نجحت الميليشيات الكردية، أمس، الجمعة، في شمال سوريا في طرد تنظيم داعش من آخر جيب له في مدينة منبج، التي كان التنظيم المتطرف قد احتلها في العام 2014. وبذا أسقط الميليشيات التي تحمل اسم «القوات الكردية الخاصة لمكافحة الإرهاب» YAT مركزًا استراتيجيًا ولوجستيًا للتنظيم المتطرف يقع تقريبًا في المنتصف بين الحدود التركية ومدينة الرقة التي أعلنها «داعش» عاصمة له. وبالتالي، ينتظر أن تؤدي سيطرة «مجلس منبج العسكري» على المدينة إلى تضييق الخناق على الإمدادات من الأسلحة للتنظيم، والأهم سقوط نقطة تجمع المقاتلين الأجانب وقرب قطع الطريق الوحيد المتاح لهم عبر تركيا.
هذا، وأكّدت نوروز كوباني، من المكتب الإعلامي لـ«وحدات حماية المرأة» YPJ أنّه تم طرد عناصر «داعش» من كامل مدينة منبج بعد ظهر أمس الجمعة، لافتة إلى أن «قسما من المدنيين خرج باتجاه مدينة جرابلس الحدودية، في حين فر بعض عناصر التنظيم معهم بعدما استخدموهم دروعا بشرية». وقالت نوروز، لـ«الشرق الأوسط»، إنه أثناء عملية الاقتحام التي بدأتها «القوات الخاصة» ليل الخميس - الجمعة لحي السرب، آخر جيب كان يتمركز فيه «داعش»: «تم فتح ثغرة من أجل خروج المدنيين مع جرحى (داعش) باتجاه جرابلس»، لافتة إلى أن عددا من عناصر التنظيم الانتحاريين فضلوا تفجير أنفسهم على الفرار.
من جهة ثانية، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» «توجه عناصر (داعش) والمدنيين الذين كانوا موجودين في آخر جيب للتنظيم في القسم الشمالي من مدينة منبج، نحو مدينة جرابلس ومحيطها بريف محافظة حلب الشمالي الشرقي، بواسطة سيارات وصل عددها لنحو 500 سيارة»، لافتا إلى أن «عملية الانتقال تمت دون اتفاق معلن بين ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية والتنظيم، حيث جرت وساطة أهلية بين الطرفين، بشرط عدم الإعلان عنها بشكل رسمي». وأضاف: «بهذه الطريقة تكون قوات سوريا الديمقراطية قد تمكنت من السيطرة على آخر جيب للتنظيم في المدينة، وتمت العملية دون قتال». وفي الشأن نفسه أفاد «مكتب أخبار سوريا» أن ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» سيطرت على كامل منبج «بعد معارك استمرت أكثر من شهرين مع مقاتلي تنظيم داعش، الذين يحاولون الانسحاب باتجاه مدينة جرابلس محتجزين معهم عشرات العائلات من المدنيين، وسط استمرار تمشيط حي السرب شمال منبج».
نوروز كوباني أوضحت أن منبج كانت «عاصمة المهاجرين»، بإشارة إلى عناصر التنظيم الأجانب، وشرحت أنّه «لم يبق طريقا لكل هؤلاء القادمين من أوروبا وآسيا إلا طريق جرابلس - الراعي - الباب - الرقة، وهي طريق باتت شبه مقطوعة نظرا لاقتراب قواتنا من مدينة الباب». ورجحت أن تكون المعركة المقبلة في مدينة الباب. وكان عناصر «داعش» الآتون من الخارج عبر تركيا، يسلكون طريق جرابلس - منبج - الرقة كما يخرجون منها لتنفيذ عمليات خارج سوريا. ولكن بعد خسارتهم للمدينة أمس سيكون عليهم سلوك مسافات طويلة إضافية عبر طريق جرابلس - الراعي - الباب - الرقة، وهو الممر الذي تسعى الميليشيات الكردية المقاتلة لإقفاله نهائيا، مما قد يعني تحولا كبيرا واستراتيجيا في الحرب على التنظيم المتطرف.
على صعيد آخر، حسب مستشار القيادة العامة لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ناصر الحاج منصور، فإن منبج التي كان يتخطى عدد سكانها الـ400 ألف نسمة قبل اندلاع الأزمة في سوريا، تحولت بعد سيطرة تنظيم داعش عليها في العام 2014 إلى نقطة تجمع للمتتشددين الأجانب، سواء القادمين من أوروبا باتجاه الرقة والعراق أو الخارجين من الرقة إلى تركيا فالدول الأوروبية. وتوقع، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تؤثر خسارة «داعش» هذه المدينة كثيرا على هذه الحركة. كذلك وصف المتحدث العسكري الأميركي في العراق، الكولونيل كريس غارفر، بوقت سابق منبج بـ«منطقة استقبال رئيسية للمقاتلين الأجانب عند وصولهم إلى سوريا»، لافتا إلى أنّه «عندما يدخل المقاتلون الأجانب، يقومون بفحصهم ومعرفة اللغات التي يتحدثونها كما يتم تكليفهم بمهام ثم إرسالهم إلى المكان الذي سيذهبون إليه سواء كان في سوريا أو العراق». وفق التقارير، لم تستلزم العملية التي شنّتها «قوة كردية خاصة» على حي السرب، آخر مراكز التنظيم في منبج إلا ساعات معدودة. وأعلن «مجلس منبج العسكري» في بيان صباح أمس أنه «تقرر تحرير الرهائن عبر الحسم العسكري وإطلاق عملية شاملة لدحر بقايا إرهابيي (داعش) المتبقين في حي السرب الذي يتحصنون به، لتكون هذه عملية الحسم الأخيرة لتحرير مدينة منبج». وذكرّ بإطلاقه «ثلاث مبادرات تهدف لإنقاذ المدنيين وإخراجهم من مناطق الاشتباكات، كانت آخرها قبل خمسة أيام، حين رفضها إرهابيو (داعش»)، دون أن يأبهوا بسلامة وحياة المدنيين متمادين في قتل وتعذيب الأبرياء والتحصن بالأطفال والنساء». وتأتي هذه المستجدات تأكيدا لما كانت قد كشفته «الشرق الأوسط» في عددها الصادر قبل 3 أيام عن وصول ميليشيا «القوات الكردية الخاصة بمكافحة الإرهاب» إلى المدينة وتأهبها لشن عملية عسكرية حاسمة لإنهاء وجود التنظيم فيها. وقد شارك بعملية اقتحام حي السرب، وبحسب مصادر كردية: «مجلس منبج العسكري إلى جانب ميليشيا (وحدات حماية الشعب) و(وحدات حماية المرأة) بمشاركة التحالف الدولي جوًا».
يبقى الإشارة إلى أن منبج كانت تشكّل إلى جانب مدينتي الباب وجرابلس، أبرز معاقل «داعش» في محافظة حلب. وبدأ «مجلس منبج العسكري» الذي يضم مقاتلين أكرادًا وعربًا في 31 مايو (أيار) بغطاء جوي من التحالف الدولي هجوما للسيطرة على المدينة. وتمكنت قوات المجلس التي تشكل ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري، من دخول منبج بعد أسابيع لكنها واجهت مقاومة عنيفة من عناصر «داعش» الذين لجأوا إلى التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة والقناصة وزرع الألغام.
{منبج} محررة.. و{داعش} يفر باتجاه جرابلس
القوات الكردية أعلنت استيلائها على كامل المدينة .. والمعركة المقبلة في الباب
{منبج} محررة.. و{داعش} يفر باتجاه جرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة