قد يكون لبنان البلد العربي الوحيد الذي في استطاعتك أن تتنقل في ربوعه وفي ظرف ساعات قليلة بين البحر والجبل. فهذه الميزة المعروف بها تخوّل زائره أن يمارس نشاطات ورياضات عدة أثناء زيارته له، بحيث يكون في إمكانه السباحة والمشي وتسلق الصخور والجبال في يوم واحد.
فطبيعة لبنان الخلابة المنتشرة في مختلف مناطقه من الشمال إلى الجنوب، تسمح لهواة التسلية والترفيه أن يغرفوا منها ما شاءوا في لحظات ممتعة، إن في محمياته الطبيعية وبحيراته وكهوفه، وإن في جباله وشواطئه ووديانه. وقد اخترنا لكم خمسة نشاطات مختلفة بإمكانكم القيام بها في الهواء الطلق وتحت أشعة شمس لبنان الذهبية.
السباحة مع سلاحف البحر
على شاطئ صور
يعد شاطئ مدينة صور الجنوبية واحدا من أجمل الشواطئ الموجودة في لبنان؛ فهو يعرَف بالشاطئ الفضي لنقاوة رمله ولامتداده على كيلومترات طويلة. ويتميز هذا الشاطئ بالحياة البحرية التي يزخر بها، حيث تتمتع باكتشاف عالم آخر يأخذك في جولات سياحية تتعرف فيها إلى حيوانات بحرية كالسلاحف، وتضاريس طبيعية كالكهوف.
فالتقاطك صورة «سيلفي» وأنت إلى جانب سلحفاة بحر تسبح غالبا قرب الشاطئ، في عطلتك الصيفية في لبنان، لهو أمر لن تنساه. أما جلوسك على حافة كهف «البيّاضة» القريب من بلدة صور ويقع في الناقورة (تبعد 20 دقيقة عنها)، لهو مشهد سينقلك إلى عالم الخيال؛ لما في المنطقة المذكورة من مواقع تستأهل اكتشافها.
كيف يمكنك أن تمارس هذا النشاط؟ كل ما عليك القيام به هو التعاقد مع وكالة سياحة داخلية في لبنان، أو التوجّه إلى أحد فنادق مدينة صور ومنتجعاته البحرية فتتزوّد بالمعلومات التي تريدها. كما بإمكانك خلال قيامك بهذا النشاط أن تستقل مركب (الكاياك) الصغير الحجم والسريع لاستكشاف طول الساحل الجنوبي.
«الرافتينغ» في نهر العاصي
خمسة شلالات وثماني كيلومترات من التجديف المستمر وطبيعة خلابة هي في انتظارك في منطقة الهرمل في لبنان. ففي مياه نهر العاصي تمارس واحدة من أجمل الرياضات البيئية، ألا وهي «الرافتينغ» أو (التجديف المائي).
عاملان أساسيان جعلا من هذا النهر الأول في الشرق الأوسط لممارسة هذه الرياضة؛ فغزارة مياهه وطبيعة مجراه من ناحية، إضافة إلى تدفّقه الدائم ونقاوة مياهه والشلالات الموجودة فيه من ناحية ثانية جعلاه الأفضل لهذا الهدف. التجديف المائي المنفرد على مركب مطاطي خاص مع جميع التجهيزات اللازمة ومتطلبات السلامة كالملابس الخاصة، الخوذة، وسترة الإنقاذ، فضلا عن المجاديف ذات الوزن الخفيف التي يحركها المشاركون الذين يراوح عددهم في القارب الواحد بين الاثنين والسبعة تحت قيادة مدرب يرشدهم إلى كيفية التجديف، والاتجاهات التي يسلكونها، هي في انتظارك هناك للانطلاق ولتمضية ساعتين من الوقت مع التشويق والإثارة والضحك. ستمر في شلالات يراوح ارتفاعها ما بين متر وثمانية أمتار، وأهمها شلالات (الدردارة). وعند نقطة نهاية الرحلة توجد وسيلة نقل جاهزة للعودة إلى نقطة الانطلاق، وتبلغ تكلفة هذا النشاط الرياضي 25 دولارا للشخص الواحد.
تسلّق الجبال في بلدة
بكاسين الجنوبية
المشي لمسافات طويلة عبر مسارات خاصة في حرج الصنوبر في بكاسين، حيث يتم توجيه الهواة إلى مسارات محددة للسير في الطبيعة حول الغابة، إضافة إلى تعلم رياضات تسلق الأشجار والجبال والجدران، وقيادة الدراجات الجبلية، حيث يتم تعليم الأولاد لمن هم دون الـ8 سنوات، وركوب الدراجات الهوائية عبر شراكة مع «Bike Generation» المتخصصة في هذا المجال هي نشاطات تجدها في «بيت الغابة» في بلدة بكاسين. أما الموقع المخصص للهبوط على الحبال zipline، وهو الأول من نوعه في جزين، والثاني في لبنان بعد بلدة حمانا في الشوف، فيوخولك التمتع بمشهد للطبيعة اللبنانية من فوق الجبال والأودية وأنت تمارس هذه الرياضة التي باتت مقصدا لهواة الرياضات البيئية. ويأخذك هذا المشوار الذي تتأرجح خلاله ما بين السماء والأرض إلى أعالي الجبل الذي يتدفق منها نبع «عزبيه» نزولا باتجاه وادي جزين.
جنة شوّان لهواة المشي
والسباحة في البحيرات
تكثر أسماء الجنات في لبنان، فالراحل وديع الصافي لم يخطئ عندما غنّى «جنّات عا مدّ النظر ما بينشبع منها نظر». وتعد جنة «شوّان» الواقعة على ضفاف نهر إبراهيم، واحدة من أجمل البقع الطبيعية في لبنان، حيث تلتقي المساحات الخضراء بمجاري نهر إبراهيم الذي يخترقها.
فعلى ضفاف النهر يتجمع هواة التخييم ليفرشوا خيامهم هناك ويمارسوا نزهة لا تشبه غيرها ما بين الأشجار والمياه.
يمتاز نهر إبراهيم بقيمة معنوية كبيرة جدا، وثروة مادية نظرا لأهميته المائية ومصادر الثروة التي يمكن أن يؤديها، هذا بالإضافة إلى اكتنازه آثارا مهمة جدا من منبعه إلى مصبه، فيضم مجموعة كبيرة جدا من الآثار على ضفتيه من مغارة افقا إلى كوع المشنقة ويحشوش إلى آثار المصب، حيث الجسر الروماني وقناطر زبيدة التي كانت تستعمل لجر المياه، ويتميز النهر بثروته البيئية على طول مسلكه الذي يخترق الوادي الفاصل ما بين بلاد جبيل وكسروان. وفي جنة شوّان ستمضي ساعات من التسلية والترفيه، حيث في إمكانك أن تمارس رياضة المشي على الأقدام (hiking) من ناحية، والسباحة من ناحية ثانية في كل مرة تشعر بحرارة الطقس المرتفعة تجتاحك وبالحاجة إلى غطسة في مياه لذيذة وباردة.
بحيرة بنشعي في زغرتا.. حيث الماء والشمس وقارب «البيدالو» في انتظارك
تعتبر بحيرة بنشعي الواقعة في شمال لبنان، وبالتحديد في قضاء زغرتا من أجمل الأماكن السياحية الرائجة حاليا في لبنان، وخصوصا أن من يقصدها في استطاعته أن يمضي نهاره بأكمله فيها دون أن يشعر للحظة واحدة بالملل بفضل النشاطات المنوعة التي بإمكانه أن يمارسها هناك من خلال مراكز التسلية والرياضة والثقافة الموجودة فيها. فهذه البحيرة الاصطناعية التي تتجاوز مساحتها الـ500 متر، وتبعد عن بيروت نحو الساعة ونصف الساعة تحيط بها الجبال يمينا ويسارا وتلفتك بمنظرها الخلاب الذي يطالعك عن بعد، تسبح فيها طيور البط الملون والتي تم استقدامها من مختلف أنحاء العالم، كما تحتوي على مئات الأسماك التي بإمكان من يركب قارب «البيدالو» أو المركب العادي (بكلفة لا تتعدى الدولار الواحد للشخص). ويقوم بنزهة بحرية في أرجائها فيستمتع بأشكالها وهو يرمي لها الطعام الخاص بها؛ إذ بإمكانك أن تبتاعها من أحد الدكاكين الصغيرة المنتشرة على ضفافها. وبعد قيامك بهذه النزهة التي تستغرق نحو الـ20 دقيقة تستطيع أن تتجول حولها على كورنيش عريض (5 أمتار) يحيط بكل جوانبها، فتسرح عيناك بمنظر جميل يطال الجبال الخضراء وتشكل خلفية لها ومياهها الزرقاء الصافية التي تغط عليها الطيور من وقت لآخر ويعوم على سطحها البط والإوز.
الهرولة.. الركض.. ركوب الدراجات هي من النشاطات الرياضية التي باستطاعتك أن تمارسها أثناء زيارتك البحيرة، وعندما ينال منك الجوع ما عليك سوى التوجه إلى أحد مطاعمها المتراصة والمتلاصقة بعضها ببعض (يصل عددها إلى الـ13)؛ فتستريح على أحد مقاعدها لتتناول أشهى الأكلات اللبنانية المعروفة وأطيبها.