قال زعيم اليمين المتشدد البلجيكي فيليب ديونتر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن تجريد المتورطين من المتشددين في جرائم الإرهاب، من حقوق المواطنة، على الرغم من حصولهم على الجنسية البلجيكية، هو مشروع قانون يحتاج إلى موافقة البرلمان ليدخل حيز التنفيذ.
وقال ديونتر إن مثل هذا القانون كان مطلوبا وضروريا لأن نصف المساجين في بلجيكا تقريبًا من الأجانب، ونسبة ضئيلة منهم هي التي تعيدهم السلطات إلى وطنهم الأصلي، مضيفًا: «لأنه للأسف ترفض دول كثيرة استقبال مجرمين من رعاياها». وقال: «إنني شخصيا أؤيد أن تُسحب الجنسية من المجرمين الذين يحملون الجنسية المزدوجة، خصوصًا الذين يتورطون في جرائم خطيرة، ولا بد من إعادتهم إلى الوطن الأصلي». جاء ذلك بعد أن اتخذت الحكومة البلجيكية قرارا بإلغاء الحماية التي كان يتمتع بها الأجانب بعد الحصول على الجنسية البلجيكية، ووافق اجتماع وزاري انعقد في يوليو (تموز) الماضي على تسهيل إجراءات إلغاء حقوق المواطنة من الأجانب الذين يتورطون في جرائم خطيرة ومنها الإرهاب، وإعادتهم إلى الوطن الأصلي، وقال مجلس الوزراء البلجيكي، إن الأجنبي المولود على التراب البلجيكي أو جاء إلى البلاد قبل سن الثانية عشرة من عمره لن يتمتع بالامتيازات التي كان يحصل عليها، وتمنع إبعاده خارج البلاد وإعادته إلى الوطن الأصلي، وذلك في حال تورط في الإرهاب أو السفر للقتال في الخارج، أو جرائم خطرة أخرى تهدد الأمن القومي.
وفي أواخر عام 2014، قالت الحكومة البلجيكية، إنها أعدت خطة لا بد من تنفيذها على وجه السرعة، للتعامل مع ملف تجنيد وتسفير أعداد من الشباب للقتال في الخارج، خصوصًا بالعراق وسوريا، وهي سياسة وقائية تهدف إلى منع ظهور جيل جديد من الراغبين في السفر إلى الخارج للمشاركة في العمليات القتالية. وقال وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون، إنه أعد خطة سيعرضها على البرلمان تتعلق بمزدوجي الجنسية ممن يُطلق عليهم «المتطرفون»، وتنص على سحب الجنسية البلجيكية منهم، أما بالنسبة للمقاتلين من المقيمين في البلاد ولا يحملون الجنسية البلجيكية وثبت تورطهم في القتال إلى جانب الجماعات المتشددة المسلحة في الخارج، «فسنمنع دخولهم إلى بلجيكا في حال عودتهم من مناطق الصراعات».
وأضاف جامبون في تصريحات حول هذا الصدد، أنه يميز بين القُصّر والبالغين، لأنه من الخطأ الجسيم ألا نفرق بين الاثنين عقب عودتهم من سوريا والعراق، فالأمر يتعلق بالعقاب وإعادة التربية، أيضًا لأنه يجب إعادة دمج هؤلاء القصر في مجتمعنا دون سحب الجنسية منهم.
ووصل إجمالي عدد الأشخاص الذين سافروا من بلجيكا إلى سوريا والعراق للمشاركة في العمليات القتالية هناك إلى 457 شخصا من بينهم ما يقرب من تسعين امرأة وطفلاً، وحسب أرقام رسمية نشرتها محطة التلفزيون البلجيكية الناطقة بالهولندية «في تي إم». وجاء فيها أن الأرقام كانت قد وصلت مطلع العام الحالي إلى 451 شخصًا، وهذا يعني حدوث تراجع في أعداد المقاتلين البلجيكيين في الفترة الأخيرة، ويعود ذلك إلى عدة أسباب منها زيادة في أعداد الأشخاص الذين جرى توقيفهم قبل السفر إلى مناطق الصراعات والانضمام إلى صفوف «داعش» وغيره من الجماعات المتشددة، وكان عدد من أوقفتهم السلطات في مطلع العام الحالي 59 شخصا وبلغ الرقم الآن 73 شخصًا، كما جرى منذ مطلع العام الحالي سحب الإقامة القانونية من 11 شخصا سافروا للقتال في سوريا.
وفي وقت سابق، وافق مجلس الوزراء البلجيكي، على مقترحات جديدة، لتشريعات تعزز الجهود الحالية لمكافحة الإرهاب، ومنها استحداث قاعدة بيانات جديدة بشأن من يسافر للخارج للمشاركة في العمليات القتالية، وأيضًا تمديد عمليات الاعتقال على خلفية التحقيق والتحري إلى 72 ساعة بدلا من 24 ساعة. والشهر الماضي طرح وزير الداخلية البلجيكي جامبون، على اجتماع لمجلس الوزراء، مجموعة تدابير تتعلق بمراقبة المشتبه في علاقتهم بالإرهاب أو التطرف بكاميرات غير مرئية، حتى لو لم يكن هناك تحقيق قضائي مفتوح بشأنهم، وحسب تقارير محلية، تتطلب مهمات المراقبة موارد بشرية كبيرة بشكل خاص، غير أنه من المفروض أن توفر إمكانية استخدام كاميرات غير مرئية طريقة أفضل من التي تجري بها عمليات المراقبة حاليًا. وقام مجلس الوزراء بإعداد إطار قانوني محدد لمراقبة المشتبه في صلتهم بالإرهاب والأشخاص في طور التطرف، بحيث يمكن للبرلمان العمل على هذه المسألة بعد عطلة الصيف. ومع ذلك، يستطيع أفراد الشرطة استخدام كاميرات شخصية مثبتة على أجسامهم، التي تسجل أفعالهم وحركاتهم حين يكونون في مهمة. ووفقا للوزير، ستضمن هذه الكاميرات أساسا «أمانا كبيرا للغاية لعناصر الشرطة الذين يتعين عليهم العمل في ظروف صعبة». ويأتي ذلك فيما وحد خمسة وزراء اتحاديون في بلجيكا، جهودهم للمعركة ضد دعاة الكراهية من خلال إنشاء قاعدة بيانات قد تساعد على مطاردة أو مضايقة مثيري الشغب. ومنذ وصول تنظيم الشريعة في بلجيكا، تعمل مختلف أجهزة الاستخبارات والشرطة بشكل نشط على محاربة دعاة الكراهية، ولكن المعلومة غالبًا ما تكون متناثرة في عدة مستويات وأمكنة، وبالتالي تمر الكثير من الوجوه عبر الفجوات. ومن خلال تعميم مشترك، اختار كل من وزير الداخلية جان جامبون، ووزير العدل كوين جينس، ووزير الخارجية ديدية رايندرس، ووزير الدفاع ستيفن فاندنبوت، ووزير الدولة المكلف بشؤون اللجوء والهجرة تيو فرانكين نهجا منسقا.
وقال الوزراء الخمسة: «هناك تدفق مستمر للمعلومات بشأن دعاة الكراهية بين البلديات وأجهزة الشرطة المحلية والشرطة الفيدرالية والنيابة العامة وهيئة التنسيق لتحليل التهديد (OCAM) وأجهزة الاستخبارات مثل جهاز أمن الدولة وجهاز الهجرة وجهاز الشؤون الخارجية وغيرها». وقال تيو فرانكين: «إن هيئة التنسيق لتحليل التهديد تنسق المعركة من خلال قاعدة بيانات مركزية لدعاة الكراهية، استنادا إلى معلومات خاصة بها ومعلومات باقي أجهزة الاستخبارات. واليوم، لا نعلم متى يقوم دعاة الكراهية بإثارة الحشود في المعارض الإسلامية ببلادنا إلا بعد حدوث الضربة. ومع وجود قاعدة بيانات، سنتمكن من التدخل بشكل وقائي ورفض منح التأشيرة». وكانت بلجيكا قد تعرضت في مارس (آذار) الماضي لهجمات إرهابية، استهدفت مطار بروكسل وإحدى محطات القطارات الداخلية فيها، وأسفر عن مقتل 32 شخصا وإصابة 300 آخرين.
وفي مايو (أيار) الماضي، قال نائب رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر ديكرو، إن الحكومة الحالية خصصت منذ أواخر العام الماضي وفي الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي 500 مليون يورو لتعزيز الأمن، وأضاف في تصريحات لمحطة التلفزيون البلجيكية الناطقة بالهولندية «في تي إم»، أن الحكومة السابقة لم تفعل مثل هذه الأمور.
وكان المسؤول الحكومي يرد على انتقادات من جانب المعارضة ممثلة في الحزب الاشتراكي الفلاماني، التي وردت على لسان رئيس الحزب يوهان كرومبيز، والذي انتقد في كلمة له في إحدى المناسبات، ما وصفه بتقصير الحكومة في عدم تخصيص المزيد من المخصصات المالية للجوانب الأمنية. وقال كرومبيز: «بدلا من تخصيص أموال للطائرات المقاتلة كان يمكن الاستفادة منها في توفير الأمن للمواطنين».
ورد نائب رئيس الحكومة ديكرو بالقول: «من المهم جدا الاهتمام بالأمن الداخلي وأيضًا بالخارجي، وإذا كان لدينا دور نقوم به في الداخل، فلا يعني ذلك أن نغفل دورنا العالمي. وعقب تفجيرات باريس نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قررت الحكومة البلجيكية، تخصيص 400 مليون يورو إضافية لموازنة 2016 لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، وشملت الإجراءات رفع موازنة الأمن، وتعزيز مراقبة الحدود الخارجية، ونشر 520 عسكري لتعزيز الأمن في الداخل، وإعادة النظر في قوانين الإجراءات الجنائية لتسهيل حصول أجهزة الاستخبارات الأمنية على التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك التعرف على الأصوات، وتوسيع نطاق التصنت على الهواتف، لتشمل أيضًا جرائم الاتجار بالسلاح، إلى جانب إجراء يتعلق بوضع العائدين من القتال في سوريا في السجن.
وجاء في تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في فبراير (شباط) الماضي حول الإجراءات الحكومية «قررت الحكومة تخصيص نحو 300 مليون يورو في جزءٍ من ميزانيتها المكونة من 400 مليون يورو التي تم الإعلان عنها بعد هجمات باريس في نوفمبر الماضي. وسيتم تخصيص احتياطي 100 مليون يورو المتبقية خلال سنة 2016». وكانت بلجيكا قد شددت من إجراءاتها الأمنية في أعقاب تفكيك خلية متطرفة وقتل اثنين من أعضائها بداية عام 2015 في مدينة فرفييه شرق البلاد، كما خصصت وقتها مبلغًا يصل إلى مائتي مليون يورو لتعزيز محاربة الإرهاب.
البرلمان البلجيكي: مشروع قانون لسحب الجنسية من المتشددين في القضايا الخطيرة
زعيم اليمين المتطرف لـ «الشرق الأوسط» : القانون ضروري.. ونصف المجرمين من الأجانب
البرلمان البلجيكي: مشروع قانون لسحب الجنسية من المتشددين في القضايا الخطيرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة