مع ارتفاع أسعار الذهب في السوق المصرية في الآونة الأخيرة، وما ترتب على ذلك من ارتفاع قيمة المشغولات والمصوغات الذهبية؛ انطلقت حملات متعددة لمقاطعة شبكة العروس الذهبية، بهدف تخفيف الأعباء المادية على المقبلين على الزواج.
الحملات والمبادرات الشعبية تركزت بوجه خاص في القرى المصرية في عدد من المحافظات، سواء في صعيد البلاد أو دلتا النيل، وجميعها يسعى إلى خفض تكاليف الزواج، ومن فضاء الريف انتقلت المبادرات إلى الفضاء الإلكتروني، ليتسع نطاقها، وتنفيذ التجربة في مناطق أخرى.
**«سُترة» الفتيات أهم من «الشبكات» والمهور
ففي محافظة قنا، (600 كم جنوب القاهرة)، وتحديدًا قرية «الشاورية»، انطلقت حملة بعنوان «بلاها دهب»، التي تدعو إلى تخفيض نفقات الزواج والتخفيف على الشباب للتقليل من نسبة العنوسة التي ارتفعت في عدد كبير من القرى، وفي اجتماع للحملة ضم عددًا كبيرًا من أطياف المجتمع تم الاتفاق على توصيات تضمنت تحديد الأشياء الأساسية المطلوبة في تجهيزات منزل الزوجية، وتوفير الاحتياجات الضرورية فقط من أثاث وملابس وغيرها، مع الحفاظ على حقوق الشباب والفتيات بما يضمن حياة سعيدة. وبحسب أحد أعضاء الحملة فإنها تهدف لمحاربة الغلاء والتأكيد على أن «سُترة» الفتيات أهم من الغلاء في الشبكة والمهور، وكذلك دحض العادات والمفاهيم الخاطئة التي وضعتها السيدات في القرى منذ زمن بعيد، مثل المقارنة بين تجهيزات بناتهن وفتيات الجيران والأقارب، وهو ما زاد من الأعباء على الأسر وإرهاقها، في ظل الارتفاعات الكبيرة للأسعار.
ومن قرية «الشاورية» انتشرت فكرة الحملة إلى قرى أخرى بصعيد مصر، ومنها قرية «صفانية» بمحافظة المنيا، (240 كم جنوب القاهرة) التي عقدت اجتماعًا لكبار العائلات، وتم الاتفاق على تقليل نفقات الشبكة الذهبية والملابس وغيرها من النفقات، بهدف مساعدة وإعانة الشباب على الزواج، وتم التوقيع على وثيقة بين العائلات للالتزام بها.
**مبادرة للحد من ظاهرة «العنوسة»
وفي جانب آخر من محافظة المنيا، وتحديدًا قرية «بهدال»، انطلقت مبادرة أخرى تحت مسمى «الحملة الشعبية لتيسير الزواج»، حيث استضاف منزل عمدة القرية، وبمشاركة رجال دين وعدد كبير من رؤوس العائلات وأهالي القرية، اجتماعًا لاتخاذ خطوات جدية لإقناع الأهالي بإلغاء معوقات الزواج، واتخاذ تدابير من شأنها تيسير خطوات الزواج على الشباب، للحد من انتشار ظاهرة «العنوسة»، وارتفاع معدلات أعمار الأزواج الشباب.
وتوصلت الحملة إلى وضع حد أقصى لقيمة شراء شبكة العروس بألا تزيد قيمتها على 20 ألف جنيه مصر (نحو ألفي دولار)، ومشاركة العريس لعروسه في شراء المستلزمات، وإلغاء العادات الشعبية المكلفة مثل إقامة حفلات زفاف ضخمة وإقامة المآدب الغذائية.
في شمال مصر، لم يكن الأمر مختلفًا، ففي مدينة «نبروه» بمحافظة الدقهلية (120 كم شمال شرق القاهرة) نظمت إحدى الجمعيات الخيرية مؤتمرا جماهيريا للتخفيف في تكاليف الزواج تحت شعار «يسر ولا تعسر»، بحضور عدد كبير من رجال والشباب وكبار العائلات.
وبحسب الجمعية فإن مدينة نبروه تشتهر بالمغالاة في تكاليف الزواج والتجهيزات، وتحول الأمر لمنافسة بين العائلات، خاصة بما يسمى هدايا «والدة العريس»، والتي تلتزم أسرة العروس بتقديمها لأم العريس خلال فترة الخطوبة، بخلاف عادات أخرى تتمثل في سيارات محملة بالدواجن والمأكولات تهدى لها أيام الزفاف.
وهي العادات التي تطالب الجمعية بإلغائها لأنها تؤدي لاستدانة العريس وعائلته للوفاء بها، إلى جانب المطالبة بتخفيض قيمة شبكة العروس وتركها حسب مقدرة العريس، لأنها في الأصل هدية منه لزوجة المستقبل.
***حملات انطلقت من المساجد
أما في محافظة كفر الشيخ (نحو 170 كم شمال القاهرة) دشن أهالي قرية تدعى «شباس الملح» حملة لمقاطعة شراء الذهب، وأن يتم فقط إثبات قيمته في قائمة المنقولات ضمانًا لحق العروس، كما دعي أهالي القرية لعدم الإسراف في تجهيز الفتيات المقبلات على الزواج.
ويوضح القائمون على الحملة أنه تم توزيع بيان للحملة على أهالي القرية، عن طريق المساجد، والذي دعاهم إلى التحلى بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، وعملا بحديثه الشريف: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، كما حث البيان على أن تكف الأسر عن تقليد الآخرين حتى يكون الزواج «مودة ورحمة»، وأن يكون هناك اقتصاد في شراء مستلزمات العروسين، وترشيد الإنفاق تخفيفًا عن الأسرتين.
ويؤكد أصحاب الحملة أن الفكرة لاقت إعجاب الكثير من الأسر، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الذهب، وطلب الأهالي لعدد معين من الجرامات لإتمام الزفاف.
من جانب آخر، أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بصيرة (مركز أهلي) خلال شهر مارس (آذار) الماضي أن 47 في المائة من الإناث بمصر موافقات على الزواج من دون حفل زفاف، و73 في المائة موافقات على الزواج دون السفر لقضاء شهر عسل.
بدورها؛ قالت الخبيرة الاجتماعية دينا صلاح الدين لـ«الشرق الأوسط»، تعليقًا على هذه الحملات: «في رأيي أن حملات الزواج دون شبكة ذهبية مقبولة جدًا بين أوساط الشباب، فأي عاقل يفكر بشكل عملي لن يرى عيبًا في ذلك، أما على مستوى الأسر إذا وجدنا أبًا يستدين أو يبيع ممتلكاته ليشتري لابنته مستلزمات الزواج وبشكل مبالغ فيه للتظاهر للتفاخر أمام العريس وأهله، فبالطبع هذا الأب سيرى أن زواجًا من دون ذهب هو تنازل عن حق من حقوق ابنته».
وأضافت «صلاح الدين»، وهي مؤلفة كتاب «يالا نتجوز» الصادر بالقاهرة مطلع العام الحالي، والداعي إلى تيسير الزواج: «الأصل في اختيار الزوج والموافقة عليه حسن الخلق والدين، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فلم يذكر من ترضون ذهبه أو مهره، لكن للأسف نحن من نزيد الأمور تعقيدًا باللهث وراء عادات وموروثات بالية، وننسى الأصل والأساس الذي حدده الله لنا تيسيرًا علينا».
وتتابع: «الشبكة الذهبية في الأساس هدية من العريس لعروسه، فكيف للأهل أن يحددوا قيمتها أو عدد الجرامات التي يجلبها العريس، فهذه الظاهرة نجدها في الريف المصري أكثر من المدينة، لذا نرى أن هذه الحملات تركزت بشكل أكبر في القرى».
8:18 دقيقة
مصريون يطلقون حملات لمقاطعة شبْكة العروس الذهبية
https://aawsat.com/home/article/745486/%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%86-%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B7%D8%B9%D8%A9-%D8%B4%D8%A8%D9%92%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%87%D8%A8%D9%8A%D8%A9
مصريون يطلقون حملات لمقاطعة شبْكة العروس الذهبية
يرعاها كبار العائلات بهدف تيسير الزواج بعد ارتفاع أسعار المصوغات
- القاهرة: محمد عجم
- القاهرة: محمد عجم
مصريون يطلقون حملات لمقاطعة شبْكة العروس الذهبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة