سبقته شهرته للعاصمة النمساوية فيينا فكافأته المدينة بإقبال غير مشهود على معرضه لدرجة زيادة أيام الزيارة أسبوعيا، وتمديد ساعاتها. ذلك هو الفنان الصيني الأشهر آي وي وي الذي يقيم معرضا تحت عنوان «الانتقال والتحول» (Translocation – Transformation)، بالجزء الجنوبي من حدائق قصر البلفدير بفيينا وذلك في الفترة من 14 يوليو (تموز) إلى 20 نوفمبر (تشرين الثاني).
خلال أسبوع واحد بعد افتتاح المعرض فاق عدد زواره 10 آلاف زائر وامتدت الصفوف لمسافات طويلة، وهو ما دعا القائمين على المعرض إلى تمديد فترات العرض من 5 أيام إلى 6 أيام أسبوعيا، كما تم تمديد ساعات الزيارة حتى التاسعة مساء بدلا عن السادسة.
وسط حوض مياه واسع من أحواض القصر الباروكي الفخم وسط فيينا، يجذب الفنان أنظار زواره بلوحة مائية تجسم تراجيديا «أزمة اللاجئين»، التي تعيشها أوروبا، ومأساة أولئك البؤساء من دول العالم الثالث الذين يغامرون بحياتهم هربا من حروب ودمار وأوضاع إنسانية مزرية واقتصادية قاسية، فيركبون البحر وصولا إلى أوروبا بحثا عن مستقبل أكثر إشراقا، وللأسف يموت بعضهم غرقا فيما ترفض دول آخرين.
استخدم آي وي وي لرسم لوحته على صفحة الماء عدد 1005 سترة نجاة استخدمها بالفعل بعض أولئك اللاجئين معتمدا إياها كمادة خام رتبها بحيث تظل طافية، فبدت وكأنها مجموعة أزهار لوتس بـألوانها المتعددة.
وفي ذلك يقول آي وي وي: «يبدو أننا فقدنا الإحساس تجاه أزمة اللاجئين ونحتاج للفن ليعيدنا للواقع المؤلم الذي يعيشونه».
حول ذلك الحوض والحديقة الخضراء الرائعة ثبت آي وي وي 12 تمثالاً على هيئة رؤوس حيوانات مصنوعة بدقة متناهية من مادة صلبة سوداء اللون، ومنها وجه أسد وكلب وأرنب كما أن هناك وجه تنين صيني.
ترمز تلك الوجوه لحقبة مهمة في التاريخ الصيني عندما أقدمت قوات فرنسية وبريطانية عام 1860 على نهب 12 رأس زوداك كانت تزين البرج الصيني لقصر يوان مينغ يوان، بالعاصمة بكين، ذلك القصر الذي تم بناؤه في عام 1749.
وكانت 7 رؤوس من تلك الرؤوس قد جمعت أخيرًا ومن بينها اثنان ظهرا في مزاد علني 2009 لبيع موروثات ضمن ممتلكات أيقونة الموضة الفرنسي إيف سان لوران مما أثار الانتباه وساعد في ظهور عدد آخر، ولا تزال جهود الحكومة الصينية متعثرة لم تتوفق في استعادة المجموعة كاملة.
إلى ذلك يضم المعرض جناحا كاملا خارج قصر البلفدير شيد على شكل معبد صيني تقليدي قديم يعود عمره إلى 800 سنة مضت عبأه آي وي وي بدقة متناهية بأكثر من رمز ومغزى لمسيرة الصين الطويلة وما عاصرته من تحولات سياسية أثرت على هوية المواطن الصيني، بما في ذلك الثورة الثقافية التي اختلقها الرئيس ماو تسي تونغ، وفرضها بالقوة، بهدف تغيير نمط أسلوب حياة المواطن الصيني، ومن ثم ماتت بموته.
هذا ولم يغفل آي وي وي إثراء معرضه بما يرمز لما عاشته الصين من هيمنة أوروبية إبان ما يعرف تاريخيا باسم «حرب الأفيون الثانية»، وذلك أسلوب من أساليبه كفنان يمتلك قدرات معمارية هائلة وله معرفة تامة بفن النحت، بالإضافة لاهتمام سياسي، مما يساعده في متابعة واقع الحال المعيش ونقد التاريخ، في إشارات للتقاطعات الثقافية المعقدة بين الماضي والحاضر.
{آي وي وي} يعرض في فيينا وسط حشد جماهيري ضخم
أزمة اللاجئين ومحطات في التاريخ الصيني ضمن موضوعاته
{آي وي وي} يعرض في فيينا وسط حشد جماهيري ضخم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة