موسكو: لا تقدم في المحادثات مع واشنطن حول سوريا

وزير الدفاع الروسي قال إن قاعدة حميميم ضرورية «للتصدي للإرهاب عن بعد»

موسكو: لا تقدم في المحادثات مع واشنطن حول سوريا
TT

موسكو: لا تقدم في المحادثات مع واشنطن حول سوريا

موسكو: لا تقدم في المحادثات مع واشنطن حول سوريا

رغم أن أمس، صادف مرور شهر على إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري عن توصلهما إلى اتفاق حول تسوية الأزمة السورية، غير أن المحادثات بين الجانبين حول خطوات تنفيذ الاتفاق لم تأت حتى الآن بنتيجة وفق ما أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في تصريحات له، يوم أمس. في هذه الأثناء يستعد وزير الخارجية الروسي لافروف، لمحادثات مع نظيره الألماني فرانك شتاينماير الذي سيصل إلى مدينة يكاتيرنبورغ للمشاركة في حفل افتتاح «المدارس الروسية - الألمانية الصيفية» هناك، وعلى هامش الفعالية سيبحث مع نظيره الروسي ملفات عدة في مقدمتها سوريا وأوكرانيا.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد قال في تصريحات له، أمس، إن الجانب الروسي لم يتمكن حتى الآن من التوصل إلى «لغة مشتركة» مع الخبراء من الولايات المتحدة بخصوص تبادل المعلومات حول مواقع فصائل المعارضة المسلحة، موضحًا أن «السؤال الأول الذي نوجهه لهم هو: قولوا لنا أين مواقع المعارضة المعتدلة؟ والاقتراح الأول الذي نطرحه عليهم: ما المناطق التي يجب تجنبها وعدم استهدافها خلال ضربات مقاتلاتنا؟». إلا أن الأميركيين لم يتمكنوا من الإجابة عن السؤال ولا على الاقتراح الروسي حسب تأكيدات شويغو الذي تابع شرحه للموقف، قائلا: إن «الجانب الروسي عندما طلب من الأميركيين أن يحددوا الأماكن التي يمكن استهدافها، التي تسيطر عليها وفق الرؤية الأميركية جماعات (داعش) وجبهة النصرة وكل من انضم إليهما»، لم يعط الأميركيون أجوبة شافية، لافتًا إلى أن «التباينات لا تتوقف عند هذه المسألة وهناك الكثير من القضايا المماثلة التي يتوجب علينا إيجاد حلول لها مع الزملاء الأميركيين».
ومبرر الإرهاب الذي يقول وزير الدفاع الروسي إن عدم التوصل لاتفاق حول تحديد مواقعه هو سبب تعثر محادثات انطلقت منذ شهر في جنيف وفيينا لصياغة خطوات اتفاق لافروف - كيري، هو نفسه، بين المبررات التي ساقها الوزير شويغو في حديثه عن أسباب حاجة روسيا للقاعدة الجوية على الأراضي السورية، في مطار حميميم. إذ أكد وزير الدفاع الروسي أن «قاعدتنا هناك ضرورية كي نتمكن من التصدي على مسافات بعيدة عن أراضينا لهؤلاء المجرمين»، مكررا الحديث حول وجود أعداد كبيرة من المواطنين الروس ومواطني الجمهوريات السوفياتية السابقة يقاتلون في صفوف الجماعات الإرهابية، واصفا الوضع في سوريا بأنه «مثل المغناطيس يجذب ويحفز عمليات إرسال المزيد والمزيد من السلاح ومن كل الجهات».
وللتصدي لهذا الإرهاب ممثلا بـ«داعش»، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن توجيه قاذفات استراتيجية روسية من طراز (تو - 22 إم 3) ضربات يوم أمس لمواقع «داعش» في دير الزور.
في غضون ذلك يجري وزير الخارجية الروسي محادثات اليوم الاثنين في مدينة يكاتيرينبروغ الروسية مع نظيره الألماني فرانك فالتير شتيانماير، وذلك على هامش مشاركتهما بافتتاح المدارس الروسية - الألمانية الصيفية ضمن خطة جامعة المدينة. وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان رسمي أن «لافروف وشتاينماير سيواصلان تبادل وجهات النظر حيال القضايا الدولية الرئيسية، بما في ذلك سير تطبيق اتفاقيات مينسك لتسوية الأزمة الأوكرانية، وتحريك العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية، وقضايا الأمن الأوروبي والتصدي للإرهاب».
ومن غير المتوقع أن تتمخض عن محادثات لافروف - شتاينماير نتائج ملموسة تؤثر بشكل أو بآخر في الوضع الراهن في سوريا وعلى الجهود السياسية لتسوية أزمتها، ذلك أن مصير الأسد ما زال محط خلاف بين البلدين، وبينما تصر روسيا على إشراكه بشكل أو بآخر في الحل السياسي والمرحلة الانتقالية وربما الانتخابات الرئاسية في سوريا، تكرر برلين موقفها بهذا الخصوص على لسان شتاينماير الذي قال في تصريحات لصحيفة «بيلد» الألمانية منذ أيام، إن «المستقبل السياسي لسوريا يجب أن يكون خاليا من الأسد، وسيكون كذلك».
الأمر الوحيد الذي قد يستجد خلال لقاء لافروف - شتيانماير اليوم، وفق ما قال مصدر مطلع في العاصمة الروسية لـ«لشرق الأوسط»، هو «تفعيل عمل المجموعة الدولية لدعم سوريا على ضوء فشل في المحادثات الأميركية - الروسية، مقابل تقارب روسي - تركي». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن شتاينماير كان قد أكد في تصريحاته تلك أن «الحل في سوريا لا يمكن أن يتحقق من دون موسكو وتركيا والمملكة العربية السعودية وإيران»، وعلى هذا الأساس يختم المصدر، مرجحًا أن «شتاينماير سيسعى في حديثه مع لافروف إلى الاستفادة من هذه الظروف للدفع نحو تفعيل العمل مجددًا عبر الإطار الإقليمي - الدولي، أي المجموعة الدولية لدعم سوريا، وتحرير الملف السوري من الاحتكار الثنائي الروسي - الأميركي، ما يعني ضمنًا استعادة أوروبا لدورها الفعال في هذا الملف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».