أدت مواقف المعارضة ولا سيما منها «الهيئة العليا للتفاوض» المرحبة بفك ارتباط «جبهة النصرة» عن «تنظيم القاعدة» وتغيير اسمها إلى «فتح الشام»، إلى شرخ في صفوف الهيئة، خاصة أن بيانا كان قد صدر في هذا الإطار من دون التباحث به بين الأعضاء.
وأكدت مصادر من الهيئة لـ«الشرق الأوسط» أن اعتراضا سجّل من قبل عدد من الأعضاء على البيان، بعضهم لسبب متعلق بمسألة عدم مناقشته أو حتى اطلاع الهيئة على البيان، وبعضهم الآخر رافضا الموقف المرحّب بفك ارتباط «النصرة»، وعلى رأسهم أعضاء هيئة التنسيق إضافة إلى أعضاء من الائتلاف الوطني. ويأتي ذلك في وقت لم يحدّد فيه أي اجتماع مقبل للهيئة التي كانت قد عقدت اجتماعها الأخير قبل نحو عشرة أيام. وفي هذا الإطار، يشير المتحدث باسمها منذر ماخوس، إلى أنه من المفترض أن يحدد موعد الاجتماع بعد تلقي الدعوة للجولة المقبلة لمفاوضات جنيف التي كان المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، قد أعلن أنها ستعقد خلال شهر أغسطس (آب) الحالي.
ويقول ماخوس في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنّ دي مستورا لن يوجّه دعوة للمفاوضات ما لم يسجّل تقدما على صعيد المعطيات اللازمة لانطلاقها والتي كانت قد علّقت بشأنها الجولة الأخيرة»، أهمها فك الحصار وإيصال المساعدات وإطلاق سراح المعتقلين، مبديا اعتقاده أنه حتى ولو عقدت المفاوضات لن يتم التوصل إلى حل في وقت قريب خاصة قبل بدء ولاية الرئاسة الأميركية الجديدة وكل ما يحصل اليوم في ظل صعوبة التوفيق بين مقاربتي النظام والمعارضة، هو إضاعة للوقت، كما أن الفشل المتكرر سيؤدي في النهاية إلى تقسيم سوريا، مذكرا بما قاله مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جون برينان، لجهة تشكيكه بأن تبقى سوريا موحدة.
وأشار ماخوس إلى إمكانية اجتماع الهيئة العليا هذا الأسبوع مع ممثلين من وزارة الخارجية البريطانية، مشيرا إلى أنه اجتماع روتيني لا ينتظر منه أي جديد، وأضاف: «رغم الإيجابية في مواقف الأوروبيين تجاه الثورة لكننا نعلم أن القرار الأخير هو للاتفاق الأميركي - الروسي، والضغط الذي قد تقوم به واشنطن على موسكو للوصول إلى حل».
ولا ينفي ماخوس أهمية دور ما يحصل في حلب الذي يعتبر مؤشرا كبيرا في المعركة وفي التأثير على المفاوضات، مرجحا أن يزداد النظام تشددا إذا فك الحصار عنها كما أنها ستنعكس إيجابا على المعارضة إذا نجحت في عمليتها الأخيرة التي أطلقتها في المدينة.
ورفض ماخوس التعليق على الانقسام داخل الهيئة العليا حول بيان الترحيب «بفك ارتباط النصرة»، معتبرا أن هذا الأمر شأن داخلي ويحتاج إلى نقاش داخل الهيئة. مع العلم أن البيان الذي تؤكد المعلومات أنه لاقى تحفظا من عدد من الأعضاء، لاقى أيضا اعتراض «هيئة التنسيق الوطنية» الممثلة في الهيئة العليا بخمسة أعضاء، وقد أصدرت يوم أمس بيانا رفضت بموجبه بيان الهيئة العليا واعتبرته مخالفا للقرارات الدولية. وأكد بسام صقر «عضو هيئة التنسيق» و«مؤتمر الرياض»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن بيان الترحيب لاقى رفضا من عدد من أعضاء الهيئة العليا ونتج عنه شرخ في صفوفها، محذرا من الاستمرار في نهج ما وصفه «تجاوزا للصلاحيات»، ومؤكدا في الوقت عينه تمسك هيئة التنسيق بدور الهيئة العليا التي أنشئت لهدف أساسي وهو المفاوضات للوصول إلى حل للأزمة وبالتالي عليها ألا تتصرف كجسم سياسي.
وكانت «هيئة التنسيق» قد وصفت بيان ترحيب الهيئة العليا بـ«المتسرع والمفاجئ والتفاف مكشوف على القرارات الدولية التي صنفت النصرة التي قامت بتصفية الكثير من الناشطين، ضمن قوى الإرهاب». وطالبت الهيئة العليا بالتمسك بالرؤية السياسية والمواقف المشتركة، وعدم إصدار أي بيان تحت أي ضغوط من أي جهة دون مشاركة ممثلي أطرافها. وأكدت رفضها مضمون بيان الهيئة العليا معتبرة إياه متجاوزا ومخالفا للقرارات الدولية ذات الصلة، مشيرة إلى أن هيئة التنسيق بوصفها أحد المكونات الأساسية للهيئة العليا للمفاوضات، لم تطلع على البيان المذكور، وتؤكد تمسكها بالعملية السياسية للتفاوض، للوصول إلى حل سياسي على أساس بيان جنيف وكافة القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها القرارات التي تصنف «النصرة» و«داعش» ضمن المنظمات الإرهابية.
انقسام داخل «الهيئة العليا للتفاوض» على خلفية الترحيب بفك ارتباط «النصرة»
انقسام داخل «الهيئة العليا للتفاوض» على خلفية الترحيب بفك ارتباط «النصرة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة