سياسي ألماني بارز يدعو لتسهيل ترحيل «دعاة الكراهية»

ألمانيا: الكتلة المسيحية تخطط لـ«ضربة قاضية» في التعامل مع المشبوهين بالتطرف

إجراءات أمنية خارج محطات القطارات بعد تلقي تهديدات إرهابية (أ.ب)
إجراءات أمنية خارج محطات القطارات بعد تلقي تهديدات إرهابية (أ.ب)
TT

سياسي ألماني بارز يدعو لتسهيل ترحيل «دعاة الكراهية»

إجراءات أمنية خارج محطات القطارات بعد تلقي تهديدات إرهابية (أ.ب)
إجراءات أمنية خارج محطات القطارات بعد تلقي تهديدات إرهابية (أ.ب)

وصف المستشار الألماني الراحل هيلموت شميدت السياسة قبل 40 سنة بالـ«رياضة القتالية»، ويبدو أن الكتلة المسيحية التي تقودها المستشارة أنجيلا ميركل تود توجيه سياسة «الضربة القاضية» للاجئين المشبوهين بالإرهاب والإجرام ضمن سياسة الترحيل القسري التي تقترحها. وعرضت صحيفة «دي فيلت» الواسعة الانتشار الخطوط العامة لمزيد من قوانين التشدد في إطار الحرب على الإرهاب التي يود التحالف المسيحي تقديمها إلى الحكومة قريبًا.
وتأتي هذه التصورات بعد أقل من شهر من حزمة القوانين الجديدة المتشددة التي قدمها وزراء داخلية الولايات التي يحكمها الحزبان المسيحيان في ألمانيا. وترى المقترحات الجديدة اعتماد سياسة «الضربة القاضية» في «ترحيل اللاجئين القسري من ألمانيا عند ارتكابهم جنايات معينة». ويفترض، بحسب تقرير «دي فيلت» أن تطرح هذه المقترحات على الاجتماع المشترك لكتلة الحزبين المسيحيين الذي انعقد أمس الخميس في العاصمة برلين. وتدعو المقترحات إلى منح السلطات صلاحيات أكبر في التحقيقات في قضايا الإرهاب وخصوصًا في الرقابة على الإنترنت وفك شفرة الأحاديث والمراسلات التي تتم على صفحات التواصل الاجتماعي.
ويرى المقترح هنا ضرورة إلزام الصفحات المانحة لوسائل الاتصالات بتسجيل كافة المراسلات والمكالمات التي تتم عبرها ووضعها تحت تصرف الشرطة. ولا تكفي فترة حفظ المعطيات من قبل الصفحات المانحة على الإنترنت، والتي لا تزيد عن بضعة أسابيع، لاستكمال التحقيقات الأمنية حول الاتصالات الإرهابية المشفرة والمعقدة، وترى المقترحات لذلك ضرورة حفظها لفترة أطول ووضعها تحت تصرف دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة). ومن الضروري، من وجهة نظر الكتلة المسيحية، سحب الجواز الألماني من حملة الجنسية المزدوجة من ذوي الصلة بالإرهابيين، مثل العائدين من القتال إلى جانب «داعش» في سوريا والعراق. والمقترح إلى جانب حرية أكبر للسلطات في فرض الرقابة المرئية (الفيديو) والمسموعة على المشتبه بهم.
ومن المهم تشديد الرقابة على المتطرفين المشتبه بهم في ألمانيا عند حصول عمليات إرهابية في الخارج، ويجري عند الضرورة مراقبة حركتهم بالطائرات الصغيرة الذاتية الطيران «الدرون»، وتحديد أماكن حركتهم وفرض إثبات الوجود أمام الشرطة عليهم بشكل مستمر. وبهدف التحقق من هويات طالبي اللجوء، في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية، تنبغي قراءة معطيات هواتف اللاجئين الجوالة لمعرفة اتصالاتهم. ويرى المقترح أن لا يقتصر هذا الإجراء على النقاط الحدودية مع البلدان المجاورة وإنما أن يشمل المطارات والمحطات الدولية. ومن المفترض أن تتيح الإجراءات للشرطة استخدام الرادارات والتقنيات الحديثة لتتبع حركة سيارات المشتبه بهم ومراقبة اتصالاتهم. سبق لحزمة القوانين المتشددة التي أقرتها الحكومة مطلع العام الجاري أن أتاحت للسلطات تسفير مرتكبي الجرائم من اللاجئين، لكن المقترحات الجديدة ترمي لترحيل مرتكبي التحرشات الجنسية والاعتداءات على الشرطة.
وقد استفسرت «الشرق الأوسط» من الكتلة المسيحية عن المشمولين بالضربة القاضية، لكنها لم تتلق ردًا. وتسعى الكتلة المسيحية إلى إقناع حليفها الحكومي، وهو الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بهذه المقترحات، وإقناعه أيضًا بضرورة اعتبار المغرب والجزائر وتونس بلدانا آمنة يمكن تسفير اللاجئين إليها. جاء تأكيد هذه التصورات على لسان برلماني ألماني قال: إنه يريد تسهيل ترحيل «دعاة الكراهية» من ألمانيا.
وذكر شتيفان ماير، العضو البارز في البرلمان الألماني يوم أمس الخميس، أن ألمانيا يجب أن تعدل قوانينها بحيث يكون من الأسهل ترحيل «دعاة الكراهية» وغيرهم ممن يمكن أن يشكلوا خطرًا أمنيًا. وقال ماير، عن الاتحاد الاجتماعي المسيحي، لصحيفة «باساور نويه برسه» بأن ألمانيا اتخذت خطوات واسعة في تصديها للمتشددين الإسلاميين، لكن الأمر يتطلب مزيدًا من العمل بما في ذلك اتخاذ خطوات لترحيل المزيد من المهاجمين المحتملين.
وأضاف ماير، من الحزب البافاري الشقيق للحزب الديمقراطي المسيحي «علينا أن نغير متطلبات الإقامة بحيث تسير في هذا الاتجاه... يجب أن نجري ترحيلات على نحو أشد صرامة مثل بافاريا التي تقدم نموذجا حقيقيا للولايات الأخرى».
واستشهد ماير بإيطاليا التي رحلت 102 من «دعاة الكراهية» منذ بداية العام الماضي، مشيرًا إلى أنهم لم يكونوا مدانين، لكنهم كانوا في طريقهم إلى التطرف. وتطرقت ميركل أيضا خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي أول من أمس الأربعاء إلى ضرورة ترحيل المزيد من المهاجرين الذين منعوا من اللجوء في ألمانيا أو غيرها.
وقامت ألمانيا بترحيل نحو 16 ألف مهاجر رفضت طلبات لجوئهم خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى نهاية يوليو (تموز) مقارنة مع ترحيل 21 ألف شخص في عام 2015 بأكمله. وقبل نحو 35 ألف مهاجر الحصول على إعانات مالية وغادروا طوعًا. بحلول نهاية يوليو كان من المفترض أن يغادر نحو 215 ألف مهاجر البلاد لكن سمح لنحو 163 ألفا بالبقاء لأسباب إنسانية وفقا لبيانات حكومية.
وقال ماير بأن ألمانيا بحاجة أيضا لتشديد الرقابة على عشرات من مساجدها التي يزيد عددها عن 2000 مسجد، وأن تتوقف عن السماح لها بجلب دعاة من بلدان عربية. وأضاف أن على أوروبا أن تعجل أيضًا بتبادل المعلومات بين أجهزة المخابرات. إلى ذلك، ورغم استمرار الجدل حول جدوى إنزال الجيش لمحاربة الإرهاب في المدن، أعلن وزير الداخلية توماس دي ميزيير ووزيرة الدفاع اورسولا فون دير لاين، عن اتفاقهما مع «عدد» من وزراء داخلية الولايات على أن يبدأ الجيش والشرطة تدريباتهما المشتركة لمواجهة «عمل إرهابي جسيم» في فبراير (شباط) المقبل. تجري التدريبات المشتركة في أربع ولايات ألمانية، بينها بريمن والراين الشمالي فيستفاليا، وقالت فون دير لاين بأنه سيعلن عن البقية لاحقًا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».