برلمانيون يمنيون: واشنطن أبلغتنا رفضها مجلس الانقلابيين السياسي

رئيس تكتل نواب الشرعية يؤكد أن الميليشيات لن تحقق «النصاب» إلا بالتزوير

طفل يمني يحمل سلاحًا في تجمع حوثي قرب العاصمة صنعاء (رويترز)
طفل يمني يحمل سلاحًا في تجمع حوثي قرب العاصمة صنعاء (رويترز)
TT

برلمانيون يمنيون: واشنطن أبلغتنا رفضها مجلس الانقلابيين السياسي

طفل يمني يحمل سلاحًا في تجمع حوثي قرب العاصمة صنعاء (رويترز)
طفل يمني يحمل سلاحًا في تجمع حوثي قرب العاصمة صنعاء (رويترز)

نقلت مصادر برلمانية يمنية عن السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر قوله إن بلاده ترفض خطوة الانقلابيين بإنشاء مجلس سياسي، عادا الإجراء بالمخالف للدستور اليمني، وأن دعوة النواب إلى الاجتماع تحت إطار هذا المجلس تعد خطوة تقسيمية.
جاء ذلك، في إطار تحرك الشرعية لمنع الانقلابيين من السيطرة على المؤسسة التشريعية (مجلس النواب - البرلمان) ومحاولة استخدامه في تشريع الخطوات الانقلابية الأخيرة.
وعقدت لجنة تمثل الكتل البرلمانية، لقاء بالسفير الأميركي لدى اليمن، لبحث تفاصيل تصعيد الانقلابيين في صنعاء، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن نائب رئيس مجلس النواب، محمد علي الشدادي، ترأس اللجنة، التي التقت بالسفير الأميركي، وأجرت معه نقاشا «صريحا وشفافا عن الوضع اليمني وصلف الانقلابيين وتحديهم للإرادة اليمنية والإرادة الدولية»، من خلال «ما أقدموا عليه حديثا، من تشكيل مجلس سياسي ليس له أساس في الدستور تبعه دعوة مجلس النواب للانعقاد».
وأضافت المصادر أن البرلمانيين طالبوا السفير الأميركي بـ«حث حكومة بلاده للضغط على الجانب المتعنت المتمثل بالانقلابيين الحوثي والمخلوع صالح، كون ما يقومون به لن يكون له أي صفه شرعية أو قانونية ولكنه يعرض الوطن إلى مزيد من الأزمات والدمار ويعرض الملاحة البحرية والسلام العالمي لمزيد من المخاطر»، وقالت المصادر البرلمانية إن السفير تولر أبدى تفهما كبيرا، ونقلت المصادر البرلمانية اليمنية عن السفير قوله «إن ما أقدم عليه الحوثي والرئيس السابق صالح من تشكيل لمجلس سياسي وتبعه دعوة محلي النواب للانعقاد ما هو إلا عمل تقسيمي لا يعتمد على الدستور ولا لقرارات الأمم المتحدة»، وإن «الغرض منه هو عرقلة المساعي المبذولة إلى تطبيق القرارات الأممية ولا يحترم القرارات الدولية التي تقضي باستعادة مؤسسات الدولة وخروج الميلشيات المسلحة من المدن»، وقوله أيضا إن «حكومته ترفض هذا العمل المخالف لدستور الجمهورية اليمنية وللمبادرة الخليجية ولقرارات الأمم المتحدة»، وإن «ما يترتب على خطواتهم في حكم العدم، لأنه لا يرتكز لأي أساس دستوري ومخالف لكل الاتفاقات»، وذكرت المصادر البرلمانية أن سفير واشنطن لدى اليمن أكد للجنة البرلمانية أنه سيلتقي بسفراء الدول الـ18 و«سيناقش معهم هذه التطورات والمستجدات التي ارتكبها الانقلابيون، التي تهدف لعرقلة التشاورات التي يشرفون عليها»، حسبما نقلت المصادر.
في السياق ذاته، قال النائب محمد مقبل الحميري، رئيس تكتل نواب الشرعية البرلماني، إنه يتوقع أن يتم رفض وإدانة كل الإجراءات التي قام بها الانقلابيون في صنعاء من حيث تشكيل المجلس السياسي للحكم ودعوة انعقاد مجلس النواب، وأضاف الحميري لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع رفض هذا الإجراء من قبل الدول الراعية للسلام، لأنه في المقدمة تحد للجهود المبذولة من الجميع»، مشيرا إلى أن «الانقلابيين لن يستطيعوا تحقيق النصاب في البرلمان إلا إذا عمدوا للتزوير، مع أن المجلس محكوم بالتوافق بموجب بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وليس بالأغلبية».
وأردف الحميري: «إننا إذ نرفض هذه الخطوة الإجرامية الأحادية من قبل الانقلابيين ومن خلفنا الشعب اليمني الذي يعاني القهر والعنف والتنكيل من قبل قوى البطش ممثلا بهؤلاء الانقلابيين، لأنها توسع الهوة الحاصلة أكثر وتقطع الطريق أمام الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتطبيق القرارات الدولية واستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الذي يشرعن لقانون الغاب وقانون القوة بدلا عن قوة القانون، فإننا نطالب الدول الراعية الضامنة للمبادرة الخليجية والدول الراعية للحوارات السياسية ومجلس الأمن الدولي وكل القوى المحبة للسلام في العالم والبرلمانات الإقليمية والدولية الوقوف مع الحق لإيقاف هذه العصابة عند حدها وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالقضية اليمنية بكل حزم وصرامة حفاظا على وحدة الشعب اليمني وعلى السلم الإقليمي والدولي، نظرا لما يمثله موقع اليمن من استراتيجية إقليمية ودولية خاصة لها تأثير كبير في الملاحة الدولية لأن التطرف يصنع تطرفا وعلى قوى الخير في العالم القضاء على بذور الشر بمهدها»، حسب تعبيره.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.