3»، إلى «Ba1» وتوقع يغيت بولوت، المستشار الاقتصادي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن تشهد بلاده خروج استثمارات تتراوح قيمتها بين اثنين وثلاثة مليارات دولار عقب تخفيض وكالة «موديز» تصنيفها الائتماني لاقتصاد تركيا، مما سيرفع من تكلفة الاقتراض الخارجي.
وانخفضت مؤشرات البورصة التركية أكثر من 4 في المائة في بداية أسبوع التداول، (الاثنين)، كما تراجعت الليرة التركية، بعد أن خفضت «موديز» تصنيفها للاقتصاد التركي، وفقد المؤشر الرئيسي لبورصة إسطنبول أكثر من 3200 نقطة، ليصل إلى نحو 76500 نقطة، وانخفض مؤشر أسهم القطاع المصرفي تحديدا أكثر من 5 في المائة.
وتراجعت الليرة التركية نحو 0.6 في المائة مقابل الدولار، ليصل سعر الصرف إلى نحو 2.98 ليرة للدولار الواحد.
وارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل عشر سنوات إلى نحو 10 في المائة، وهو ما يعني ارتفاع تكلفة الاقتراض على الحكومة في أسواق المال.
وانتقدت الحكومة التركية قرار «موديز»، وقالت إن الوكالة غير محايدة، وأكد رئيس الوزراء بن علي يلدريم: «لا أعتقد أن هذه التقييمات حيادية، ونشاهد بوضوح وجود كثير من التوجيهات والمساعي لخلق تصور بحق الاقتصاد التركي».
وقال خبراء إن الإصلاحات في الاقتصاد الكلي ستفي بالغرض في إعادة رفع التصنيف الاستثماري الخاص بتركيا، موضحًا أن تركيا لن تتأثر كثيرًا بذلك القرار، كما في السابق، معللاً ذلك بوجود دعائم اقتصادية راسخة لم تكن موجودة إبان أزمات 1994 و1998 و1999، التي لعب خفض مؤسسات الاستثمار لتقييم تركيا الاستثماري دورًا كبيرًا في نشوبها.
واعتبر الخبراء أن الإصلاحات التي تحدث عنها نائب رئيس الوزراء قد تفي بالغرض في وقاية تركيا من أي أزمة اقتصادية، ولكن إلى جانب ذلك، لا بد من اتخاذ إجراءات لخفض النفقات العامة وتخصيص حصص من الميزانية للمشاريع التشغيلية مثل المطارات والسكك الحديدية والمناطق الصناعية المنتظمة وغيرها.
كما طالب الخبراء باستقبال المستثمرين والخبراء الاستثماريين الأجانب وتسهيل قدومهم إلى تركيا والإقامة فيها والحصول على الجنسية فيما بعد، وتسهيل الاقتراض من خلال تخفيف معاييره، وتخفيض معدل الفائدة، وإقرار قانون جديد خاص بالأيدي العاملة المحلية والأجنبية، وتحلي الحكومة بالشفافية.
ودعا الخبراء أيضا إلى رفع مستوى الادخار المحلي وتقليل التبعية للمؤسسات المالية الخارجية، الأمر الذي تمكنت تركيا من تحقيقه منذ فترة من الزمن، لكنها بحاجة إلى التخلص من التبعية بشكل شبه كامل.
ولفت شيمشيك إلى أن الاستقرار النفسي للمواطن التركي والمستثمر الأجنبي كفيل بأن يحافظ على عجلة الاستثمار في تركيا التي تتمتع بقواعد اقتصادية راسخة.
ورأى الخبراء أن محاولة الانقلاب الفاشلة ثم إعلان تركيا عن عمليتها العسكرية في شمال سوريا، إضافة إلى الانجراف المؤسسي الذي طرأ على السطح نتيجة عمليات تطهير الدولة مما يسمى عناصر «الكيان الموازي» وغيرها من العوامل أثرت سلبًا على تصنيف تركيا الاستثماري، مشيرين إلى أن العوامل المذكورة لا تتسم بالعمق والديمومة، بل هي مؤقتة، ويمكن تلافيها بأسرع وقت ممكن، وبالتزامن مع تلافيها ستستعيد تركيا عافيتها الاستثمارية.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي، نور الدين جانيكلي، إن الحكومة التركية عملت على تسريع تخفيض الفائدة التي تشكل العائق الأول للاستثمار، ولكن على ما يبدو فإن «موديز» لم ترَ إجراءات الحكومة أو لم ترغب في رؤيتها.
ووسط الانتقادات الحادة من جانب الحكومة لوكالة «موديز» واتهامها بالتحيز، خفضت الوكالة من تقييمها لمؤشرات سندات الرهن العقاري لستة بنوك تركية بالتزامن مع خفضها التصنيف الائتماني لتركيا من «Baa3» إلى «Ba1»، وتخفيضها سقف السندات بالعملة المحلية من «A3» إلى «Baa1».
وتضمن قرار «موديز» مؤشرات الرهن العقاري لكل من بنك الوقف التركي وأك بنك وبنك الضمان ودينيز بنك وشيكر بنك وبنك يابي كريدي، بينما تواصل مراقبة مؤشرات الرهن العقاري لبنك الوقف التركي من أجل تخفيض محتمل.
وعلى صعيد آخر، أعلنت الوكالة في بيانها تخفيض التصنيف الائتماني لإدارة التنمية السكنية (توكي) وبلدية إسطنبول وبلدية أزمير من «Baa3» إلى «Ba1»، واصفة الوضع الاقتصادي بالمتوقف، بينما أبقت على مؤشرات القياس القومي لكل من أزمير وإدارة التنمية السكنية (توكي) عند مستوى «Aaa3».
تركيا تُسرع خطوات الإصلاح الاقتصادي.. وتنتقد وكالات التصنيف الائتماني
«موديز» تخفض مؤشرات الرهن العقاري لستة بنوك
تركيا تُسرع خطوات الإصلاح الاقتصادي.. وتنتقد وكالات التصنيف الائتماني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة