هل تهتم مجموعة العشرين بمواجهة التغير المناخي؟

تمويل بـ«التنقيط» في بئر لا قرار لها

هل تهتم مجموعة العشرين بمواجهة التغير المناخي؟
TT

هل تهتم مجموعة العشرين بمواجهة التغير المناخي؟

هل تهتم مجموعة العشرين بمواجهة التغير المناخي؟

تحتاج الهند إلى 2.5 تريليون دولار لمواجهة التغير المناخي داخل البلاد، بينما يفشل قادة العالم في توفير 100 مليار دولار لمواجهة التغير المناخي العالمي، هذا هو مثال ملخص لجهود العالم لمواجهة خطر قد يهدد مستقبل الحياة على الكرة الأرضية ككل.
يحاول العالم أن يوقف الارتفاع المستمر في درجة الحرارة عن طريق فرض ضرائب على استخدام الكربون ودفع الدول النامية للاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة المتجددة بدلا من الوقود الأحفوري، ولكن هذا أمر يتطلب تمويلا كبيرا تضن به الدول المتقدمة على الدول النامية، ما يمنع تحقيق الهدف من المؤتمرات المتتابعة عن كبح درجة التغير المناخي، الموضوع الذي أصبح موجودا على جدول أعمال أي قمة عالمية، خصوصا اجتماع الـ20 الكبار، المتوقع عقده في 4 و5 سبتمبر (أيلول) المقبل بالصين.
ومن ضمن الـ19 دولة التي تشكل اجتماع الـ20 الكبار بجوار الاتحاد الأوروبي، هناك 18 دولة في قائمة الـ20 الأكثر تلويثا للمناخ في العالم، والاستثناء الوحيد هي الأرجنتين. ولو تم تعديل قائمة الدول الحضور وفقا للناتج الإجمالي، ربما ستتطابق القائمتان الأكثر تلويثا والأكبر اقتصادا، فنمو الاقتصاد يعتمد بطبيعته على استغلال قدر أكبر من الطاقة، في الزراعة والصناعة والاستهلاك والاستثمار وحتى التخزين، وهذا يضع عراقيل جديدة أمام إقرار أي اتفاق جدي في هذا الموضوع. وتطالب الدول الكبار دولة نامية، مثل الفلبين، بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتقول الفلبين إنها دون الحصول على مساعدات مالية، لن تتمكن من خفض مستوى الانبعاثات الضارة لديها، وربطت بين إمكانية خفض انبعاثاتها الضارة بواقع 70 في المائة بما يمكن أن تحصل عليه من أموال كتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بها جراء تلك الظاهرة.
وجاء في الخطة المقدمة للأمم المتحدة من الفلبين أن «خطة الفلبين تفترض أن الخسائر والأضرار الناتجة عن التغير المناخي والظواهر المتطرفة لن تتطلب توجيه موارد مستدامة إلى إعادة التأهيل والبناء، ما من شأنه التأثير سلبا على قدرة البلاد على تحقيق أهداف التنمية الوطنية». ونجحت 148 دولة من إجمالي 196 عضوا بالأمم المتحدة في تقديم خططها قبل الموعد النهائي في قمة المناخ بباريس العام الماضي، وهي الخطط التي تسميها المنظمة الدولية «المساهمات المقررة المحددة وطنيا»، التي تعتبرها أساسا للعمل على تدارك آثار التغير المناخي في فترة ما بعد عام 2020 عند دخول الاتفاق المقرر التوصل إليه بين الدول الأعضاء قريبا حيز التنفيذ، وتغطي تلك المساهمات قرابة تسعين في المائة من انبعاثات الكربون على مستوى العالم. وتقول الهند إن التحول إلى فئة الدول «قليلة الانبعاثات الضارة» تبلغ تكلفته نحو 2.5 تريليون دولار، وهو رقم مرعب، خصوصا في ضوء عدم توضيح الخطة لكيفية تدبير تلك الأموال الطائلة، فالخطة لم تحدد الجزء الذي ستتمكن الهند من توفيره من تلك الأموال اعتمادا على مواردها الخاصة، والجزء الذي تتوقع الحصول عليه من خلال مساعدات المجتمع الدولي والاستثمارات.
وتضمنت الخطة المكتوبة التي تقدمت بها الهند بعض الإجراءات المقترحة للسيطرة على التغير المناخي، والتي تبدو أنها مشروطة بالحصول على أموال من الدول الأكثر ثراء، وتقول الخطة إن «النجاح في تنفيذ المساهمة المقررة المحددة وطنيا مشروط بإبرام اتفاقية دولية طموحة تتضمن مزيدا من وسائل التنفيذ توفرها الدول المتقدمة». وتعهدت الدول المتقدمة بتوفير 100 مليار دولار للدول النامية لمساعدتها على التعامل مع ظاهرة التغير المناخي، في إطار خطة زمنية تمتد إلى عام 2020، لكن وزير البيئة الهندي رأى أن التكلفة سوف تتجاوز هذا الرقم إلى حدٍ بعيدٍ. يقول الوزير الهندي براكاش جافادكار: «أقول للعالم إن فاتورة الإجراءات اللازمة للتصدي للتغير المناخي تتجاوز مائة مليار دولار، وقد تصل إلى تريليونات الدولارات الواجب توفيرها كل عام». وأضاف أن «الدول سوف تتحمل مسؤوليتها، كل على حدة، لكن العالم الذي ثبت تاريخيا أنه مسؤول عن انبعاثات الكربون التي نعاني منها اليوم، لا بد أن يتحرك إلى نقطة أبعد من المائة مليار دولار». وركزت خطط بعض الدول على قضية الخسارة والأضرار التي تتعرض لها جراء التغير المناخي، وهي القضية التي أصبحت مثار جدل واسع النطاق في الآونة الأخيرة، إذ تطالب بعض الدول النامية الدول المتقدمة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بها جراء التغير المناخي، لكن هذه الفكرة تلقى مقاومة شديدة من الدول المتقدمة، خشية إلقاء مسؤوليات قانونية على عاتقها فيما يتعلق بتلك الأضرار.
وتكتفي بعض الدول الأوروبية بتطبيق ضريبة الكربون داخل أراضيها دون تقديم الدعم الكافي لدول أفقر لم تستفد مثلها من طفرات إنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري، رغم أنه يتعين على من يسهم بتلوث البيئة دفع ضريبة تتناسب مع حجم مساهمته الحالية والتاريخية. ولم يكن تطبيق ضريبة الكربون في الدول الأوروبية أمرا هينا من النواحي السياسية والاقتصادية والقانونية، وهذا يفسر حداثتها، فقد تبنتها ألمانيا عام 1999 وبريطانيا عام 2001 وفرنسا أخيرا.
وتسهم الضريبة حاليا في انتقال المشاريع إلى دول أخرى خالية من هذه الضريبة، وبالتالي لا تستطيع الضريبة بلوغ هدفها في الحد من انبعاث الغازات، بل تؤدي إلى تحويل هذا الانبعاث من دولة إلى أخرى (ظاهرة هروب الكربون)، ناهيك بالتداعيات الاقتصادية السلبية، وفي مقدمتها ارتفاع البطالة وتراجع الاستثمار، وهبوط إيرادات الميزانية العامة. لذلك أصر الأوروبيون طيلة العقود السابقة على ضرورة تطبيق ضريبة الكربون من قِبَل جميع الدول، وعلقوا على تبنيها هذا التطبيق الشامل، لكن البلدان الأخرى لم ترفض فقط هذه الضريبة، بل سعت أيضًا إلى العكس تماما، فقد قدمت دعما لصناعاتها التحويلية عن طريق نظام ازدواجية أسعار الطاقة، فاضطر الغرب لفرضها منفردة. وفي عام 2003 طبق الاتحاد الأوروبي نظام حصص الكربون، وفرضت دوله الكبرى ضريبة الكربون، كما أجرى تعديلا على رسومه الجمركية فأصبحت أسعارها مرتفعة على السلع المستوردة من دول لا تحدد سعرا للكربون. بطبيعة الحال، أثار هذا التغيير استياء البلدان النامية المصدرة التي لم تستطع حمل الاتحاد على إلغاء هذه الرسوم المرتفعة، وعندئذ تضررت هذه البلدان من الزاويتين التجارية والمالية، وباتت مصالحها تتطلب إعادة النظر في موقفها الرافض لضريبة الكربون.
* موقع الشرق الأوسط من التغير المناخي
موقف الدول الخليجية صعب للغاية فيما يخص خفض الانبعاثات الكربونية، فهناك 6 دول عربية ضمن قائمة أكثر 10 دول من حيث نصيب الفرد من الانبعاثات الكربونية، حيث تتصدر قطر القائمة، تليها الكويت في المركز الثالث، ثم الإمارات وعمان والسعودية والبحرين في المراكز من السابع إلى العاشر، لذلك تسعى هذه الدول لبذل مجهوداتها لخفض الانبعاثات الضارة غير المتلائمة مع الكثافة السكانية المنخفضة. أما باقي الدول العربية فتونس تخطط لخفض انبعاثات الكربون بنسبة 41 في المائة بحلول عام 2030 قياسا بعام 2010، ويخطط الأردن لخفض الكربون بنسبة 14 في المائة خلال نفس الفترة، وذلك بالتزامن مع موافقة السعودية، أكبر مستهلك للطاقة في العالم العربي، على خفض 26 في المائة من انبعاثاتها الكربونية، على ألا يكون تنفيذ هذا التخفيض عبئا غير طبيعي على اقتصاد البلد، بينما لم تحدد دول أخرى مثل الكويت أي نسب مستهدفة، لكن عبارة وردت في نص البيان الختامي لمؤتمر باريس قد تمثل حلا «متوافقا» لكثير من الدول العربية، إذ جاءت عبارة «نهدف إلى التوصل إلى توازن بين الانبعاثات التي سببتها أنشطة بشرية والانبعاثات التي تمتصها آبار الكربون خلال النصف الثاني من القرن»، وتعني آبار الكربون، المشروعات القادرة على امتصاص الكربون، المتمثلة بشكل رئيسي في زراعة الغابات وتقنية التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون المنبعث من المصانع والسيارات، وهي مشروعات إلى جانب أثرها الإيجابي على البيئة لها أيضًا مردود اقتصادي جيد.
فالغابات توفر دخولا جيدة للعاملين بها، بالإضافة إلى توفير الأخشاب اللازمة للصناعات، أما الكربون الملتقط فيتم استخدامه في حقن آبار البترول، وبالتالي زيادة إنتاجيتها بشكل كبير، وتنقسم الدول العربية ما بين الاختيارين؛ فدول شمال أفريقيا المستوردة للنفط تعتمد على الغابات اعتمادا على مياه الصرف الصحي المحلاة، بينما اتجهت دول الخليج أخيرا لاستخدام تقنيات استخدام ثاني أكسيد الكربون. أما فيما يخص مصر، فقد طالب صندوق النقد الدولي لسنوات مصر ودولاً أخرى بفرض ضريبة على أسعار الطاقة، بهدف علاج تأثيرات استخدام الوقود من تدهور بيئي وارتفاع أسعار الغذاء وخطر تغير المناخ بالإضافة لارتفاع معدل الوفيات نتيجة التلوث وحوادث الطرق، مشيرا إلى أن فرض الضريبة سيرشد استخدام الطاقة الملوثة سواء للمصانع أو السيارات. وقامت الحكومة المصرية برفع أسعار الطاقة في منتصف 2014، ومن المنتظر أن تقوم الحكومة بـ«رفع» آخر خلال الأشهر المقبلة. وليست مصر الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي قامت برفع أسعار الطاقة، فقد لجأت دول الخليج إلى رفع الدعم عن أسعار الوقود، بنسب مختلفة، نظرًا للتراجع الكبير في أسعار النفط العالمية، وبالتالي سينتج عن هذه القرارات ترشيد وخفض نمو استهلاك المواطنين من الطاقة، مما يؤدي بشكل غير مباشر، إلى تحسن وضعية دول المنطقة في مؤشر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».