يقول علماء الفيزياء، الذين يحاولون البدء من النقطة التي انتهى عندها أينشتاين، إن التأثير الهائل لتداخل ثقبين أسودين يصدر صوتًا يمكن رصده من خلال الموجات التجاذبية التي تنتشر عبر الفضاء والزمن. وفي إطار محاولتها صياغة رؤيتها لما يمكن أن يكون عليه هذا الصوت كمشروع لحساب «معرض سياتل الفني»، أعربت دون كاسبير عن اعتقادها أنه ربما يشبه الأصداء الآخذة في الخفوت لحفل موسيقى «روك» ضخم في سياتل، أو صوت أصداء آلة الصنج النحاسي الموسيقية.
يذكر أن كاسبير، 39 عامًا، فنانة أداء مقيمة في نيويورك، واستعانت بمتدرب لديها لجمع 80 آلة صنج نحاسي مستعملة من منطقة شمال غربي الأجزاء المطلة على المحيط الهادي. أما السبب وراء اختيارها آلات مستعملة فيتمثل في بحثها عن آلات تحمل طابعًا وروحًا خاصة بها، وليس آلات جديدة براقة لم تمسها يد من قبل. وكانت بعض الآلات التي استعانت بها تحمل علامات تشي بأنه جرى استخدامها على مدار فترة طويلة، وظهرت على بعضها آثار لنقاط مياه، ما يوحي بأنه سبق استخدامها في حفلات موسيقية تحت المطر. وقد تعرض بعضها للتقطيع والانبعاج.
وعملت كاسبير على توصيل كل آلة صنج نحاسية بمجسات للحركة ومحركات إلكترونية في حجم بالغ الصغر، بحيث تبدأ كل آلة في الاهتزاز مع مرور زوار المعرض، الذي حمل اسم «ستار فورميشن» (تشكيل النجوم)، إلى جوارها. وخلقت حركة كل شخص شبكة من التناغم المعدني البراق المؤلف من أقراص نحاسية من أحجام مختلفة. وعن هذا، قالت كاسبير: «أنت تمر عبر الفضاء، وتدخل في علاقة سببية».
تجدر الإشارة إلى أن «معرض سياتل الفني» انطلق العام الماضي على يد بول ألن، أحد المساهمين في إنشاء شركة «مايكروسوفت». وفي بداية المعرض، تقف كتلتان ضخمتان من الغرافيت لترحبا بالزوار، من إبداع آدم مكوين، تشكلان صورة مقلدة لكومبيوتر ضخم من إنتاج «آي بي إم». وفي معرض آخر من إبداع «تيم لاب»، يجري تشجيع الأطفال على رسم مخلوقات بحرية من نسج خيالهم لتتحول بعد ذلك إلى كائنات حية رقميًا تسبح فيما حولهم على شاشة ضخمة. ويمكن للزائرين القيام بجولة عبر المعرض بالاعتماد على مرشد يتحدث بالإنجليزية المريخية، لهجة جديدة ابتكرها الفنان غلين كاينو، الذي يتخذ من لوس أنجليس، في إطار برنامج يدعى «أسبيريشن» (الغاية).
اللافت أن ألن يترك بصمته المميزة على كثير من المشروعات الجديدة بالمدينة. وعبر ذراع شركته المعني بالتنمية العقارية: «فولكان إنك.»، يعكف ألن على بناء مقر جديد على مساحة واسعة لشركة «أمازون».
بالنسبة لـ«معرض سياتل الفني»، فإنه يضم 84 معرضًا فرعيًا تمثل مناطق متنوعة ما بين نيويورك ولوس أنجليس وسيول وميامي - بارتفاع عن 60 خلال عامه الأول - واجتذب أكثر من 15.000 زائر العام الماضي، ووفد إليه حتى السبت قرابة 13.000 زائر.
وما يزال ثمة جدال دائر حول ما يقوله المعرض عن سياتل وما إذا كان المجتمع الفني ممثلا به بدرجة كافية. جدير بالذكر أن مهرجانًا يدعى «أوت أوف سايت» (بعيدًا عن الأعين)، جرى تنظيمه العام الماضي من جانب الفنانين والمعارض التي شعرت أنه جرى إقصاؤها عن المعرض الذي ينظمه ألن. وقد عاد المهرجان هذا العام، حيث أقيم على مساحة 21.000 قدم مربع داخل محطة تاريخية للقطارات على مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام من المعرض الأساسي. وأوضح منظمة المعرض والفنانون المشاركون به أن المعرض الذي بدأ تعبيرا عن الإحباط تحول الآن إلى منصة رفيعة المستوى قائمة بذاتها للأعمال الفنية المحلية.
وفي هذا الصدد، قال غريغ لوندغرين، مؤسس «أوت أوف سايت»: «عندما تكون هناك كل هذه الطاقة، وجميع هذه الجهات المهتمة بجمع الأعمال الفنية الوافدة من داخل وخارج المدينة، وكل هذا الاهتمام من جانب النقاد والصحافة، فإننا بوصفنا مجتمعا فنيا أمامنا خياران، إما المكوث على الهامش والاكتفاء بالمشاهدة أو بإمكاننا المشاركة وركوب الموجة. وعن نفسي، لست من الشخصيات التي تهدر فرصة كبرى سانحة».
الملاحظ أن عددًا من المعارض الخاصة الأخرى بالمدينة، مثل «روك لا رو»، حرصت على تنظيم مواعيد افتتاحها هذا العام بحيث تتزامن مع «معرض سياتل الفني».
من جانبها، أوضحت كريستين أندرسون، مالكة ومؤسسة «روك لا رو»، أن «الناس يحاولون الارتقاء إلى مستوى الحدث»، مضيفة أنه: «ولم أسمع كثيرا من الشكاوى هذا العام».
من ناحية أخرى، قال كارل وجانيت بيرغام، طبيبان متقاعدان يزوران المعرض قادمين من إحدى ضواحي سياتل، إنهما شعرا بالصدمة حيال ارتفاع أسعار المعروضات، والتي تعكس من وجهة نظريهما المستوى الرفيع للمعروضات من ناحية، وكذلك موجة الثروة المتدفقة على سياتل من ناحية أخرى نتيجة التزايد الهائل في أعداد الشركات العاملة بمجال التكنولوجيا، مثل «أمازون» و«مايكروسوفت».
أما لورا فريد، المديرة الفنية لـ«معرض سياتل الفني»، فقالت إن أكثر ما جذبها فيما يخص أعمال المعرض هو الرسائل التي حاول الفنانون طرحها بخصوص الصلات بين التكنولوجيا والحياة الحديثة.
وأضافت: «أكثر ما يثير اهتمامي الأسس الفكرية التي تقوم عليها الأعمال».
خدمة {نيويورك تايمز}