الوجود الصيني في الشرق الأوسط بين الرفض والحاجة

مع تزايد أهمية المنطقة كأكبر مورد للنفط وسابع أكبر شريك تجاري

الجناح الصيني في القرية العالمية في دبي عام 2014
الجناح الصيني في القرية العالمية في دبي عام 2014
TT

الوجود الصيني في الشرق الأوسط بين الرفض والحاجة

الجناح الصيني في القرية العالمية في دبي عام 2014
الجناح الصيني في القرية العالمية في دبي عام 2014

كثر الحديث هذه الأيام في وسائل الإعلام الصينية المحلية والدولية عن احتمال تغيير سياسة بكين في منطقة الشرق الأوسط واحتمالات مشاركتها عسكريًا في الحرب في سوريا، وذلك بعد الزيارة التي قام بها وفد عسكري صيني إلى سوريا مؤخرا وتوصل خلالها الجانبان إلى اتفاق حول تعزيز التعاون بين الجيشين السوري والصيني وتعزيز تدريبات الأفراد وتقديم مساعدات إنسانية لسوريا. جاء ذلك بعد لقاء اللواء غوان يوفي، مدير قسم التعاون الدولي في اللجنة العسكرية المركزية الصينية مع سيرغي تشفاركوف، رئيس المركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة في سوريا.
الصين ظلت حذرة تجاه أي انخراط فعلي في أي عمل عسكري مباشر في منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية أثاره نبأ إعدام الرهينة الصيني جينغ هوي في سوريا العام الماضي، ووجهت اتهامات إلى السلطات بالتقصير وبتجاهل قضيته وعدم التفاعل معها.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية هونج لي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، إن الحكومة الصينية تدين بشدة الجرائم الفظيعة المقترفة ضد الإنسانية، ويجب تقديم المجرمين للعدالة، ووصف الإرهاب بالتحدي المشترك الذي تواجهه البشرية، مشيرا إلى أن الصين ستواصل تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب مع المجتمع الدولي، والحفاظ على السلام والهدوء العالمي.
وقال لي جيون المسؤول في المكتب الوطني الصيني لمكافحة الإرهاب خلال مؤتمر مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود في إطار المنتدى الإقليمي للاسيان الـ13 الذي عقد في مايو (أيار) 2015، إن الصين تواجه نفس التهديدات الإرهابية التي يواجهها المجتمع الدولي، مضيفا أنه في السنوات الأخيرة، برزت مشكلات خروج المتطرفين الصينيين من قوانغشي ويوننان وغيرهما من مناطق الصين الحدودية بطريقة غير شرعية للذهاب إلى سوريا والعراق والبلدان الأخرى عبر تركيا والمشاركة في الحرب هناك، تأثرا بالدعاية والتجنيد من قبل «حركة تركستان الشرقية الإسلامية» والقوى الإرهابية الدولية الأخرى. وفى هذا الصدد، ذكر لي جيون أنه حسب المعلومات المتوفرة لدى الصين، فإن هناك نحو 300 صيني يشاركون في الحرب بسوريا، ومعظمهم ينتمون إلى فرع «حركة تركستان الشرقية الإسلامية».
وكانت الهيئة التشريعية الصينية العليا قد صادقت في عام 2015 على أول قانون لمحاربة الإرهاب في البلاد في محاولة لمواجهته في الداخل والتعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق الأمن في العالم. ودخل القانون حيز التنفيذ في بداية السنة الحالية. وينص القانون أيضًا على أن «الصين تعارض جميع أشكال التطرف التي تسعى إلى بث الكراهية والتحريض على التمييز والعنف من خلال تشويه مذاهب دينية ووسائل أخرى، وتعمل على التخلص من الأساس الآيديولوجي للإرهاب».
وتعرف الصين جيدا بأن وقوفها خارج دائرة التدخل المباشر في حل القضايا الدولية الساخنة بما فيها القضية السورية لن يكون طويلا.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة تهنئة عام 2016: «العالم كبير وكبير جدا، يعاني من الكثير من المشكلات، والمجتمع الدولي يتطلع إلى سماع صوت الصين، ورؤية برنامج الصين، ولا يمكن للصين أن يكون غائبا». لكن، يعتقد الخبراء الصينيون أنه من الصعب أن تتعاون الصين عسكريا مع الغرب في منطقة الشرق الأوسط بسبب سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع الإرهاب. وقال جو وي لي، مدير «بنك الأفكار» بمعهد الشرق الأوسط بجامعة شانغهاى للدراسات الدولية، إن الدول الغربية تحارب تنظيم داعش وتستغله في نفس الوقت مثلما فعلت تجاه تنظيم القاعدة قبل وبعد الحرب في أفغانستان التي اندلعت عام 2001.
وفي ورقة مواقف الصين في الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2014، ترى الصين أنه يتعين على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي القيام بدور قيادي وتنسيقي في الحملة الدولية ضد الإرهاب.
كما تعرف الصين جيدا أن استمرار التوترات في منطقة الشرق الأوسط وتدفق اللاجئين إلى أوروبا لفترة طويلة قد يمتد إلى الصين يوما ما، وأن إعادة الاستقرار للشرق الأوسط بحاجة إلى جهود مشتركة من دول المنطقة والمجتمع الدولي، وأن غياب الصين عن المنطقة لا يساعد عن حل القضايا هناك، فلا بد أن يكون للصين حضور في قضايا الشرق الأوسط. غير أن ما يثير قلق الخبراء بشكل أكبر هو كيفية تعاطي السياسة الصينية مع الشرق الأوسط؟
قال تيان ون لين باحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد الصين للدراسات الدولية المعاصرة في تعليق نشرته صحيفة «خوان تشيو» الصينية على موقعها الإلكتروني، إن الصين لا يمكن أن تغيب طويلا عن قضايا الشرق الأوسط في ظل تزايد أهمية المنطقة بالنسبة للصين يوما بعد يوم، وباتت الدول العربية أكبر مورد للنفط وسابع أكبر شريك تجاري وسوقًا هامة للمقاولات والاستثمارات الخارجية للصين. وأشار إلى أن هناك حاليًا مجالا لتوسع سياسات الصين تجاه الشرق الأوسط. فمنذ فترة طويلة، تشارك الصين في البناء الاقتصادي بالمنطقة، لكن نسبة مشاركتها في المجالات المتعلقة بالنواحي الأمنية والسياسية والعسكرية محدودة، والآن ينبغي عليها السعي إلى أن يكون لها حضور في هذه النواحي الثلاث.
كما ذكرت الصين في وثيقة رسمية خاصة هي الأولى من نوعها حول سياسة الصين تجاه الدول العربية والتي أصدرتها قبيل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية ومصر وإيران في بداية هذا العام، إنها تحرص على تعزيز التواصل والتعاون مع الدول العربية في مجال مكافحة الإرهاب، مؤكدة أن الصين ترغب في التعاون مع الدول العربية في إقامة آلية طويلة الأمد للتعاون الأمني وتعزيز الحوار بشأن السياسات وتبادل المعلومات الاستخباراتية وإجراء التعاون الفني وتدريب الأفراد، بما يواجه التهديدات الإرهابية الدولية والإقليمية بشكل مشترك. وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطاب ألقاه في مقر جامعة الدول العربية خلال زيارته إلى مصر بداية هذا العام: «نعمل على النصح بالتصالح والحث على التفاوض ولا نقوم بتنصيب الوكلاء؛ نبذل الجهود لتكوين دائرة الأصدقاء للحزام والطريق التي تغطي الجميع ولا ننتزع ما يسمى بـ(مجال النفوذ) من أي واحد، نسعى إلى حياكة شبكة شركاء تحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك ولا ننوي (ملء الفراغ) ».
أكدت الصين في وثيقة حول سياسة الصين تجاه الدول العربية التزامها بتطوير علاقاتها مع الدول العربية على أساس المبادئ الخمسة المتمثلة في الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضي، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي. وتتمسك بحل القضايا الساخنة في المنطقة بطرق سياسية وتدعم إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، كما تؤيد الجهود الحثيثة التي تبذلها الدول العربية من أجل تعزيز التضامن ووضع حد لانتشار الأفكار المتطرفة ومكافحة الإرهاب وغيرها. وتحترم الصين خيار شعوب الدول العربية، وتدعم جهود الدول العربية في استكشاف الطرق التنموية التي تتناسب مع خصوصياتها الوطنية بإرادتها المستقلة.
ويعتقد تيان ون لين، أن حضور الصين في قضايا الشرق الأوسط ينبغي أن يكون بصورة ملائمة ووفقا لقدراتها الخاصة. وأن الصين ينبغي أن تتبع ثلاثة مبادئ مهمة لتعزيز حضورها في الشرق الأوسط في ظل الأوضاع الراهنة المعقدة في المنطقة. أولا، لا بد للصين من توظيف مزاياها السياسية توظيفا كاملا. ثانيا، ضرورة تأكيد الصين مجددا على المنفعة المتبادلة وبناء «مجتمع ذي مصير مشترك». ثالثا، ضرورة أن تتفق قدرة الصين مع رغبتها وتشارك في قضايا المنطقة بالشكل الملائم، موضحا أن البعد الجغرافي لمنطقة الشرق الأوسط عن الصين، يجعل مشاركة الصين في قضايا المنطقة في حدود قدراتها.



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.