نبيل فهمي لـ {الشرق الأوسط}: تطور إيجابي في الموقف الأوروبي بشأن مصر

وزير الخارجية المصري ناقش في بروكسل العلاقات مع واشنطن والدوحة وترشح السيسي ووضعية «الإخوان»

وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أثناء مشاركته في أعمال القمة «الأوروبية - الأفريقية» في بروكسل الأربعاء الماضي («الشرق الأوسط»)
وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أثناء مشاركته في أعمال القمة «الأوروبية - الأفريقية» في بروكسل الأربعاء الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

نبيل فهمي لـ {الشرق الأوسط}: تطور إيجابي في الموقف الأوروبي بشأن مصر

وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أثناء مشاركته في أعمال القمة «الأوروبية - الأفريقية» في بروكسل الأربعاء الماضي («الشرق الأوسط»)
وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أثناء مشاركته في أعمال القمة «الأوروبية - الأفريقية» في بروكسل الأربعاء الماضي («الشرق الأوسط»)

قال وزير الخارجية المصري نبيل فهمي إن مناقشاته مع الأوروبيين في بروكسل كانت فرصة لتوضيح بعض الأمور بشأن التطورات الأخيرة في البلاد.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، نفى الوزير وجود أي تقصير خلال الفترة الماضية من جانب القاهرة، مبينا حرص الدولة على توضيح حقيقة الأوضاع الداخلية للأطراف الخارجية، مضيفا أن «الاتحاد الأوروبي يتابع باستمرار الأحداث التي تمر بها البلاد، وطلب أخيرا معرفة حقيقة الأمر بخصوص ملفات تتعلق بالدستور وحرية الإعلام، وبشأن أحكام الإعدام التي صدرت ضد 529 من أنصار (الإخوان المسلمين) من قبل محكمة المنيا في جنوب، وغير ذلك من قضايا». وأشار الوزير فهمي إلى حدوث تطور إيجابي في الموقف الأوروبي، مؤكدا متابعة الخارج لخارطة الطريق التي أقرتها الدولة، وأن نجاح المصريين في تنفيذ الخارطة سوف يساعد على إقرار المجتمع الدولي لما يجري في البلاد من جهود.
وكان الوزير قد ترأس وفد بلاده في القمة الأوروبية الأفريقية التي استضافتها بروكسل، وانطلقت الأربعاء الماضي تحت شعار «الاستثمار في الموارد البشرية والازدهار والسلام». وفي كلمته أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي قال الوزير «إنه لا احد فوق القانون، وإن مصر عازمة على المضي قدما نحو الديمقراطية، ولكن لا تتوقعوا منا أن نكون أوروبيين ولن نكون». وطالب الأوروبيين بعدم توجيه انتقادات للدستور المصري الجديد، وعليهم أن ينظروا إلى الدستور الأوروبي قبل أن ينتقدوا الدستور المصري. وأضاف «أعترف بأن الدستور المصري ليس كاملا، وكذلك الدساتير الأوروبية، ومن السهل أن نجد نقاط ضعف في أي دستور في العالم، لكن الدستور المصري الحالي أفضل مما سبقه».
وحول الضمانات بإجراء انتخابات رئاسية نزيهة في ظل الشعبية الكبيرة للمشير السيسي قال الوزير «إن المرشح الرئاسي المحتمل عبد الفتاح السيسي له وضعية تاريخية أكبر من وضعيته كوزير دفاع سابق في الحكومة، ولا يوجد تعارض بين وجود أحد المرشحين يتمتع بشعبية كبيرة، وبين نزاهة الانتخابات، وتلك هي مسؤولية الحكومة وسوف نلتزم بها». وأضاف فهمي «سبق أن أعلن رئيس الوزراء أن الحكومة تقف على الحياد بين كل المرشحين».
وحول وضعية «الإخوان»، شدد وزير الخارجية على أن مشكلة الإخوان هي في المقام الأول مع جل المجتمع المصري وليس مع أي طرف آخر، خاصة أن المجتمع أعلن عن رفضه للجماعة العام الماضي. ونوه الوزير بتصريح سابق للرئيس المؤقت عدلي منصور عن إمكانية وجود دور لجماعة الإخوان في المستقبل كمواطنين وأفراد شرط التزامهم بالدستور والسلمية. وتابع فهمي «لكن بشأن الجماعة كتنظيم فقد أعلنت الحكومة أنها تنظيم إرهابي في ضوء أحداث العنف الأخيرة التي عانت منها الدولة».
وفي تعليق من وزير الخارجية المصري حول أزمة قطر مع مصر وبعض دول مجلس التعاون الخليجي، أشار وزير الخارجية إلى أن اللوم على قطر يأتي من تدخلها في الشؤون الداخلية لبعض الدول ودعمها لجماعة الإخوان ومحاولتها التأثير على الرأي العام خاصة عن طريق قناة «الجزيرة» المخصصة فقط لمصر، وهو أمر مثير بالنسبة لتلفزيون أجنبي. وقال الوزير «لذلك يجب على قطر أن تقرر موقفها من العالم العربي».
ومن جهة ثانية، نفى وزير الخارجية المصري في كلمته وجود حكومة عسكرية في بلاده، مؤكدا على أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الذي كان يتحمل السلطة وحده بعد سقوط نظام مبارك في فبراير (شباط) 2011 حتى انتخاب محمد مرسي في عام 2012، وقد استوعب المجلس العسكري الدروس من خبرة هذه الفترة، فالجيش لم يُشكل ليحكم فهو معني باستقرار البلد وهو الدور الذي يقوم به».
وفي نفس الإطار، قال وزير الخارجية المصري في تصريحات نشرتها أمس الجمعة صحيفة «لوسوار» البلجيكية الناطقة بالفرنسية، حول تحديد وتوصيف علاقات مصر الصعبة مع الولايات المتحدة الأميركية، إن «هذه العلاقات تشهد بعض الاضطرابات ولكن كلا الجانبين يرغب في الحوار، لكن المقلق بالنسبة لمصر هو ربط الجانب الأميركي مساعداته العسكرية ببعض الخطوات السياسية الداخلية في الوقت الذي نعتقد فيه أن التعاون العسكري هو أمر استراتيجي يجب ألا يتأثر بالاعتبارات السياسية». وأضاف فهمي في تصريحاته للصحيفة «نأمل في علاقات جيدة في ظل استمرارنا أصحاب قرارانا».
وحول الانتخابات الرئاسية المقبلة وشعبية وزير الدفاع المستقيل لدى جموع الشعب المصري قال فهمي للصحيفة البلجيكية «إن عبد الفتاح السيسي اكتسب كل هذه الشعبية شأنه شأن أي مواطن اتخذ موقفا واضحا خلال أحداث يوليو 2013 جنبت مصر الوقوع في براثن الفوضى والعنف».
ومن جانب آخر، نفى الوزير أن تكون حرية التعبير في بلاده قد شهدت ارتدادا بشهادة المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، مؤكدا على أنه «تم إغلاق تلفزيونات عدة لأنها تبث تحريضا واضحا على العنف والطائفية وتتجاوز القانون، لكن عندما نتحدث عن حرية النقد فهي قائمة وتُحترم بشكل جيد». وحول ما يثار بشأن قمع الأمن للإخوان في مصر، أكد وزير الخارجية على أنهم حال تظاهرهم بطريقه سلمية تتم معاملتهم بهدوء وحكمة، لكن عندما يصل الأمر للعنف فيكون هناك احتكاك ورد فعل. وبالنسبة للحكم الصادر بالإعدام على إخوان المنيا أكد الوزير أن الحكم ليس نهائيا لكنه يتعلق بطلب رأي المفتي لمعرفة مدى تطابق الحالة مع الشريعة الإسلامية، وستكون هناك محاكمة أخرى للمدانين غيابيا، هذا بالإضافة إلى الاستئناف على هذا القرار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».