معركة منبج تدخل مرحلتها الأخيرة.. والمجلس العسكري يؤكد تحرير 90 % منها

قوات سوريا الديمقراطية تجلي 60 ألف مدني.. وتحاصر «داعش» في المربع الأمني

مقاتل من {قوات سوريا الديمقراطية} بين آثار الدمار الذي حل باحدى مناطق منبج (رويترز)
مقاتل من {قوات سوريا الديمقراطية} بين آثار الدمار الذي حل باحدى مناطق منبج (رويترز)
TT

معركة منبج تدخل مرحلتها الأخيرة.. والمجلس العسكري يؤكد تحرير 90 % منها

مقاتل من {قوات سوريا الديمقراطية} بين آثار الدمار الذي حل باحدى مناطق منبج (رويترز)
مقاتل من {قوات سوريا الديمقراطية} بين آثار الدمار الذي حل باحدى مناطق منبج (رويترز)

أوشكت «قوات سوريا الديمقراطية» على السيطرة على كامل مدينة منبج، أحد أهم معاقل «داعش» في محافظة حلب في شمال سوريا، بعدما تمت محاصرة ما تبقى من عناصر التنظيم في وسط المدينة حيث يتواجد أيضا المئات من المدنيين الذين يتم اتخاذهم دروعا بشرية.
وأكد المتحدث باسم المجلس العسكري لمنبج شرفان درويش لـ«الشرق الأوسط» أنّهم حرروا 90 في المائة من المدينة ويحاصرون عناصر «داعش» في الوسط وبالتحديد في المدينة القديمة والمربع الأمني. وأوضح درويش أن قوات المجلس «باتت تبعد نحو 200 كلم عن المواقع الحالية للتنظيم وأصبحت في المراحل الأخيرة للتحرير»، مشيرا إلى أنّه «تم إجلاء نحو 60 ألف مدني في الأيام الماضية، لكن داعش لا يزال يحتجز أعدادا منهم في وسط المدينة».
وأكّد درويش أنّه ومع السيطرة على منبج: «نكون قد حرمنا التنظيم من مركز الاتصال واستيراد وتصدير الإرهابيين من وإلى أوروبا لذلك نراهم يستميتون للبقاء فيها». وتشكل منبج إلى جانب مدينتي الباب وجرابلس أبرز معاقل «داعش» في محافظة حلب. وبدأت قوات سوريا الديمقراطية في 31 مايو (أيار) بغطاء جوي من التحالف الدولي هجوما للسيطرة على المدينة الاستراتيجية الواقعة على خط الإمداد الرئيسي للتنظيم بين محافظة الرقة، أبرز معاقله في سوريا، والحدود التركية. وتمكنت هذه القوات التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، من دخول منبج بعد أسابيع، إلا أنها واجهت مقاومة عنيفة من عناصر التنظيم الذين لجأوا إلى التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة والقناصة وزرع الألغام.
وبحسب مصادر قيادية كردية، فإن ما يؤخر اقتحام وسط المدينة تواجد المدنيين فيها، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المعارك لا تزال مستمرة كما المناوشات والاشتباكات. وأوضحت ردا على سؤال أن الخطوة الأولى التي ستلي تحرير المدينة بالكامل، هي «تطوير المجلس المدني الموجود أصلا لإدارة شؤون المدينة، كما سننصرف لنزع الألغام وتوفير مقومات الحياة للسكان».
وأعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن ظهر أمس سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على مدينة منبج بالكامل، لافتا إلى أنّه «لم يبق فيها سوى بعض فلول عناصر داعش المتوارين بين السكان». وأشار إلى أن تحالف الفصائل الكردية والعربية «يعمل على تمشيط وسط المدينة بحثا عما تبقى من جهاديين».
وترافقت المعلومات عن اقتراب «سوريا الديمقراطية» من السيطرة على كامل منبج، مع شن طائرات التحالف الدولي غارات مكثفة على مواقع «داعش» وسط وشرق المدينة، أسفرت عن مقتل عدد من عناصره. وقال القائد العام لمجلس منبج العسكري عدنان أبو أمجد إن قواته تخوض الآن معارك شرسة في مركز المدينة، مؤكدا أنهم سيطروا على أكثر من 80 في المائة من المدينة. وأشار أبو أمجد في حديث تلفزيوني إلى أن مقاتلي مجلس منبج العسكري المنضوي تحت لواء «قوات سوريا الديمقراطية» يتقدمون بحذر في أحياء المدينة نظرا لوجود مدنيين يستخدمهم تنظيم داعش دروعا بشرية في المناطق التي لا تزال تحت سيطرته. وأوضح أن تحالف قوات سوريا الديمقراطية استجاب في الأسابيع الماضية لمبادرتين أطلقهما وجهاء منبج بهدف تأمين خروج المدنيين إلا أن «داعش» رفض الاستجابة لهما. ولفت أبو أمجد إلى أنه لم يتبق داخل مدينة منبج سوى أعداد قليلة من عناصر التنظيم، وأن قوات المجلس العسكري تقوم بمحاصرتهم.
وقدر أعداد المدنيين الذين جرى إجلاؤهم من مناطق سيطرة «داعش» في منبج ما بين ستين و65 ألف شخص، مضيفا أنه لم يتبق داخل المدينة سوى قليل من المدنيين يتراوح عددهم بين عشرة آلاف و15 ألف شخص فقط. وبحسب وكالة «آرا نيوز» المتخصصة بالشأن الكردي، فإن مقاتلي مجلس منبج العسكري المنضوي في قوات سوريا الديمقراطية سيطروا على حيي العزر والغسانية ودوار الشمسية الواقع شرقي مركز المدينة، وأسقطوا قتلى في «داعش»، لافتة إلى أن الاشتباكات العنيفة تتواصل في مركز المدينة كما في حي الشيخ عقيل، مع قصف لطيران التحالف الدولي – العربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية على مواقع التنظيم في المدينة. وتسببت غارات التحالف في سقوط أعداد كبيرة من المدنيين، حيث قتل الشهر الماضي 170 مدنيا دفعة واحدة في قصف جوي استهدف قرية شمال منبج وأحياء داخل المدينة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.