تحرك حوثي لتشكيل «حكومة» في صنعاء

عقب فشل مجلس الأمن في إصدار بيان إدانة لـ«المجلس السياسي»

تحرك حوثي لتشكيل «حكومة» في صنعاء
TT

تحرك حوثي لتشكيل «حكومة» في صنعاء

تحرك حوثي لتشكيل «حكومة» في صنعاء

أعلن الانقلابيون الحوثيون في اليمن، أمس، أنهم سيشكلون حكومة في العاصمة صنعاء التي تخضع لسيطرتهم منذ أواخر 2014، وقالت مصادر حوثية إنه جرى إقرار القائمة النهائية لتشكيل ما سمته «المجلس السياسي الأعلى لإدارة البلاد» الذي أعلن عن إنشائه في الـ28 من الشهر الماضي، ويتكون من 10 أعضاء، مناصفة بين الحوثيين وحزب المخلوع علي عبد الله صالح.
ورعى الأخير حفل التوقيع بين حزبه «المؤتمر الشعبي العام» والحوثيين فيما تسمى حركة «أنصار الله»، وأكدت مصادر الحوثيين أنه جرى إقرار القائمة النهائية لتشكيلة المجلس، وأنه سيتم الإعلان عنها في غضون الـ72 ساعة المقبلة.
ونقلت وسائل إعلام حوثية عن عضو المكتب السياسي لحركة الحوثيين، عبد الملك العجري، قوله إن المجلس الانقلابي في صنعاء «سيبدأ بعد تشكيله ببرنامج على جميع المستويات، بما في ذلك حكومة». واعتبر العجري أن «تشكيل المجلس السياسي الأعلى خطوة ضرورية لتوسيع الشراكة الوطنية وتدشين مرحلة جديدة»، وهاجم القيادي الحوثي الأمم المتحدة، وقال إنها «تثير الأزمات أكثر مما تحلها».
ومنذ الانقلاب على الشرعية ومغادرة الحكومة اليمنية الشرعية اليمن، والحوثيون يديرون مؤسسات الدولة التي اغتصبوها بالقوة المسلحة في صنعاء، وتحديدا منها الوزارات، عبر قائمين بالأعمال من نواب الوزراء أو وكلاء الوزارات. غير أن الآونة الأخيرة شهدت تصعيدا من قبل الانقلابيين من خلال إعلان المجلس السياسي، الذي أعلن مع انطلاق الجولة الثانية من مشاورات الكويت.
ويرى مراقبون أن عدم صدور بيان إدانة من مجلس الأمن الدولي، بعد أن عرقلت روسيا صدور بيان يدين تشكيل المجلس السياسي ويدعو الانقلابيين إلى التوقيع على مشروع الاتفاق الذي تقدم به مبعوث الأمم المتحدة، شجع الانقلابيين على المضي في تحدي قرارات المجتمع الدولي، رغم الإدانة الإقليمية والدولية لخطوة الانقلابيين، وخاصة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. واعتبر معظم الأطراف أن خطوة كتلك سوف تقوض جهود السلام المبذولة لحل الأزمة اليمنية، فيما يرى آخرون أن هذه الخطوة تتخذ هي سعي للحصول على شرعية واعتراف من بعض الأطراف مع اقتراب قوات الشرعية من العاصمة صنعاء. إذ باتت مدفعية قوات الجيش الوطني تقصف بالقرب من منطقة بني حشيش، على تخوم العاصمة صنعاء، إضافة إلى تحرك قوات الجيش والمقاومة الشعبية، أمس، لتطهير ما تبقى من محافظة الجوف في شرقي البلاد والتي ترتبط بطرق تمر بحرف سفيان في محافظة عمران، قرب صنعاء، وأخرى تمر نحو محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي الانقلابية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.