الحكومة المصرية ترفع إجراءات مكافحة الإرهاب إلى الرئاسة

مقتل مجند في سيناء.. وجامعة القاهرة تقرر السماح لقوات الشرطة بالتمركز داخل حرمها

إجراءات أمنية مشددة في محيط جامعة القاهرة أمس عقب يوم من سلسلة تفجيرات (أ.ب)
إجراءات أمنية مشددة في محيط جامعة القاهرة أمس عقب يوم من سلسلة تفجيرات (أ.ب)
TT

الحكومة المصرية ترفع إجراءات مكافحة الإرهاب إلى الرئاسة

إجراءات أمنية مشددة في محيط جامعة القاهرة أمس عقب يوم من سلسلة تفجيرات (أ.ب)
إجراءات أمنية مشددة في محيط جامعة القاهرة أمس عقب يوم من سلسلة تفجيرات (أ.ب)

أعلنت الحكومة المصرية، عقب جلسة مطولة امتدت حتى وقت متأخر، أمس، إرسال مشاريع لتعديل قانون العقوبات، بما يتصل بجرائم الإرهاب إلى مؤسسة الرئاسة للتصديق عليها. وتأتي تلك الإجراءات في وقت تزايدت فيه العمليات الإرهابية أخيرا، حيث قتل مسلحون مجهولون مجندا برصاصتين في رأسه في شمال سيناء، عقب يوم من استهداف محيط جامعة القاهرة بسلسلة تفجيرات أودت بحياة ضابط مصري رفيع برتبة عميد في جهاز الشرطة، وأسفرت عن إصابة سبعة آخرين. وهو الحادث الذي دفع بدوره جامعة القاهرة إلى «تبني منظومة أمنية متكاملة لحماية الجامعة، تبدأ بدخول قوات الشرطة إلى حرم الجامعة فورا»، خاصة مع تزايد أعمال الشغب من قبل الطلاب المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين داخل الحرم الجامعي.
وقال مجلس الوزراء، أمس، إنه وافق على مشروعين بتعديل قانون العقوبات لتشديد العقوبة على الجرائم الإرهابية، وكذا تعديل قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص مكافحة جرائم الإرهاب. كما تقرر أيضا اتخاذ إجراءات إصدارهما، وزيادة الدوائر القضائية الخاصة بقضايا الإرهاب، وتفعيل عملها بالكامل، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية.
وأكد المجلس أن «العمليات الإرهابية التي تصاعدت وتيرتها في الفترة الأخيرة بهدف إفشال خارطة الطريق لن تنجح في تحقيق أغراضها الخبيثة، وأن أبطالنا من القوات المسلحة والشرطة، ومن خلفهم جموع الشعب المصري العظيم، يقفون بالمرصاد لردع عناصر الإرهاب والتخريب». وأعلنت، مساء أول من أمس، جماعة متشددة تدعى «أجناد مصر» مسؤوليتها عن حادث الجامعة في بيان لها، إلا أن المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف أكد في تصريحات إعلامية أن «جماعة الإخوان والعناصر الإرهابية تتستر خلف أسماء وهمية، كـ(أجناد مصر)، و(أنصار بيت المقدس)، وغيرهما من أسماء الجماعات، التي يقف خلفها عنصر إجرامي واحد، بهدف تشتيت الأمن والسيطرة الأمنية على تلك الجماعات خلال الفترة الماضية، ومحاولة تشتيت القبضة الأمنية وراء جماعات وهمية».
وشددت قوات الأمن قبضتها، أمس، على محيط ومداخل الجامعات، خاصة القاهرة والأزهر وعين شمس، التي شهدت وجودا أمنيا مكثفا، حيث انتشرت مدرعات القوات المسلحة والشرطة، مدعومة بمجموعات قتالية وخبراء مفرقعات، وقامت بتمشيط الشوارع، لضبط أي عناصر إرهابية أو خارجة عن القانون أو مواد متفجرة أو حارقة، وتأمين المنشآت الجامعية.
ونقل طلاب بجامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، وجود انخفاض ملحوظ في نسبة الحضور بين الطلاب والأساتذة، مما اضطر بعض الأساتذة إلى إلغاء عدد من المحاضرات.
وقال محمد رضا الطالب في الفرقة الثانية بكلية العلوم إن «عدد الطلاب ضئيل جدا، ربما يقل عن عدد قوات الأمن الموجودة خارج الجامعة.. جئت فقط للتعرف عن الوضع عن قرب، في ظل تأكيد المسؤولين ورئيس الجامعة استمرار الدراسة وتجنب تعطيلها، لكن يبدو أن الدراسة ستكون عصيبة جدا في ظل هذه الأوضاع».
وقالت الطالبة زينب عبد الغني (الفرقة الرابعة - حقوق): «لم أتمكن من الحضور اليوم (أمس)، وأعتقد أن ذلك سيستمر لعدة أيام أخرى.. أخشى من تجدد التفجيرات أو أي أعمال عنف أخرى.. فأنا لا آمن على نفسي في ظل هذا الوضع الأمني المتدهور».
وفي اجتماعه الطارئ، أمس، قرر مجلس عمداء جامعة القاهرة، بالإجماع، تبني منظومة أمنية متكاملة لحماية الجامعة، تبدأ بدخول قوات الشرطة إلى حرم الجامعة على الفور، وتمركزها بداخلها، وفق الخطط التي تراها لتأمين الجامعة، مع استعداد الجامعة لتقديم كل أوجه الدعم لقوات الشرطة، لأداء مهمات حماية الجامعة.‬‬
وكان حكم قضائي سابق قضى بأنه لا يجوز دخول قوات الشرطة الجامعات، لكن أعمال العنف والشغب التي تزايدت بشكل واضح في الفترة الأخيرة، جعلت بعض المسؤولين يشككون في جدوى تطبيق هذا الحكم.
وأدان مجلس جامعة القاهرة «الحادث الإرهابي الآثم الذي وقع بمحيط الجامعة»، مؤكدا أن الجامعة ستقوم، من جانبها، بتعزيز ودعم الأمن الإداري بكل احتياجاته من مواردها الخاصة، بما يساعده على القيام بدوره في تأمين الجامعة، بالتنسيق مع قوات الشرطة المتمركزة داخل الجامعة.‬‬ ‫‫وأهاب المجلس بأعضاء هيئة التدريس، والطلاب والعاملين بتقدير الظرف الاستثنائي الراهن، الذي تحياه الجامعة، وتفهم هذه الإجراءات واحترامها حفاظا على الجامعة ومقدراتها.
وكان رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب ترأس، أمس، اجتماعا مطولا لمجلس الوزراء، لمناقشة التشريعات التي سيجري إقرارها لمكافحة الإرهاب، بعد أن كان محلب عقد اجتماعا أمنيا طارئا، مساء أول من أمس، عقب التفجيرات، بحضور وزراء الدفاع والداخلية والعدل ورؤساء أجهزة المخابرات العامة والحربية والأمن القومي، لدراسة الموقف الأمني، وخلص إلى مجموعة من القرارات، أهمها التكثيف الأمني في المناطق المحيطة بالجامعات، وتكثيف الدوريات الأمنية المشتركة بين القوات المسلحة والشرطة على مدار اليوم، مع دراسة التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب، سواء من الناحية الإجرائية أو الموضوعية.
وأكدت الحكومة أن «الجماعات الإرهابية تحاول من خلال التفجيرات تعطيل خارطة المستقبل، وتهديد وترويع المواطنين، وزعزعة استقرار الدولة، وإفشال العملية التعليمية، واستدراج قوات الشرطة للدخول في مصادمات قد تؤدي إلى سقوط شهداء وأبرياء، واستغلال هذا الموقف داخليا وخارجيا». لكنها (الحكومة) شددت على «إصرارها على استكمال خارطة الطريق، واتخاذ جميع الإجراءات لمنع الإرهاب من العبث بأمن وسلامة الوطن والمواطنين».
كما أدانت رئاسة الجمهورية التفجيرات، مؤكدة أن ما سمته «قوى الإرهاب والتطرف» تأبى أن «تواصل مصر مسيرتها لإنجاز خارطة مستقبلها وتحقيق الاستقرار الذي أضحى مطلبا شعبيا عاما تتوق إليه جموع المصريين». وشددت الرئاسة على أن «القوى الظلامية لا تستهدف بإرهابها الأعمى فقط حماة الوطن من رجال القوات المسلحة والشرطة، وإنما أبناء الوطن كله». وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي بأن «يدرك أن مكافحة الإرهاب يتعين أن تجري من دون ازدواجية في المعايير، وأن يتخذ مواقف واضحة وأفعالا مؤكدة لها، من خلال تعاون دولي شامل، لتجفيف منابع الإرهاب».
ومن جهته، استنكر المجلس القومي لحقوق الإنسان أعمال العنف والهجمات الإرهابية التي استهدفت رجال الشرطة والجيش. وأكد المجلس في بيان أمس: «في ظل هذه الموجه العاتية من العمليات الإرهابية، تكون كل أعمال العنف الممنهج التي صارت مصاحبة للمظاهرات تصب في خانة الإرهاب، وتهيئ له البيئة المناسبة، خاصة أنها تتزامن وتتواكب أهدافها معا، وهي أعمال تتنافى تماما مع المصلحة الوطنية، وتعطل عملية التحول الديمقراطي، الذي حددته خارطة الطريق».
وطالب المجلس بضرورة مواجهة الأعمال الإرهابية والعنف الممنهج بكل قوة وفقا للقانون وبالتوازي مع الحفاظ على الحقوق والحريات لكل المواطنين، في إطار سيادة حكم القانون وضمان احترام حقوق الإنسان والعمل على ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وضمان محاسبتهم ومنع إفلاتهم من العقاب.
في السياق ذاته، تظاهر المئات من الطلاب في جامعة «عين شمس» (شرق القاهرة)، خارج الحرم الجامعي متجهين إلى ميدان «العباسية» وسط إطلاق الألعاب النارية والشماريخ في الهواء، ودخلوا في موجهات مع قوات الأمن التي أطلقت القنابل المسيلة للدموع بمحيط الجامعة لتفريقهم.
وبينما ساد الهدوء جامعة الأزهر، في ظل تكثيف أمني على بوابات الجامعة والكليات، تحسبًا لوقوع أي أعمال شغب. أبلغ مجهول عن وجود متفجرات في كلية الهندسة في جامعة قناة السويس، فجرى إخطار الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الإسماعيلية وإجراء مسح كامل لمبنى الكلية ولم يُعثر على شيء.
وفي حي شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، تمكنت الأجهزة الأمنية من فض مسيرات للإخوان، ردد المشاركون فيها هتافات مناهضة للجيش والشرطة، مما استفز معارضيهم من أهالي المنطقة حيث حاولوا تفريق المسيرة فاشتبك الجانبان بالحجارة، وقال مصدر أمني إن الشرطة ضبطت أربعة من مثيري الشغب بحوزتهم ألعاب وشماريخ نارية، وفرضت طوقا أمنيا حول مكان الواقعة.
في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية إن مجند أمن مركزي قتل برصاص إرهابيين شمال سيناء. وأوضحت أن مسلحين نصبوا كمينا على طريق رفح الدولي، واستوقفوا سيارة كان بها المجند، وحال الكشف عن هويته للجناة سارعوا بإطلاق الرصاص عليه ولقي مصرعه في الحال نتيجة إصابته بطلقتين بالرأس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».