السعر الفلكي لانتقال هيغواين يقود سوق الانتقالات إلى {مسرح العبث}

السباق على المضاربة بالأموال يثبت إلى أي مدى تغيرت كرة القدم في العقدين الأخيرين

هيغواين توج هدافًا للدوري الإيطالي مع نابولي - هيغواين يستعرض قميص يوفنتوس الذي جعل منه ثالث أغلى لاعب بالعالم (أ.ب.أ)
هيغواين توج هدافًا للدوري الإيطالي مع نابولي - هيغواين يستعرض قميص يوفنتوس الذي جعل منه ثالث أغلى لاعب بالعالم (أ.ب.أ)
TT

السعر الفلكي لانتقال هيغواين يقود سوق الانتقالات إلى {مسرح العبث}

هيغواين توج هدافًا للدوري الإيطالي مع نابولي - هيغواين يستعرض قميص يوفنتوس الذي جعل منه ثالث أغلى لاعب بالعالم (أ.ب.أ)
هيغواين توج هدافًا للدوري الإيطالي مع نابولي - هيغواين يستعرض قميص يوفنتوس الذي جعل منه ثالث أغلى لاعب بالعالم (أ.ب.أ)

في حين يمر العالم بأزمات مالية خانقة على أرض الواقع، تحرق كرة القدم الأموال من أجل صنع ابتسامة. لقد أصبحت سوق انتقالات اللاعبين مجال أعمال من الضخامة بحيث أصبحت هناك أوقات تشعر فيها وكأن كرة القدم الفعلية باتت أمرا شبه ثانوي.
وقد تحطم الرقم القياسي العالمي للانتقالات مرتين في صيف عام 1996، حيث انتقل المهاجم البرازيلي رونالدو من «بي إس في أيندهوفن» إلى برشلونة مقابل 13.2 مليون جنيه إسترليني، لكن سعره القياسي لم يدم طويلا. ففي يوم جمعة، قبل عشرين عاما، دفع نيوكاسل 15 مليون جنيه إلى «بلاكبيرن روفرز»، من أجل الحصول على خدمات المهاجم آلان شيرر. وكان اللاعبان كلاهما يقفان على أعتاب أيام مجدهما الكروي، فكان رونالدو في عامه الـ19، وشيرر في عامه الـ25، ولعلهما كانا المهاجمين الأفضل في العالم في ذلك الوقت. وفي ذلك العام، حصلا على الترتيب الثاني والثالث على الترتيب فيما يتعلق بجائزة الكرة الذهبية، خلف المدافع القشاش الألماني ماتياس سامر.
ويظهر التناقض بين هذين اللاعبين وغونزالو هيغواين، الذي انتقل من نابولي إلى يوفنتوس قبل أيام، مقابل 94 مليون يورو (ما يقرب من 80 مليون إسترليني)، إلى أي مدى تغيرت كرة القدم في العقدين الأخيرين. فالمال لم يعد يتكلم فحسب، بل إنه لا يسكت أبدا. هيغواين مهاجم ساحر، وعادل بأهدافه الـ36 التي سجلها في موسم 2015 - 2016 الرقم القياسي المسجل في الدوري الإيطالي الممتاز، لكنه سيكمل عامه الـ29 في ديسمبر (كانون الأول)، وقليلون هم من يعتبرونه واحدا من أفضل لاعبي العالم. ففي أكتوبر (تشرين الأول)، لم يدخل هيغواين ولو في القائمة القصيرة التي تضم 24 لاعبا، للمنافسة على الكرة الذهبية، لكن سعره وصل إلى 94 مليون يورو.
قد تكون صفقة انتقال هيغواين بمثابة ذكرى لليوم الذي طرد فيه آخر مجنون من الملجأ. فقد أصبح ثالث أغلى لاعب في التاريخ، بعد غاريث بيل، لاعب ريال مدريد (85 مليون جنيه إسترليني)، وكريستيانو رونالدو (80 مليون جنيه إسترليني). وقد يصبح قريبا الرابع على القائمة، في حال انضم بول بوغبا إلى مانشستر يونايتد أو الريال، بسعر قياسي عالمي. وربما لو كان رونالدو أو ليونيل ميسي في الـ25 من العمر لاستحقا أن يدفع فيهما 200 مليون جنيه إسترليني.
ويبدو رد الفعل على انتقال هيغواين ذا دلالة. فهناك قدر من المفاجأة والاندهاش، ولكن هناك أيضًا قدرا من الاشمئزاز حيال سعر انتقال كان من شأنه قبل وقت ليس ببعيد أن يعتبر حكما مبتذلا على الانحلال المجتمعي. لقد أصبحنا نستقبل مثل تلك الأرقام الهزلية للانتقالات بحالة من انعدام الإحساس، وبنوع من اللامبالاة، وكذلك بالنسبة إلى التقارير الصحافية التي تفيد بأن مينو رايولا، وكيل بوغبا، سيحصل على 20 مليون جنيه إسترليني، في حال رحل اللاعب عن يوفنتوس.
إن أجور وكلاء اللاعبين الفلكية جزء مقبول من كرة القدم. فبين أكتوبر 2015، وفبراير (شباط) 2016، دفع مانشستر يونايتد 10 ملايين جنيه للوكلاء، ولم يشتر هؤلاء ولو لاعبا واحدا. وقد دُفعت هذه الأموال إلى الوكلاء لدورهم في التفاوض على تمديد عقود اللاعبين.
ولقد طورت كرة القدم اقتصادها الخاص، بمعدل تضخمه الخاص أيضا. وفي حين ينظر العالم الفعلي بتوجس إلى هذه الأرقام، فإن كرة القدم تحرق الأموال من أجل ابتسامة، حرفيا في حالات بعض اللاعبين المهاجمين تحديدا. لقد تحولت لعبة اشتراكية إلى تعبير معربد عن الجشع الذي لا مواربة فيه.
صارت سوق الانتقالات تجارة كبرى لدرجة أنه في بعض الأحيان تبدو كرة القدم الحقيقية شيئا ثانويا تقريبا. وتتخطى إثارة شراء اللاعبين واقع مشاهدة اللاعبين في أرض الملعب، وبات آخر موعد للانتقالات يتجاوز نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، باعتباره الموعد الأكثر ترقبا على تقويم الموسم الكروي.
وبات بعض وكلاء اللاعبين، من أمثال رايولا وخورخي مينديز، الآن من أهم الشخصيات في كرة القدم. هذا باستثناء وصفهم بالوكلاء، فلم يعد هذا الوصف كافيا، فهم «وكلاء سوبر»، وهم في كرة القدم المكافئ لسيندي كروفورد، وإيفا هيرزيغوفا، وغيرهما من عارضات الأزياء البارزات على غلاف مجلة «فوغ» الشهيرة في عام 1990. إن معركتهم من أجل التفوق تمثل لعبة في حد ذاتها، بل إن هؤلاء يملكون نفوذهم الخاص على بعض المواقع الإلكترونية. لقد كانت شعبية كرة القدم غير المسبوقة عالميا هي ما أدى إلى حدوث كل هذا. فقبل عشرين عاما، وعندما أصدرت شركة «ديلويت» للمراجعات المالية للأندية أول تقاريرها، كان مانشستر يونايتد يتربع على الصدارة بعائدات بلغت 88 مليون جنيه إسترليني. ويبين أحدث الجداول لموسم 2014 - 2015، احتلال ريال مدريد القمة بعائدات وصلت 439 مليون جنيه إسترليني. ورفعت الحرب التلفزيونية بين سكاي وبي تي آخر اتفاق للبث التلفزيوني إلى 5.14 مليار جنيه إسترليني للدوري الإنجليزي على 3 مواسم، في حين يغرق دوري السوبر الصيني في مستوى هائل من الأموال، لدرجة أن نادي شاندونغ لونينغ بمقدرته أن يدفع للمهاجم الإيطالي لاعب ساوثهامبتون غرازيانو بيلي 230 جنيها إسترلينيا في الأسبوع.
إنها ثقافة من الصعب أن تجد لها صلة، أو تتأقلم معها، حتى قبل أن تفكر بالعناصر الشائنة التي يصير وجودها أمرا حتميا في ظل وجود كل هذا الكم من الأموال. كما أن هذه ليست مسألة مبدئية ليست لها صلة بالواقع. إن هاجس المال في كرة القدم هو السبب الرئيسي فيما شهدته اللعبة من تغيير دراماتيكي على مدار الـ25 عاما، بدءا من الحسابات المالية المتعلقة بالمشجعين صغار السن، إلى غياب اللاعبين أصحاب المهارات القيادية والشخصية على أرضية الميدان.
جمهور نابولي غاضب لرحيل هدافه، لكن في حقيقة الأمر يجب أن يسعد لانتعاش خزينة النادي بمبلغ خيالي قد يساعده بتعزيز صفوفه بأكثر من لاعب الموسم المقبل.
هذا الانتقال يؤكد مدى نجاح سياسة مالك النادي أوريليو دي لورنتيس في استثمار اللاعبين، وبيعهم بأسعار اغلى. فهيغواين جاء من ريال مدريد عام 2013 مقابل نحو 40 مليون يورو، قبل أن يبيعه بمبلغ ناهز 94 مليون يورو.
وقبل هيغواين، استفاد دي لورنتيس من تألق المهاجم الأوروغوياني أدينسون كافاني، وباعه إلى باريس سان جيرمان الفرنسي مقابل 64 مليون يورو.
والآن، ما الذي يتعين على هيغواين فعله لإثبات أنه جدير بهذا المبلغ الكبير، هل بإمكانه قيادة الفريق لإحراز لقب يبحث عنه منذ فترة، وهو دوري أبطال أوروبا؟
من الصعب أن نرى كيف يمكن السيطرة على ثقافة المضاربات هذه التي تعتبر الجشع أمرا طيبا. وإذا لم يكن يعجبك هذا، يمكنك أن تذهب وتشاهد لعبة الكريكيت. ليست هذه أزمة منتصف العمر، أو حالة مؤقتة، إنما هو نظام حساب القيمة لكرة القدم في القرن الواحد والعشرين. وهو نظام يكاد لا يلفت أحد أو يثير علامات الاستفهام، عندما يصل سعر لاعب عمره 28 عاما إلى 90 مليون يورو.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».