قال هارولد بورنشتاين، الطبيب الخاص للمرشح الجمهوري دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي، لتلفزيون «إن بي سي»: إنه «لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة أن كان مرشح لرئاسة الولايات المتحدة في صحة ممتازة مثل دونالد ترامب». وبات واضحًا أن في تصريحه نوع من المبالغة. ولم يكن تصريح صادم مثل هذا أن يصدر من طبيب.
هذا ما قاله ليستر هولت، مقدم النشرة الإخبارية المسائية في «إن بي سي». وأضاف: «في مقابلة خاصة معنا، قال د. بورنشتاين إنه كتب تقريرا عن صحة ترامب فقط في خمس دقائق، بينما كان ترامب ينتظر في سيارته أمام المبنى الذي فيه عيادة د. بورنشتاين في شارع بارك في نيويورك».
وكان كتب بورنشتاين التقرير في بداية هذا العام، عندما ألح صحافيون على ترامب أن يكشف للشعب الأميركي صحته، وإن كان مصابا بأي مرض قد يهدد حياته. في ذاك الوقت، لم يدقق الصحافيون في الخطاب، أو في مصداقية الطبيب الذي كتبه.
لكن، عاد الصحافيون إلى تقرير الطبيب بعد أن قال ترامب، في الأسبوع الماضي، إن صحة منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون «ليست طيبة». وإنها مصابة بـ«مرض عقلي، لكنها تحرص على عدم كشفه».
* صحة الرؤساء.. تحت مجهر الإعلام
وفور ذلك التصريح المثيل للجدل، سارعت صحيفة «نيويورك تايمز» بانتقاد ترامب وكتبت: «لا نعتقد أن صحة المرشح لرئاسة الولايات المتحد يجب أن تكون خارج حدود التغطية الصحافية. ونعتقد أن أي سؤال عن صحة كلينتون، أو صحة ترامب، حق مشروع». لكنها أضافت بان ترامب يركز على الحملات الشخصية، وله «سجل غير مشرف» في هذا المجال.
كما أشارت الصحيفة إلى أن جون ماكين، مرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة في انتخابات عام 2008 (الذي نافس أوباما)، نشر تقريرا صحيا مفصلا عن حياته، يتكون من ألف صفحة تقريبا.
وكان الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، عندما ترشح للرئاسة عام 1980، يسمح للصحافيين بالاطلاع على تقرير شهري كان يصدره طبيبه الخاص. وفعل نفس الشيء ميت رومني، المرشح الجمهوري للرئاسة عام 2012 (الذي نافس أوباما في دورته الثانية). وفي الأسبوع الماضي، ذكرت قناة «سي إن إن» أن حملة ترامب على صحة كلينتون «تزييف انتخابي». وأن ترامب هو الذي يقصر في كشف معلومات خاصة عنه، مثل صحته، ومثل الضرائب التي يدفعها.
لهذا، في الأسبوع الماضي، عاد صحافيون إلى الخطاب المكون من أربع فقرات الذي كتبه طبيب ترامب الخاص. ولاحظ كاتب في موقع صحيفة «واشنطن بوست» الآتي عن الخطاب:
أولا: توجد فيه أخطاء إملائية (يمكن أن يشكك ذلك في جدية الطبيب).
ثانيا: توجد فيه مبالغات (مثل أنه أكثر مرشح صحي في تاريخ الولايات المتحدة).
ثالثا: توجد فيه عبارة «نتائج إيجابية» مكررة كثيرا (دون تقديم تفاصيل طبية).
رابعا: تصريحات الطبيب للصحافيين «تبدو غريبة» (مثل تصريحاته لتلفزيون «إن بي سي»).
* مرض» كليتنون.. بين الحقيقة والمبالغة
قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن خطاب طبيبة هيلاري كلينتون ليزا باراداك «يبدو أنه يهون مشكلات صحية كانت وصفت في وقت سابق أنها أكثر خطورة». مثل أنها «شفيت تماما» من ارتجاج في المخ حدث لها في عام 2012. وأن الشفاء استغرق «شهرين فقط». وبدا هذا التقييم غريبا لأن الرئيس السابق بيل كلينتون قال، في ذلك الوقت، إن زوجته تحتاج إلى ستة أشهر من «العناية الصحية الجادة».
هل يعني هذا أن طبيبي كل من ترامب وكلينتون قد بالغا؟
قد يكون ذلك أمرا حقيقيا نوعا ما، لكن ترامب بالغ بالفعل في استغلال شهادة طبيبة كلينتون ليقول إن المرشحة عن الحزب الديمقراطي لا تصلح لتكون رئيسة لأميركا. ويستغل ترامب شيئا آخر، وهو أن منافسته امرأة. وليس سرا أن ترامب يشتهر بتصريحات مثيرة للجدل عن النساء.
فيوم الخميس الماضي، في مقابلة مع قناة «فوكس»، نوه ترامب بأنه يعتقد أن النساء ضعفاء في أمور كثيرة منها رئاسة البلاد. كما قال: «كل ما أريد قوله هو أن هيلاري (كامرأة) ليست قوية بما فيه الكفاية لتكون رئيسة للولايات المتحدة، وزعيمة للعالم الحر».
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» عن هذا بأنه يعني أن ترامب يفرق بين أمرين: صحة كلينتون وقدرتها على رئاسة البلاد.
* الإعلام اليميني يستغل الموقف
لكن، في بعض مواقع الإنترنت اليمينية، لا يوجد غمز أو لمز، بل توجد إشارات مباشرة إلى أن كلينتون «امرأة»، أو «امرأة عجوز»، أو «امرأة ضعيفة». وتوجد معلومات عن وسادة تضعها كلينتون في أسفل ظهرها كلما جلست لفترة طويلة (لمقابلة صحافية، مثلا). ويوجد فيديو يظهر كلينتون تطلب مساعدة رجل بينما كانت تصعد سلالم مغطاة بالجليد، في الشتاء الماضي.
في الأسبوع الماضي، انضم إلى حملة المشككين في صحة كلينتون عمدة نيويورك السابق، رودي جولياني. قال إن الصحافيين «الليبراليين» يخفون معلومات عن «تدهور صحة» كلينتون. ودعا الناس إلى تجاهل الصحافيين، وإلى البحث في «غوغل» تحت عبارة «مرض هيلاري كلينتون».
وانضمت، في الجانب الآخر دفاعا عن كلينتون، مجلة «غلامر» النسائية. كتبت تحت عنوان: «التركيز على صحة هيلاري كلينتون ليس إلا لأنها امرأة». وقالت إن في الموضوع «تفرقة جندرية».
وإنه، عبر التاريخ، ظل يوجد تمييز على أساس الجنس. و«تظل النساء، منذ فترة طويلة، يواجهن الصورة النمطية بأنهن ضعيفات».
في الحقيقة، توجد معلومات كثيرة عن هذا الموضوع. مثل إنه، في القرن التاسع عشر، نصح طبيب النساء بعدم التزحلق على الجليد «لأن هذه رياضة تحتاج لتركيز ذهني، وهي شاقة جدا لنساء ضعيفات، وعصبيات، وغير مدربات». وفي القرن العشرين، عندما أنهت كاثرين سويتزر ماراثون بوسطن، حذر أطباء من أن «رحمها سينهار» إذا أجهدت نفسها كثيرا. بل حتى اليوم، في الألعاب الأولمبية، لا يسمح للنساء بالمنافسة في سباقات قاسية، مثل سباق السباحة الحرة لمسافة 1500 متر.
وأخيرا، كما قالت مجلة «غلامر»، إذا استمرت كلينتون تتفوق على ترامب في الاستطلاعات الشعبية، ربما سيلجأ ترامب إلى آخر سلاح في جعبته، وهو أنه رجل، وكلينتون امرأة. في الحقيقة، بدأ ترامب يقول ذلك عندما يكرر عبارة أن كلينتون «لا تصلح» لتكون رئيسة للجمهورية.
صحة ترامب وكلينتون تشغل الإعلام الأميركي
علامات استفهام حول التقرير الطبي للمرشح الجمهوري .. ومنافسته فريسة لليمينيين
صحة ترامب وكلينتون تشغل الإعلام الأميركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة