معركة حماه: فصائل المعارضة السورية تصدّ هجومًا كبيرًا للنظام.. وتتوعّده بمفاجآت

بدأت تقدمها نحو جبل زين العابدين تمهيداً لوصولها إلى المطار العسكري

مدنيون سوريون يفرون أمس من بلدات ريف حماه الشمالي بعد اشتداد المعارك والقصف الجوي لقوات النظام والميليشيات المتحالفة من جهة وقوات المعارضة من جهة اخرى (أ.ف.ب)
مدنيون سوريون يفرون أمس من بلدات ريف حماه الشمالي بعد اشتداد المعارك والقصف الجوي لقوات النظام والميليشيات المتحالفة من جهة وقوات المعارضة من جهة اخرى (أ.ف.ب)
TT

معركة حماه: فصائل المعارضة السورية تصدّ هجومًا كبيرًا للنظام.. وتتوعّده بمفاجآت

مدنيون سوريون يفرون أمس من بلدات ريف حماه الشمالي بعد اشتداد المعارك والقصف الجوي لقوات النظام والميليشيات المتحالفة من جهة وقوات المعارضة من جهة اخرى (أ.ف.ب)
مدنيون سوريون يفرون أمس من بلدات ريف حماه الشمالي بعد اشتداد المعارك والقصف الجوي لقوات النظام والميليشيات المتحالفة من جهة وقوات المعارضة من جهة اخرى (أ.ف.ب)

أخفق النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه في وقف تقدّم فصائل المعارضة في ريف محافظة حماه الشمالي. ولم تفلح التعزيزات العسكرية التي استقدمها في استعادة أي من البلدات التي سيطرت عليها المعارضة خلال الأيام الأربعة الأخيرة. وفي حين استعاض النظام عن خسائره الميدانية بارتكابه المزيد من المجازر بحق المدنيين جراء القصف الجوي على المناطق المأهولة بالسكان، وعدت المعارضة بـ«مفاجآت سيُسمع صداها خلال ساعات»، مؤكدة أن كل الغارات الجوية لن تثنيها عن «تحرير مطار حماه العسكري والانصراف إلى المعركة الكبرى في المدينة».
في هذه الأثناء، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «أكثر من 30 مدنيًا بينهم 10 أطفال، قتلوا في مجزرة نفذتها الطائرات الحربية، خلال قصفها مساء الخميس بلدة صوران». وأعلن أن «عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالة الخطر». وأشار إلى أن «القصف الجوي تركز خلال الساعات الـ24 الماضية على الطريق الواصل بين ريف حماه الشمالي وريف محافظة إدلب الجنوبي».
وميدانيًا، تواصلت أمس الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهة ثانية، على محور طيبة الإمام ومعردس بريف حماه الشمالي الغربي. إذ شنّت قوات النظام والميليشيات الموالية لها هجومًا معاكسًا، حاولت فيه استعادة ما خسرته من مناطق خلال الأيام الأربعة الفائتة، والتي كانت الفصائل سيطرت عليها، وهي بلدات: معردس والمصاصنة والبويضة وحلفايا وطيبة الإمام وصوران وتل بزام وزور المحرقة وزور الحيصة وزور الناصرية وتلتها وبطيش وزلين والزلاقيات والويبدة وحواجز الترابيع وحواجز ومواقع عسكرية أخرى لقوات النظام في ريفي حماه الشمالي والشمالي الغربي، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل، بعد تصدّي مسلحي المعارضة لها.
أما في تفاصيل العمليات، فأكد الناطق الإعلامي باسم «جيش النصر» محمد رشيد أن «قوات الأسد الميليشيات الشيعية والكتائب الروسية حاولت التقدم اليوم (أمس) باتجاه معردس، من ثلاثة محاور، لكن تمّ صد الجهمات وتكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والآليات». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، توعّد الرشيد بـ«مفاجآت هامة جدًا على جبهات حماه، سيتردد صداها خلال ساعات». وقال: «نحن ماضون في تقدمنا حتى تحرير مطار حماه العسكري ومن ثمّ مدينة حماه بالكامل». ويبدو أن الفصائل المعارضة تعمل وفق خريطة عسكرية. إذ أوضح رشيد أنه «بعد تحرير معربس نتجه الآن إلى جبل زين العابدين الذي يشكّل أكبر ثكنة عسكرية للنظام، ومن بعده ستكون محطتنا الثانية مدينة قمحانة الموالية للنظام، ثم نصل بعدها إلى أسوار مطار حماه العسكري لتبدأ معركة تحريره».
من جهته، أشار «مكتب أخبار سوريا» المعارض، إلى أن الطيران الحربي الروسي، نفذ غارات عدّة على مدينة كفرزيتا الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماه الشمالي، وقصف بالصواريخ الفراغية المشفى التخصصي في المدينة، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة نتيجة أضرار كبيرة لحقت بمعداته وأثاثه.
وعن التأثير المباشر للقصف الجوي على العمليات الميدانية، أعلن مصدر عسكري في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطيران الروسي كان ولا يزال جزء من معركة حماه»، لافتًا إلى أن «الغارات الروسية لم تتوقف عن المدن والبلدات التي حررها الثوار». وكشف أن «الفصائل الثورية تعمل وفق تكتيك ناجح، إذ أنها قسّمت الجبهات إلى قطاعات، وتولّى كل فصيل الهجوم عبر القطاع الخاص به، وهو ما حقق هذا التقدم الكبير والناجح». وأوضح المصدر العسكري أن «تأثير القصف الجوي على الثوار محدود جدًا، لكن النظام الذي لا يستطيع تبرير هزائمه على الأرض ينتقم من المدنيين ويرتكب المجازر بالأبرياء».
بدوره، أفاد الناشط الإعلامي المعارض محمد العابد، أن الطيران «استهدف بأكثر من 70 غارة بالصواريخ الفراغية والقنابل الفسفورية والعنقودية ليل الخميس، مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماه، تركزت معظمها على مدن حلفايا وصوران وطيبة الإمام». وأكد أن «مواجهات عنيفة اندلعت بين مسلحي المعارضة وقوات النظام قرب قرية معان بريف حماه الشمالي الشرقي، أسفرت عن مقتل وجرح أكثر من 20 مقاتلاً من الطرفين، في حين دمر مقاتلو المعارضة دبابة وأعطبوا أخرى، عبر استهدافهما بصاروخين مضادين للدروع».
وقال الناشط المعارض، إن فصائل المعارضة «استهدفت بشكل مكثف، بالصواريخ وقذائف محلية الصنع، جبل زين العابدين الذي يعد ثكنة عسكرية للقوات النظامية شمال شرقي مدينة حماه، والذي يبعد عنها نحو سبعة كيلومترات، إذ يعد ثاني أكبر تجمع للنظام بعد مطار حماه العسكري في المنطقة».
وكانت المعارضة قد سيطرت أول من أمس، على قرية معردس وكتيبة الصواريخ وحاجزي الكازية والمطاحن، بعد اشتباكات مع القوات النظامية، أسفرت عن سقوط عدد غير معروف من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين، كما استولت الفصائل على كميات كبيرة من الصواريخ والأسلحة المتوسطة والخفيفة والذخائر.
على صعيد آخر، أعلن «جيش العزة» مساء أمس عن إسقاطه مروحية روسية بصاروخ «تاو» في منطقة رحبة خطاب في ريف حماه الشمالي الغربي. وعرض على حسابه على موقع «تويتر» فيديو يظهر لحظة استهدافها حيث شوهدت ألسنة النيران تتصاعد منها. كما نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مصادر وصفها بأنها موثوقة تأكيدها تدمير المروحية الروسية، لافتا إلى أن المعلومات لا تزال متضاربة حول مصير طاقمها مشيرا في الوقت عينه إلى ورود معلومات عن مقتل عدد من أفراده.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».