قال الممثل اللبناني بديع أبو شقرا بأن عودته إلى الشاشة الصغيرة من خلال مشاركته في مسلسل «مش أنا» جرت بالصدفة. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد لفتني نصّ كارين رزق الله لأنه سلس جدا ونابع من حياتنا اليومية، فالحوارات فيه تشبه تلك التي نقوم بها مع الأصدقاء عندما نتساير معهم». وتابع: «لعلّ مقاربة كارين للواقع الذي نعيشه أن في البيت أو الشارع أو أي مكان آخر نتواجد فيه، دفعني إلى الموافقة على هذه الإطلالة التلفزيونية بعد طول غياب». وعن سبب ابتعاده طيلة هذا الوقت عن أعمال الدراما أجاب: «عندما تحدّثت مع الكاتبة كارين رزق الله وجدت أن لديها نفس هواجسي في أعمال الدراما، ولذلك التقينا على نقاط كثيرة. فأنا عندما شعرت بأن الدراما لا تحاكيني كممثل ولا تحفزّني على القيام بعمل تمثيلي أقتنع به، قررت الابتعاد عن الساحة. وهنا لا أحاول الانتقاص من الآخرين، فلدينا كتّاب رائعون ولكن بعضهم تأمّلنا بهم خيرا ثم ما لبثوا أن اختفوا عن الساحة تماما. فالتمثيل ليس مهنة بقدر ما هو متعة وشغف، وعندما افتقدتهما في العروض التي كنت أتلقاها أخذت هذه الاستراحة الطويلة». ورأى الممثل اللبناني الذي بقي يطلّ عبر أعمال مسرحيّة لبنانية، رغم استقراره في كندا بعد التحاقه بأحد معاهدها الفنية للدراسة، بأن أي عمل درامي يجب أن يكون على علاقة مباشرة بأرض الواقع وإلا صار بمثابة سلعة يمكن تركيبها على أي مجتمع نريده. وأوضح: «قصصنا يجب أن تكون واقعية، فنحن نعاني من غربة قاتلة ما بين واقعنا والدراما اللبنانية. ولبنان بالتحديد لديه العناصر التي تميّزه عن باقي المجتمعات المحيطة به، ولذلك توجب علينا الاستفادة منها لتكون بمثابة السلاح الذي نقطع به الشكّ فننتشر بفضله في العالم العربي أجمع». ولكن عن أي عناصر تتحدّث؟ «هي خلطة لا نجدها إلا في بلدنا، كالحيوية والحريّة والمرأة والجمالية والتعددية، فكثيرة تلك العناصر وليس في استطاعتي أن أحددّها ببعض الكلمات. طالما كانت بيروت منارة الشرق وما زالت». وكان الممثل بديع أبو شقرا قد استطاع مع الكاتبة والممثلة كارين رزق الله أن يؤلّفا ثنائيا ناجحا، بحيث تصدّر مسلسلهما «مش أنا» أعلى نسبة مشاهدة في موسم رمضان، واضعا قناة (إل بي سي) في مقدمة المحطات التلفزيونية المتابعة من قبل اللبنانيين. ويعلّق: «هوية العمل هي التي لعبت الدور الأساسي في هذا الموضوع، فكانت واضحة وحاكت المشاهد بشكل مباشر فتواصل معها لأنها تشبهه، ولم يقتصر هذا التفاعل ما بينه وبين العمل على الناحية العاطفية فقط (كونه لبنانيا ولنجوم يحبّهم)، بل على ملامسته له عن قرب، فقد لبّى متطلّباته بعد أن أسقط من حساباته ما لا ينسجم مع تطلّعاته، فربح العمل التحدّي رغم غزارة الإنتاجات العربية التي كانت تنافسه».
وعن وضع الدراما اللبنانية اليوم قال: «لقد تطوّرنا دون شكّ من الناحية التكنولوجيّة، ولكننا ما زلنا بحاجة إلى الانتشار بشكل أكبر. فرغم تراكم التجربة فإننا لم نستطع أن نرسّخها في صناعة الدراما. نحن نملك جميع المواصفات المطلوبة للنجاح بقدرات الممثلين والمخرجين والكتّاب الموجودة عندنا، ولكن مع الأسف هناك من عمل في مرحلة ما هذا الهدف ثم ما لبث أن راح يراشقنا بالحجارة، فاستبيحت الساحة من قبل التجّار وغاب عنها المنتجون المحترفون». وعن الدور الذي لعبته الدراما المختلطة على صعيد الساحة اللبنانية قال: «لست أبدا ضد هذه الظاهرة الرائجة حاليا، ويمكن أن أشارك فيها يوما ما، ولكني لا أوافق على أن تكون سلاحنا للانتشار. فمن إيجابياتها أنها سنحت للبنانيين أن يصبحوا من ضمن تركيبتها الصناعية الأساسية، ولكني أصر بأنه لا يجب أن نتمسّك بهذه الموضة للانتشار بل أن نركن إلى رحم واقعنا ومجتمعنا اللبنانيين». وأضاف: «في الماضي عشنا ظاهرة مشابهة عندما راح المنتج المصري في فترة انحطاط السينما المصرية، يستعين بالممثل اللبناني والسوري ليحيا من جديد على أكتافهما، ولكن تلك الأعمال باءت بالفشل لأن التركيبة كانت تجارية ليس أكثر». وأضاف: «اليوم تغيّر هذا الواقع بعدما صرنا حاجة، وأثبتنا جدارتنا في جميع المجالات الفنيّة».
وعمّن يشكّل اليوم نجومية العمل الممثل أو النص؟ أجاب: «النص اليوم هو الذي يحدد نجومية عمل ما وليس الممثل المشارك فيه. فقد يفشل العمل من حلقته الثانية إذا لم يكن يتمتع بحبكة لافتة، حتى ولو أن الممثل المشارك فيه كان نجما».
وعن النجومية في عالم التمثيل قال: «هي من أسهل الأمور التي يمكن إدراكها في عالمنا، خصوصا إذا كان صاحبها آتيا من خلفيّة إعلامية أو مجال عرض الأزياء. فالأمر ليس موضوع جمال بل احتراف ودراسة، والجمهور ليس غبيّا وهو وحده من يستطيع الحكم على هذا الموضوع، رغم بعض التحفّظات التي املكها تجاهه، وقد استنبطتها من أدائه في المواضيع السياسية. كما أن الممثل برأي هو الحلقة الأضعف، فمرات كثيرة يشارك في أعمال لا تمتّ إلى الواقع بصلة، فيفشل في أداء دوره. كما أن مقياس النجومية الحقيقي ليس الشكل الخارجي أو الجمال والطول والعرض، بل الشغف والدراسة والاختصاص. فكلّ ما نصادفه اليوم في عالمنا هو مجرّد موضة لا بد أن تنتهي قريبا، فقانون نقابة الممثلين يقضي بأن لا تزيد نسبة هؤلاء عن الـ15 في المائة من مجمل عدد الممثلين المحترفين. وأنا شخصيا كان لدي تجربة مع أحد هؤلاء (الدخلاء على المجال)، وعندما انتهيت منها، قررت أن لا أعيدها مرة أخرى، لأنني لم أستطع أن أنسجم مع الممثل الدخيل.
وبديع أبو شقرا الذي يعيش في كندا منذ اثني عشر عاما حيث شارك بأعمال فنيّة ومسرحية فيها وصف تجربته هذه قائلا: «الحنين لبلدي يسكنني بشكل دائم، فأنا معجب بقول مأثور يقول (المهاجر شخص مريض بالحنين وهو يتمنى أن لا يشفى منه حتى لا ينساه). في هذه الغربة تعلّمت أشياء كثيرة.
بديع أبو شقرا: نعاني من الغربة ما بين الواقع والدراما التلفزيونية
قال إن الساحة استبيحت من قبل التجار وغاب عنها المنتجون المحترفون
بديع أبو شقرا: نعاني من الغربة ما بين الواقع والدراما التلفزيونية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة