«اليونيسيف» لـ «الشرق الأوسط»: يتم تدريب الأطفال على الأسلحة الثقيلة في اليمن

تقرير للأمم المتحدة يرصد تجنيد 848 طفلاً للقتال في الصفوف الأمامية

طفل يمني ممن جندهم الحوثيون يرفع سلاحه مزهوا في عربة عسكرية (رويترز)
طفل يمني ممن جندهم الحوثيون يرفع سلاحه مزهوا في عربة عسكرية (رويترز)
TT

«اليونيسيف» لـ «الشرق الأوسط»: يتم تدريب الأطفال على الأسلحة الثقيلة في اليمن

طفل يمني ممن جندهم الحوثيون يرفع سلاحه مزهوا في عربة عسكرية (رويترز)
طفل يمني ممن جندهم الحوثيون يرفع سلاحه مزهوا في عربة عسكرية (رويترز)

أكدت تقارير دولية أعدتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، تورط الميليشيات الحوثية في جرائم خطيرة بحق الطفولة في اليمن، أبرزها تجنيد الأطفال، وإدخالهم معسكرات التدريب، ما يجعلهم هدفا لنيران الحرب، فضلاً عن استخدامهم في الصفوف الأولى أثناء المواجهات العسكرية، الأمر الذي يجعل هؤلاء الأطفال الدرع الأولى التي يتحصن خلفها الانقلابيون.
ووسط تدهور الوضع الإنساني في اليمن بسبب الانقلابيين، الذي وثّقته تقارير دولية حذرت من خطورة تجنيد الأطفال وتدريبهم على حمل السلاح الثقيل في مراكز تدريب عسكرية متخصصة تابعة لهم، أكدت «يونيسيف»، أن اليمن من أكثر الدول التي تسجل فيها انتهاكات خطيرة بحق الطفولة.
وأوضحت جوليت توما، مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «يونيسيف» لـ«الشرق الأوسط»، أن تجنيد الأطفال وتدريبهم على حمل السلاح الثقيل واستخدامهم في الصفوف الأمامية في المواجهات القتالية، واحدة من الانتهاكات الخطيرة بحق الطفل.
ووصفت هذه الحالة بالظاهرة التي تشهد تصاعدًا مخيفًا، وهو ما سجلته الدراسات الأخيرة في التقرير الصادر عن «يونيسيف» في اليمن، الذي أكد تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد الأطفال الذين تم تجنيدهم، وانخفاض أعمارهم، زاد بما يقدر بسبعة أضعاف عما كان عليه في العام الماضي.
وبيّنت توما أن الحرب خلقت نوعًا من التغير، ليس فقط في كمية الأطفال الذين قتلوا في الحرب، بل أيضًا في كيفية استخدامهم في القتال، موضحة أن الدور الذي يلعبه الأطفال في الحرب الدائرة في اليمن من خلال تجنيدهم أخذ عدة أشكال، منها تدريبهم على استخدام الأسلحة الثقيلة، واستخدامهم في الصفوف الأمامية حاملين للسلاح، ومشاركتهم الفعلية في جبهة القتال.
وفي ظل النزاع المسلح الدائر في اليمن، أشارت مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي، إلى أن تصاعد العنف في اليمن يعوق وصول المساعدات الإنسانية للأطفال المحتاجين، وهو ما عدته السبب الأبرز في تعثر الخدمات التي تقدمها «يونيسيف».
وعن وجود عناصر تابعة للأمم المتحدة تحت حماية الحوثيين المسيطرين على أجزاء من اليمن، ومدى تأثير هذا التواجد على مصداقية وعمل المنظمات التابعة للأمم المتحدة، قالت جوليت: «نحن نرفع تقاريرنا التي كانت من بينها قتل أطفال جراء وجود ألغام وأيضًا تجنيد الأطفال إلى الأمم المتحدة، وليس من مهام (يونيسيف) توجيه أصابع الاتهام، ولكننا نعمل على تسليط الضوء لتخفيف نسب العنف وإيصال المساعدات للأطفال».
ورأت أن الحرب في اليمن جعلت الأطفال يمرون بتجارب قاسية، تركت آثارها النفسية والاجتماعية الوخيمة عليهم، فحتى لو نجا الأطفال من القنابل والرصاص، فإن التأثير الواسع للعنف يتجاوز ذلك بكثير، وسيكون له تأثير لأجيال قادمة.
وحذرت توما من استمرار العنف النفسي والجسدي الذي يتعرض له أطفال اليمن؛ لأنه سيحطم عالمهم وسيحمل كثير منهم هذه الأعباء النفسية الجسيمة إلى مرحلة البلوغ، فآلاف الأطفال يعانون من الصدمة النفسية، وتسبب نزوحهم في ترك صفوف الدراسة، وهو ما سيكون له تأثير على مستقبلهم.
وأعربت عن تخوفها وقلقها على مستقبل المنطقة، بسبب الوضع الحالي للأطفال الذين سيكونون مستقبل المنطقة، وسيعتمد عليهم وعلى إمكانياتهم في إعادة بناء المجتمع الذي تمزق من الحرب، مطالبة بتقديم الحماية ووسائل المساعدة لهؤلاء الأطفال كي لا يفقدوا تعليمهم، ويصبح المجتمع غير متعلم.
وعلى صعيد متصل، أكد تقرير عن تأثير العنف والنزاع صادر عن منظمة «يونيسيف»، أن أشد الطرق عنفًا وقسوة ضد الأطفال تضاعفت 7 مرات، وخصوصًا في المناطق الواقعة تحت سيطرة التمرد الحوثي، فضلاً عن تسجيل 848 حالة تجنيد للأطفال، معظمها في نفوذ ميليشيات الحوثي وتلك الموالية للمخلوع علي صالح.
وبحسب التقرير، فإن نحو 2300 طفل، تعرضوا للأذى السنة الماضية وبأشد الطرق عنفًا وقسوة، فعلى أقل تقدير يقتل أو يشوه 6 أطفال يوميًا منذ مارس (آذار) 2015، وذلك بزيادة مقدارها 7 أضعاف عما كان عليه الحال في عام 2014. وحدثت غالبية عمليات قتل وتشويه الأطفال في محافظات تعز وصنعاء وصعدة وعدن وحجة، التي تشتد فيها أعمال العنف والقتال.
وأوضح التقرير أن 1.56 مليون طفل تعرضوا لانتهاكات جسيمة تم التحقق منها، وبلغ عدد الضحايا من الأطفال 2300 طفل، قتل منهم 934 وأصيب 1356، ويمثل الأطفال ثلث المدنيين القتلى منذ مارس 2015. كما ازداد تجنيد الأطفال بشكل كبير السنة الماضية، إذ وثقت الأمم المتحدة 848 حالة تجنيد للأطفال، معظمها في صنعاء وشبوة وتعز وأبين وعدن.
ويشير التقرير إلى أنه يتم إجبار أطفال بعمر 10 سنوات على القتال، وترى «يونيسيف» أن هذه الإحصاءات القاسية لا تمثل سوى جزء ضئيل من الأرقام الحقيقية التي تكون على الأرجح أعلى بكثير.
وأكد التقرير أن نصف الشعب اليمني تقريبًا يعيش تحت خط الفقر، ونصف اليمنيين دون 18 سنة، وهذا يعني أن هناك على الأقل 6 ملايين طفل فقراء، وأن العنف أجبر الناس على الفرار، والذي يكون أحيانًا ما بين ليلة وضحاها، ما أدى إلى ارتفاع كبير في مستويات النزوح من 334 ألفًا في نهاية عام 2014 إلى 2.4 مليون في شباط 2016. ونصف النازحين من الأطفال، ويعيش غالبية النازحين في مجتمعات مضيفة تعاني أعباء كبيرة؛ أو يتشاركون المنازل مع أقاربهم أو يجدون المأوى في المباني العامة أو في خيام مؤقتة أو في العراء.
وطالبت «يونيسيف» في تقريرها بوضع حد لتجنيد الأطفال، والسماح لجميع الأطفال الموجودين في صفوفهم بالعودة إلى مجتمعاتهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.