تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على خط أزمة «الخطبة المكتوبة»، التي تصاعدت مؤخرا بين الأزهر ووزارة الأوقاف في مصر، وقالت مصادر مصرية: إن «لقاء الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والرئيس أمس، تناول موضوع أزمة (الخطبة المكتوبة)، ودعم الدولة المصرية لمشيخة الأزهر لمواصلة جهودها للتصدي لدعوات التطرف والعنف»، لافتة النظر إلى أن «الطيب استدعى محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إلى مقر مشيخة الأزهر وجميع قيادات الأزهر للتأكيد على ما جاء خلال لقاء السيسي؛ وذلك لمواصلة جهود تجديد الخطاب الديني».
وبينما قال مراقبون: إن «لقاء الرئيس مع شيخ الأزهر جاء عقب تفاقم الأزمة بين مشيخة الأزهر والأوقاف بسبب رفض هيئة كبار العلماء بمصر، برئاسة الدكتور الطيب، قرار (الخطبة المكتوبة) الذي أصدرته الحكومة»، ما زالت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، تطبق قرارها على المساجد وتدافع عنه بقوة، وهو القرار الذي أثار غضب وحفيظة أئمة ودعاة رسميين، هددوا بعدم صعود المنابر نهائيا.
وأكد مراقبون للشأن الديني، أن «قرار هيئة كبار العلماء كشف عن عدم وجود انسجام بين الأزهر والأوقاف، وهو ما حاول المسؤولون في المؤسستين نفيه خلال الفترة الماضية؛ لكن (الخطبة المكتوبة) كشفت الأزمة، ما دعا الرئيس للتدخل والتأكيد على دور الأزهر والأوقاف في خدمة قضية (الخطاب الديني)، خصوصا بعدما قامت جماعة الإخوان الإرهابية بالترويج في خارج مصر أن الأزهر تمرد على الدولة المصرية برفضه (الخطبة المكتوبة)».
واستقبل السيسي أمس الطيب بمقر قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة)، وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية: إن «اللقاء تناول الجهود التي يبذلها الأزهر لتصحيح صورة الإسلام، وتنقيتها مما علق بها من أفكار مغلوطة، فضلا عن التعريف بصحيح الدين».
وأضاف المتحدث الرسمي للرئاسة، أن «الرئيس أكد خلال اللقاء على دعم الدولة الكامل والمتواصل لمؤسسة الأزهر العريقة، جامعا وجامعة»، منوها بدوره المحوري «في التعريف بصحيح الدين الإسلامي، والاستمرار في تقديم النموذج الحضاري الحقيقي للإسلام في مواجهة دعوات الغُلو والتطرف؛ وذلك من أجل الحفاظ على الصورة الحقيقية للدين الحنيف ومواصلة مسيرة التنمية».
وكان الرئيس المصري قد أبدى أكثر من مرة استياءه من وتيرة إصلاح الخطاب الديني في البلاد، ودعا المؤسسة الدينية الرسمية بالتصدي إلى الجذور الفكرية للجماعات المتشددة، التي نفذت خلال العامين الماضيين مئات العمليات ضد عناصر الجيش والشرطة.
ولخصت أزمة «الخطبة المكتوبة» في مصر المشهد ما بين سلطات رسمية تحاصر مساجدها، وجماعات وتنظيمات دينية متشددة مثل الإخوان، تسعى إلى إدخال المنابر في صراع سياسي دائم. وقد سبق للدولة المصرية أن وحدت عنوان خطبة الجمعة في المساجد؛ وتركت مساحة للأئمة ليتحدثوا فيما يريدون، شرط عدم الخروج عن مضمون الخطبة؛ وذلك بهدف ضبط المنابر التي شهدت انفلاتا عقب عزل جماعة الإخوان الإرهابية عن السلطة.
من جانبه، أعلن الطيب خلال لقائه السيسي «تدشين مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية والرد على الشبهات»، قائلا إنه «سيتم افتتاحه قريبا ليكون انطلاقة كبرى لمواجهة الفكر المتطرف عبر الإنترنت، بما يُسهم في القضاء على فوضى الفتاوى، وفي رصد كل ما يثار من شبهات ومفاهيم مغلوطة لتصحيحها والرد عليها».
وقالت المصادر المصرية: إن «المركز متوقع أن يكون بـ10 لغات أجنبية لمواجهة الأفكار المتشددة، والرد على الآراء الشاذة بطريقة منضبطة لمواجهة الإرهاب الذي يجتاح العالم»، موضحة أن «المركز موجه لمواجهة ما تقوم به بعض الجماعات من استغلال التطورات التكنولوجية للإساءة إلى الإسلام».
وأضافت المصادر أمس، أن «المركز العالمي الذي يدشن في مصر سيكون آلية مهمة لرصد الأفكار المتطرفة من مختلف الدول والتي يروجها التكفيريون من تنظيم داعش، وغيرهم لاستقطاب الشباب وصغار السن إلى كل ما يزعمونه بالدول، فضلا عن مهمة حماية الشباب وتحصينهم من الأفكار المتطرفة».
وقالت المصادر: إن «الطيب أكد للرئيس السيسي أن المركز سيكون عين الأزهر الناظرة إلى ما يحدث في العالم، وسيتيح له أن يتفاعل مع الأحداث، معرفة وتحليلا وإجابة، من المعلومات التي يقوم أعضاء المركز برصدها وتحليلها».
وكان الطيب قد استعرض خلال لقاء الرئيس الجولات الخارجية التي قام بها خلال الفترة الأخيرة إلى عدد من الدول الآسيوية والأوروبية والأفريقية، والتي هدفت في المقام الأول إلى تقديم المبادئ الصحيحة للإسلام، وإيضاح حقيقته السمحة ونبذه الإرهاب وجميع أشكال العنف والتطرف، مؤكدا خلال اللقاء أن الأزهر، الذي ظل وما زال يمثل منبرا للإسلام المعتدل بوسطيته وسماحته، لا يدخر جهدا لإيضاح الحقائق وبيان فضائل الإسلام، الذي تحاول مجموعة من المتطرفين والإرهابيين تبرير أفعالها باسمه وهو منها براء.
كما استعرض شيخ الأزهر الجهود الجارية للارتقاء بمستوى شباب الوعاظ بمختلف محافظات مصر، وتحسين مستواهم العلمي والثقافي، وزيادة إلمامهم بالقضايا المستجدة.
في سياق آخر، أشاد الأزهر أمس بتصريحات البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، التي أدلى بها لعدد من الصحافيين عن الإسلام وما يثار عنه، وذلك على متن الطائرة التي عادت به من بولندا، والتي أكد فيها أن «إلصاق تهمة العنف بالإسلام ليس من العدل في شيء والتعميم مرفوض، فهناك متطرفون في كل الأديان حتى في المسيحية نفسها».
وأكدت مشيخة الأزهر، أن تلك التصريحات تعكس فهم البابا لطبيعية الإسلام وتعاليمه السمحة، وإدراكه لمجريات الأحداث على الساحة الدولية، معتبرا أن مجيء هذه التصريحات الإيجابية عقب اللقاء الأخير الذي جمع شيخ الأزهر والبابا فرانسيس في مايو (أيار) الماضي، تؤكد أهمية تواصل الحوار بين المؤسستين الكبيرتين من أجل تحقيق الخير للبشرية جمعاء.
وكان البابا فرانسيس قد أشار في تصريحاته إلى اللقاء الذي جمعه بالدكتور أحمد الطيب، قائلا: «لقد أجريت حوارا مطولا مع شيخ الأزهر، ونفهم كيف يفكرون، إنهم يبحثون عن السلام وعن الحوار».
السيسي يتدخل لوقف أزمة «الخطبة المكتوبة».. والطيب يستدعي وزير الأوقاف
شيخ الأزهر: قريبًا مركز عالمي للرد على شبهات الفكر المتشدد
السيسي يتدخل لوقف أزمة «الخطبة المكتوبة».. والطيب يستدعي وزير الأوقاف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة