أدخلت روسيا ملف الصراع في حلب أمس، منعطفًا جديدًا، بإعلانها فتح ممرات إنسانية في المدينة المحاصرة، وهو ما دفع المعارضة السورية للتأكيد على أنها «مناورة، لم تدخل الحيّز العملي»، وذلك على وقع التقدم العسكري لقوات النظام، بموازاة توسع سيطرة الأكراد باتجاه منطقة السكن الشبابي وحي الأشرفية الملاصقين لمنطقة الشيخ مقصود الخاضعة لسيطرتهم، وسط ترويج النظام «لحصار طويل» يستخدمه «كورقة ضغط على المدنيين المحاصرين»، حسبما قالت مصادر عسكرية من داخل مدينة حلب لـ«الشرق الأوسط».
وشددت المصادر على أن ما طرحه النظام وروسيا، أمس «لا يتعدى كونه مناورة»، وأنه «لم يُترجَم عمليًا»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن النظام «لم يسمح حتى الآن بإخراج أحد من المسلحين».
وأعلنت موسكو، الخميس، إقامة ممرات إنسانية في مدينة حلب السورية تمهيدا لخروج المدنيين والمقاتلين المستعدين لتسليم سلاحهم، بعدما باتت الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة محاصرة بالكامل من قوات النظام السوري.
وتزامن الإعلان الروسي مع إصدار النظام السوري، الخميس، مرسوما يقضي بمنح عفو لكل من يبادر من مسلحي المعارضة إلى تسليم نفسه خلال ثلاثة أشهر، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا». وينص المرسوم التشريعي على أن «كل من حمل السلاح أو حازه لأي سبب من الأسباب، وكان فارًا من وجه العدالة، أو متواريًا عن الأنظار، يُعفى من كامل العقوبة متى بادر إلى تسليم نفسه وسلاحه للسلطات القضائية المختصة»، خلال مدة ثلاثة أشهر. كما يشمل العفو «كل من بادر إلى تحرير المخطوف لديه بشكل آمن ومن دون أي مقابل» بحسب المرسوم.
وفي مقابل المساعي الروسية، يرفض المقاتلون الخروج من مناطقهم. وقال مصدر في داخل مدينة حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن «معظم الكتائب في مدينة حلب، هي إسلامية، متشددة ومعتدلة، ولا يمكن أن تقبل بالمصالحة مع النظام»، مشيرًا إلى أن الفصائل في داخل مدينة حلب الرافضة بالمطلق للمصالحة هي «جبهة النصرة»، و«حركة نور الدين الزنكي»، و«أحرار الشام»، و«فيلق الشام»، و«فجر الشام»، و«حركة النور»، و«كتائب أبو عمارة»، وهي تتواصل مع «جيش الفتح» الذي يعد بمؤازرتها لفك الحصار عن حلب.
ويأتي الإعلانان الروسي والسوري، غداة كشف «الشرق الأوسط» عن مساعي النظام للتوصل إلى «مصالحة» عبر التوسّط مع شيوخ العشائر في مدينة حلب. وقالت مصادر في مدينة حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «طرح الموضوع من باب المناورة، ولم يتحقق أي خرق، حتى اللحظة، على خط التوسط»، لإيجاد «تسوية» للمقاتلين الموجودين في المنطقة. وأضافت المصادر: «لا معبر تم فتحه، على الرغم من أن ما حُكي عنه هو فتح معبر من حي صلاح الدين للمقاتلين»، لافتة إلى أن قوات النظام «قتلت شخصًا برصاص القنص أثناء محاولته العبور إلى خارج المدينة»، مشددة على أن ما حكي عن فتح المعابر «لا يتخطى كونه خدعة إعلامية».
ولم يتحقق خروج المقاتلين، إلا بالمعبر الذي فتحته قوات النظام في منطقة السكن الشبابي قبل سيطرة المقاتلين الأكراد عليه، حيث أتاحت للمقاتلين في منطقة بني زيد الخروج باتجاه الريف الشمالي لمدينة حلب. وقالت المصادر إن هؤلاء المقاتلين «كانوا يتبعون (الفرقة 16 مشاة)، ولا يمتلكون سلاحًا يؤهلهم للصمود، بالنظر إلى أن سلاحهم فردي».
ويستند المعارضون في حديثهم عن «خدعة النظام» إلى أن المعارك التي يخوضها النظام «مستمرة»، وقد حقق تقدمًا أمس، عبر سيطرته على حي بني زيد، وإقفال خط الكاستيلو بالكامل، والتوجه غربا في محيط أحياء النظام في حلب، على تخوم منطقة جمعية الزهراء ومسجد الرسول الأعظم ومبنى المخابرات الجوية، حيث سيطر أمس أيضا على منطقة الليرمون بالكامل، ويسعى للتقدم باتجاه السيطرة على قرية كفر حمرة، وهي الخط الأساس الذي يربط ريف حلب الغربي بريفها الشمالي.
وقالت المصادر العسكرية لـ«الشرق الأوسط»، إن اتجاه النظام غربا «يأتي بعد شبهات بتوصله إلى اتفاق مع المقاتلين الأكراد وقوات (سوريا الديمقراطية) في حي الشيخ مقصود، قضى بسيطرتهم على منطقة السكن الشبابي وإحكام السيطرة الكاملة على حي الأشرفية في المدينة»، مشيرة إلى أن «تقسيم الأدوار مع النظام، ساعده على الالتفاف مسافة كيلومتر واحد، ونقل معاركه باتجاه الغرب، بدلاً من المضي في معركة كانت ستستغرق منه أكثر من 10 كيلومترات للالتفاف».
وتشهد مدينة حلب منذ صيف عام 2012 معارك مستمرة وتبادل قصف بين الفصائل المقاتلة التي تسيطر على الأحياء الشرقية، وقوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية.
الفصائل ترفض «عفو النظام».. وشبهات حول دور الأكراد
مصادر عسكرية: جيش الفتح وعد بالمؤازرة لفك الحصار عن حلب
الفصائل ترفض «عفو النظام».. وشبهات حول دور الأكراد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة