على أثر إعلان وزارة الداخلية في بيان متحدثها الأمني، كان الإنجاز الأمني السعودي الأمر الأكبر وإن لم يكن مفاجئًا؛ إذ كانت محافظة القطيف (شرق السعودية) على أهبة الاستعداد في تحطيم خطط تنظيم داعش وقيادته المركزية في سوريا، بإحباط عمليتين إرهابيتين في أقل من شهر.
فبعد محاولات من قبل تنظيم داعش لاستهداف المساجد والمصلين، حاول التنظيم انتهاج منهج آخر في محاولة هي الأولى داخل السعودية لاستهداف أماكن التجمعات والارتياد البشرية، بعد أن نجحت تلك العمليات في أماكن أخرى من أوروبا، فجاء إعلان وزارة الداخلية كاشفًا عن إحباط عمل نوعي خطط له التنظيم عبر اثنين من أفراده، أحدهما سعودي والآخر سوري الجنسية.
فتمكن رجال الأمن من إحباط العمل قبل أن تصل السيارة التي يستقلانها من الوصول إلى حدود محافظة القطيف، في نقطة تفتيش أمنية بمدينة الدمام (العاصمة الإدارية للمنطقة الشرقية) وعثر بحوزتهما على سلاح ناري وحزام ناسف مكون من سبعة قوالب محشوة بمادة شديدة الانفجار، بلغ وزنها أكثر من سبعة كيلوغرامات، وكانت في حالة تشريك كاملة، إضافة إلى حزام ناسف وسلاح ناري.
على مدى زمني قصير، وعلى مدى جغرافي لا يتجاوز العشرة كيلومترات عن تاروت، سجل الأمن السعودي ضربة قوية أخرى على التنظيم الإرهابي، حيث أحبط رجال الأمن عملاً إرهابيًا، أول من أمس الاثنين عند الساعة السادسة مساء، كان مخططًا له استهداف مصلى مسجد بلدة أم الحمام في القطيف، وحسب بيان وزارة الداخلية، فقد أثارت تحركات أحد الأشخاص الاشتباه في أمره من قبل رجال الأمن الموجودين في الموقع، فبادروا باعتراضه والتحقق من وضعه، ما دفعه في تلك الأثناء لمحاولة تفجير عبوة ناسفة موضوعة بحقيبة رياضية كان يحملها على ظهره، تزن ما يبلغ من أربعة كيلوغرامات.
ضربات الأمن السعودي المتوالية المدعومة بإحكام ويقظة دائمتين على المستوى المعلوماتي والأدائي، الذي تنتهجه أجهزة الأمن السعودية، يكون حلقة واسعة للتضييق على عناصر أو مندسين يميلون نحو التعاطف مع التنظيمات الإرهابية، وتوجيهات أمنية وإدارية لأئمة المساجد بالإبلاغ عن المشتبه بهم فكريًا أو أمنيًا؛ لتحقيق الأمن الوقائي الوطني.
التأكيدات السعودية القوية على دحر إرهاب «داعش» نجحت في دحر وتجفيف الداخل من خلايا تنظيم القاعدة بفعل أمني ومجتمعي خلال أقل من أربعة أعوام، وهو ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى «الضرب بيد من حديد على كل من يستهدف عقول وأفكار وتوجهات شبابنا الغالي»، ودعوته المجتمع «لأن يدرك أنه شريك مع الدولة في جهودها وسياساتها لمحاربة هذا الفكر الضال».
تنظيم داعش بدأ يخسر أراضيه التي كان يسيطر عليها في بلدان الاضطرابات السياسية التي يستوطن فيها في العراق وسوريا، وهو ما يتوقعه المحللون بأن زيادة وتيرة الحرب عليه يشكّل «رد فعل» لمحاولة التأقلم مع المحيط وزيادة فاعلية عناصره، خاصة في مواقع لا تحمل اليقظة الأمنية على الحدود السورية أو العراقية أو ما يجاورها.
ومنذ اندلاع الثورات العربية، وزيادة وطأتها في العراق وسوريا على وجه التحديد، وعدم وضوح الرؤية الدولية عن مواجهتها مبكرًا، أصبح تنظيم داعش الإرهابي ذا تردد عالٍ لموجة إرهابية دموية يروج فيها لشعاره الأسود وفق ما يسمى بـ«دولة الخلافة» التي تحاول ترجمة ذلك بزيادة عدد أفرادها، أو كسب المتعاطفين معها خاصة في الداخل السعودي المتفوق أمنيًا.
وتأثر المتعاطفون في العالم العربي مع تنظيم داعش ووهم الخلافة الإسلامية بمحاولة الانغماس وارتداء أقنعة «داعش»، وتنفيذ أجنداته التي بدأت تسقط يوما بعد آخر، كرد فعل العاجزين من التوجه لمناطق الصراع حينا، ونتيجة للضربات الأمنية الاستباقية، والحزم الأمني الذي أصبح يشكل سورًا حديديًا لمنع استقطاب الأزمات السياسية والأمنية إلى الداخل.
وفشل التنظيم الإرهابي، في استهداف السعودية العام الحالي، وحقق الأمن السعودي النجاحات المتنوعة، و«داعش» أصبح يسير في طريق نهاية واضحة كما في سلفها تنظيم القاعدة، الذي انتهى داخليا بفعل القوة الأمنية، وتكشفت أساليب عمل «داعش» في شكل استراتيجي أشبه ما يكون إلى أعمال الميليشيات، وحروب الوكالة التي هي الواجهة لدول خارجية تستهدف المملكة وأمنها واستقرارها.
بصمات تنظيم داعش، تتخذ مسارًا في تكوين خلايا داخل بلادها منفردة أو جماعية، للقيام بأعمال إرهابية تجاه مواقع دينية وأمنية، بل واتضح أن سعيهم ليس ردًا على جرائم الحشد الشعبي في العراق، واستهداف الشيعة في الخليج كما يدّعون، إذ تحركهم الضغائن لاستهداف أمن واقتصاد البلاد، إضافة إلى وضع خططهم لغربلة النسيج الاجتماعي السعودي، وزادت باستهداف وتهديد أمن المساجد، وقتل رجال الأمن الذين يرونهم في تصنيفاتهم منافقين ومرتدين، ومحاولة وضع العلاقات الدولية على مزاجية النسف.
ورغم محاولات التنظيمات الإرهابية استهداف أمن المملكة في أحداث أخيرة، فإن السعودية تسير بقوة أمنية كبرى لإفشال مخططات كثيرة تختلف في أحيانٍ كثيرة أدواتها، وتتفق على منهج إرهابي واحد، وسجلت السعودية نجاحاتها الأمنية بإعلانات متوالية عن إحباط الكثير من المخططات، ومنها القبض على عدة خلايا قوامها 93 شخصًا في أبريل (نيسان) من العام الماضي، وتبعها الإعلان الكبير بالإنجاز بتحطيم خلايا عدة، تعمل بأساليب متنوعة، منها استخدام مواقع التواصل للتحريض والدعاية لخطاب التنظيم، منهم 144 موقوفا يعملون وفق تلك الاستراتيجية.
ودومًا ما تكشف تلك الهجمات والمحاولات الإرهابية المتكررة، عن توافق شعبي عربي وسعودي على وجه الخصوص، وأصبح الوعي السعودي، أساس بناء وديمومة للعلاقات المجتمعية تثبته المشاهد المتكررة بعد الحوادث الإرهابية الانتحارية تأتي عكس الصورة القاتمة التي تحاول معها تنظيمات وأصوات متطرفة هزّ الثقة في أوساط المجتمع، وتجابه الدولة السعودية العائدين من مناطق الصراع بإجراءات صارمة وعقوبات قوية، مستفيدة من التراكم الأمني والوقائي الذي تنتهجه أمنيًا، يضاف إلى ذلك مشاركة قواتها الجوية ضمن قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش.
اقل من شهر.. تفصل بين إحباط تفجير مطعم تاروت ومحاولة استهداف مسجد «أم الحمام»
إحكام أمني واستخباري سعودي يضرب خطط تنظيم داعش
اقل من شهر.. تفصل بين إحباط تفجير مطعم تاروت ومحاولة استهداف مسجد «أم الحمام»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة