شهدت الأيام الماضية محادثات حكومية روسية - تركية مكثفة تدل على أهمية «الاقتصاد أولاً» في مجمل خطوات التطبيع بين البلدين، التي كانت قد استعادت نشاطها خلال اليومين الماضيين، بعد جمود نسبي ترافق مع محاولة الانقلاب في تركيا وتداعياته. ولتأكيد التمسك بنهج التطبيع أعلنت الرئاستان الروسية والتركية عن لقاء يوم التاسع من أغسطس (آب) في مدينة بطرسبورغ، يجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان لأول مرة بعد القطعية التي استمرت زهاء سبعة أشهر. ونظرًا لأهمية اللقاء من جانب، وأهمية التعاون التجاري بين البلدين من جانب آخر، فقد جاءت زيارة الوفد الحكومي التركي إلى موسكو والمحادثات التي أجراها مع الجانب الروسي لتشكل «تمهيدا اقتصاديا» للمحادثات السياسية على أعلى مستوى بين البلدين.
وتجدر الإشارة إلى أن الجانبين الروسي والتركي تناولا مجددا لأول مرة، منذ عام تقريبًا، موضوع شبكة أنابيب الغاز المعروفة باسم «السيل التركي»، وذلك خلال محادثات ضمن زيارة وفد حكومي تركي إلى روسيا، على رأسه محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء التركي، ويرافقه وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي.
وخلال محادثاته مع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك حول التعاون في مجال الغاز، أكد الوزير زيبكجي أن مشروع «السيل التركي» مربح للبلدين، بينما أشار الكسندر مدفيديف، نائب رئيس مجلس إدارة شركة «غاز بروم»، خلال مشاركته في المحادثات بين الوزيرين، إلى أن روسيا وتركيا ستشكلان فريق عمل حول هذا المشروع. ومن المتوقع أن يجري اللقاء المقبل بين الوزيرين زيبكجي ونوفاك يوم السادس من أغسطس (آب)، أي قبل أيام على لقاء بوتين وإردوغان، في ظل ترجيحات بأن يعلن الرئيسان عن خطوات محددة في مجال التطبيع الاقتصادي بين البلدين، ربما يكون استئناف العمل المشترك على مشروع «السيل التركي» واحدة من تلك الخطوات.
وتجدر الإشارة إلى أن مد شبكة غاز «السيل التركي» يهدف إلى أمرين الأول زيادة صادرات الغاز الروسي إلى تركيا لتغطية الطلب المتزايد على الغاز في سوقها المحلية، والثاني، وهو الأهم بالنسبة إلى روسيا، إيجاد بديل عن شبكة للغاز كان تعمل روسيا على مدها نحو أوروبا عبر قعر البحر الأسود وبلغاريا، وتعرف باسم «السيل الجنوبي»، لكن العمل على المشروع توقف بسبب مواقف بعض الدول التي يجب أن تمر الشبكة عبر أراضيها، ووجدت روسيا في التعاون في مجال الغاز مع تركيا مخرجا من ذلك الموقف، وفرصة مناسبة لتحقيق هدفها في تأمين ممر إضافي لصادرات الغاز إلى أوروبا، بغية التخلص من الاعتماد بصورة رئيسية على شبكة الغاز عبر الأراضي الأوكرانية. ويبدو أن أجواء العلاقات التركية - الروسية أصبحت مناسبة للعودة مجددًا إلى الحديث عن مشروع الغاز عبر تركيا؛ الأمر الذي مهدت الدرب أمامه محادثات الوفد الحكومي التركي في موسكو خلال اليومين الماضيين.
وكان نائب رئيس الوزراء التركي قد أشار خلال المحادثات مع الجانب الروسي إلى أن الهدف من زيارة موسكو هو العودة بالعلاقات بين البلدين في شتى المجالات إلى سابق عهدها، لافتا إلى أن «المحادثات ركزت بصورة خاصة على التعاون التجاري - الاقتصادي»، وأن «المسائل السياسية تم تأجيلها، ليتم بحثها خلال اجتماع الرئيسين الروسي والتركي». وعليه لم يكن التعاون في مجال الغاز الملف الوحيد على جدول أعمال المحادثات التركية - الروسية في موسكو، التي تناولت أيضا مسألة صادرات المنتجات الزراعية والخضار والفاكهة. وفي هذا الشأن اتفق الجانبان على تبادل الوفود، حيث سيجري وفد روسي زيارة إلى تركيا الأسبوع المقبل لبحث تصدير المنتجات الزراعية الروسية واللحوم إلى تركيا، وفي الوقت ذاته سيجري وفد تركي زيارة إلى روسيا لبحث استئناف صادرات الخضار والفاكهة التركية إلى السوق الروسية.
وتأمل كل من موسكو وأنقرة أن تسهم خطوات التطبيع في العودة في وقت سريع إلى المستوى القديم من حجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي يقدر بحدود 44 مليار دولار أميركي، وكانت هناك نية لدى روسيا وتركيا، قبل الأزمة بينهما، بتوسيع التعاون ليصل حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2023، لكنهما ستركزان الآن على استعادة حجم التبادل التجاري السابق بعد أن تسببت القطيعة في خسائر لهما.
«الاقتصاد أولاً» يتصدر لقاء بوتين ـ إردوغان
روسيا وتركيا تلتقيان في بطرسبورغ بعد قطيعة مؤلمة للجانبين
«الاقتصاد أولاً» يتصدر لقاء بوتين ـ إردوغان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة