قال مكتب التحقيقات البلجيكي في بروكسل، إن الشرطة داهمت في وقت مبكر من فجر أمس السبت، ثمانية منازل في الجزء الوالوني «الفرانكفوني»، الناطق بالفرنسية في البلاد، وألقت القبض على عشرة أشخاص، ثم عادت وأطلقت سراح ثمانية منهم، وأبقت على شقيقين يشتبه في علاقتهما بالتحضير لتنفيذ هجمات إرهابية في بلجيكا. وقالت السلطات المعنية، إن المداهمات والاعتقالات شملت بلديات زايفر، وبرغن، والقريبة من مدينة مونس وأيضًا في مدينة ليياج، في منطقة والونيا، والقريبة من الحدود مع فرنسا، ولم تعثر الشرطة على أسلحة أو متفجرات، خلال عمليات المداهمة، واصطحبت معها الشقيقين نور الدين، وحمزة لاستجوابهما، وسيحدد قاضي التحقيقات في وقت لاحق، مدى استمرار اعتقالهما من عدمه.
واختتم مكتب التحقيقات بالقول، إن المداهمات والاعتقالات، التي جرت في الساعات القليلة الماضية، ليس لها علاقة بالتحقيقات الجارية، حول ملف تفجيرات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أو تفجيرات بروكسل في 22 مارس (آذار) الماضي.
جاء ذلك بعد وقت قصير من دعوة، انطلقت من الحركة الوطنية اليمينية المتشددة في بلجيكا، تدعو المواطنين للخروج السبت (أمس) إلى أحد الميادين الكبرى بالعاصمة بروكسل، للمشاركة في حرق علم «داعش» للتعبير عن الاحتجاج على العمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم داعش، ولكن السلطات المعنية في العاصمة البلجيكية لم تساند هذه الدعوة، خوفًا من رد فعل مضاد وبالتالي وقوع أعمال شغب.
ووجه هيرفي فانلاتم من الحركة الوطنية اليمينية المتشددة عبر الإنترنت دعوة لمؤيدي الفكرة، إلى الخروج، السبت، إلى الميدان الملكي في بروكسل، في تحرك رمزي وجاء في دعوته: «إن حرق علم منظمة إرهابية لا يمثل تحركا استفزازيا لأنه إذا كانت الحكومة تقوم بعملها ما كنا في حاجة إلى القيام بهذا التحرك»، ولكن سلطات بلدية بروكسل أظهرت عدم الترحيب بالفكرة، وقالت إنه «لم يتقدم أحد بطلب رسمي لتنظيم مثل هذه الفعالية، وفي نفس الوقت نخشى من تظاهرة مضادة»، وقالت السلطات: «إذا لاحظنا وجود استجابة من المواطنين للدعوة وخرجوا إلى الميدان لحرق علم (داعش)، سيطلب منهم عناصر الشرطة مغادرة المكان ومن يرفض ذلك سيتعرض للاعتقال.
ويذكر أنه بعد أيام قليلة من تفجيرات بروكسل في مارس الماضي، استخدمت الشرطة البلجيكية خراطيم المياه لتفريق عدد كبير من المحتجين اليمينيين، الذين تظاهروا وسط العاصمة بروكسل. واقتحم هؤلاء المتظاهرون الميدان، الذي يجتمع فيه المتضامنون مع ضحايا هجمات بروكسل. وحاولت الشرطة فرض سيطرتها على الوضع هناك بعدما تحرشت هذه المجموعة بنساء مسلمات وقاموا بأداء التحية النازية لهن. وكانت السلطات البلجيكية ألغت مظاهرة كانت مقررة لهم تحت عنوان «مظاهرة ضد الخوف» بسبب وضع ضغوط إضافية على كاهل الشرطة التي كانت في ذلك الوقت تحقق في مجريات الهجمات التي تعرضت لها البلاد 22 مارس وأسفرت عن مقتل 32 شخصا وإصابة 300 آخرين واستهدفت مطار بروكسل ومحطة للقطارات الداخلية تقع بالقرب من مقار مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
من جانبها، أثنت الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا في بيان نُشر غداة الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش، على شجاعة المجتمع الكاثوليكي بالمدينة الفرنسية التي شهدت حادثًا إرهابيًا استهدف إحدى الكنائس والذي رغم الرعب الذي أصابه، لا يستسلم لكراهية وعنف المعتدين عليه». وأعربت الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا عن عميق تأثرها بالأحداث التي أدمت فرنسا من جديد. وقالت الهيئة: «لم يعد للرعب أي حدود». وقال صلاح الشلاوي رئيس الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا: «بخوف بالغ، علمنا بظروف مقتل القسيس جاك هاميل كما قدم تعازيه للأسر والضحايا في هذا الهجوم الجديد الذي وقع بفرنسا. وتدعو الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا «أكثر من أي وقت مضى»، إلى الوحدة والتضامن بين كافة مكونات المجتمع «في هذه الأيام المظلمة». وقالت الهيئة إنها تتوجه بالدعاء من أجل دعم المجتمع الكاثوليكي بأكمله وفي وقت سابق أدانت الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا هجوم نيس الذي حصد أرواح 84 شخصا يوم 14 يوليو (تموز) الماضي. ودعت بالفعل إلى الوحدة والتضامن اللذين «يظلان أفضل أسلحتنا في مواجهة أولئك الذين يرغبون في خلق الفوضى».
وقال صلاح الشلاوي رئيس الهيئة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عقب تفجيرات بروكسل في مارس الماضي: «ما حدث مؤسف للغاية وفي نفس الوقت نحن نعتبر أن الجالية المسلمة ليست هي وحدها المسؤولة عن الأعمال التي تقع في أوروبا وأنتم تعلمون جيدا أن أول ضحايا الإرهاب هي الدول التي يقطنها المسلمون، ووقعت تفجيرات في المغرب وتونس ومصر والعراق وتركيا وغيرهم، وهذا يعني أن المسلمين ليس هم المسؤولون عن الإرهاب، ولكن هذا لا يعني أننا كمسلمين في أوروبا لا نتحمل أي مسؤولية عن صعود موجة التطرف، وبالتالي نقول إن الانتقادات هي مقبولة، وفي نفس الوقت غير مقبولة، مقبولة من باب أننا كمسلمين لا بد أن نتحمل مسؤولياتنا. وغير مقبولة.. في إطار ليس المسلمون وحدهم يتحملون مسؤولية ما يجري، ونحن دائما نتحمل مسؤولياتنا في هذا البلد، ونتحملها الآن بشكل أكبر لأن العمل الإجرامي وقع في بلدنا بلجيكا، وهذا يفرض علينا كمسلمين مسؤولية في هذه البلاد، وأن نتحرك لنواجه موجة التطرف، والتصدي للفكر المتشدد، والغلو في الدين. يأتي ذلك فيما وحد خمسة وزراء اتحاديون في بلجيكا، جهودهم للمعركة ضد دعاة الكراهية من خلال إنشاء قاعدة بيانات قد تساعد على مطاردة أو مضايقة مثيري الشغب. ومنذ وصول تنظيم الشريعة في بلجيكا، تعمل مختلف أجهزة الاستخبارات والشرطة بشكل نشط على محاربة دعاة الكراهية، ولكن المعلومة غالبًا ما تكون متناثرة في عدة مستويات وأمكنة، وبالتالي تمر كثير من الوجوه عبر الفجوات. ومن خلال تعميم مشترك، اختار كل من وزير الداخلية جان جامبون، ووزير العدل كوين جينس، ووزير الخارجية ديدية رايندرس، ووزير الدفاع ستيفن فاندنبوت، ووزير الدولة المكلف بشؤون اللجوء والهجرة تيو فرانكين نهجا منسقا. وقال الوزراء الخمسة: «هناك تدفق مستمر للمعلومات بشأن دعاة الكراهية بين البلديات وأجهزة الشرطة المحلية والشرطة الفيدرالية والنيابة العامة وهيئة التنسيق لتحليل التهديد وأجهزة الاستخبارات مثل جهاز أمن الدولة وجهاز الهجرة وجهاز الشؤون الخارجية وغيرها. وقال تيو فرانكين: «إن هيئة التنسيق لتحليل التهديد تنسق المعركة من خلال قاعدة بيانات مركزية لدعاة الكراهية، استنادا إلى معلومات خاصة بها ومعلومات باقي أجهزة الاستخبارات. واليوم، لا نعلم متى يقوم دعاة الكراهية بإثارة الحشود في المعارض الإسلامية ببلادنا إلا بعد حدوث الضربة. ومع وجود قاعدة بيانات، سنتمكن من التدخل بشكل وقائي ورفض منح التأشيرة». وفي نفس الإطار، أعلنت الشرطة الأوروبية (يوروبول) أنها تعقبت خلال الأشهر الستة الماضية 14 شخصًا وقبضت عليهم، بعد أن كانت أسماؤهم مدرجة على لائحتها للمطلوبين، وذلك بفضل معلومات قدمها مواطنون عبر موقعها الإلكتروني، وقالت الشرطة الأوروبية في بيان إن «المعلومات المقدمة عبر الموقع الإلكتروني أدت دورًا مباشرًا في تحديد مواقع 8 أشخاص على الأقل من بين هؤلاء الهاربين». وأطلقت منظمة الشرطة الأوروبية والاتحاد الأوروبي هذا الموقع الإلكتروني، على إثر الانتقادات التي وجهت إليهما غداة اعتداءات 13 نوفمبر؛ بسبب نقص التنسيق بينهما. ومن بين المعتقلين مؤخرا البلجيكي صلاح عبد السلام المشتبه به الرئيسي في تلك الاعتداءات التي أدت إلى مقتل 130 شخصا، وإبراهيم عبريني شقيق محمد عبريني وهو بلجيكي من أصل مغربي ضالع في اعتداءات باريس وبروكسل.
ولم يكن اعتقالهما مرتبطا بشكل مباشر بالموقع الإلكتروني الذي تم تصفحه ملايين المرات منذ إطلاقه في 29 يناير (كانون الثاني) كانون الثاني. لكن في فبراير (شباط) الماضي تم القبض في باريس على الروماني غريغوريان بيفولارو البالغ 64 عامًا، والذي كان مدربًا لليوغا ومتهما باستغلال أطفال جنسيا، بفضل معلومات تلقاها الموقع الإلكتروني للشرطة الأوروبية.
بلجيكا: اعتقالات للاشتباه بمتورطين في التخطيط لعملية إرهابية جديدة
رفض التصريح لليمين المتشدد بإحراق علم «داعش» خوفًا من وقوع أعمال شغب
بلجيكا: اعتقالات للاشتباه بمتورطين في التخطيط لعملية إرهابية جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة