جنوب السودان: خلافات بين أطراف النزاع حول نشر قوة إقليمية لحماية جوبا

دعوة مشار للعودة إلى العاصمة لممارسة مهامه وتنفيذ اتفاقية السلام

حطام دبابة دمرت خلال القتال بين قوات سلفا كير ورياك مشار في منطقة جبل جوبا، جنوب السودان  (أ.ف.ب)
حطام دبابة دمرت خلال القتال بين قوات سلفا كير ورياك مشار في منطقة جبل جوبا، جنوب السودان (أ.ف.ب)
TT

جنوب السودان: خلافات بين أطراف النزاع حول نشر قوة إقليمية لحماية جوبا

حطام دبابة دمرت خلال القتال بين قوات سلفا كير ورياك مشار في منطقة جبل جوبا، جنوب السودان  (أ.ف.ب)
حطام دبابة دمرت خلال القتال بين قوات سلفا كير ورياك مشار في منطقة جبل جوبا، جنوب السودان (أ.ف.ب)

تصاعد الخلاف السياسي بين الأطراف الرئيسية الحاكمة في جنوب السودان إلى جانب دول القارة الأفريقية حول دخول قوات إقليمية، وتمسك كل طرف بموقفه، حيث شدد حزب الحركة الشعبية الحاكم على رفضه دخول أي قوة إقليمية في البلاد، وعد أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي يقدر عددها بأكثر من 13 ألف جندي كافية، فيما جددت الحركة الشعبية في المعارضة تمسكها بضرورة دخول هذه القوات تحت دعاوى حماية جوبا، وفتح الطريق أمام النائب الأول للرئيس الدكتور رياك مشار، الذي اختبأ في منطقة ما خارج العاصمة.
وقال بيان صادر عن المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية الحاكم، بزعامة رئيس جنوب السودان سيلفا كير ميارديت، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الحزب يرفض دخول أي جندي إضافي سواء من دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا أو الاتحاد الأفريقي إلى البلاد، وشدد الحزب على أن القوات الأممية المنتشرة في مدن جنوب السودان كافية، ودعا المكتب السياسي النائب الأول للرئيس الدكتور رياك مشار العودة إلى جوبا لممارسة مهامه وتنفيذ اتفاقية السلام، لكنه عاد وقال إن «قيادات الحركة الشعبية في المعارضة التي لم تخرج مع مشار أكدت أنها ستواصل عملها مع الحكومة في تنفيذ الاتفاقية، ونحن نقدر ذلك وسنتعامل معهم في تحقيق الاستقرار والأمن وتنفيذ الاتفاقية»، بما يشير إلى إمكانية تعيين قيادي في الحركة المعارضة في منصب النائب الأول بدلاً من مشار، بينما تقول الترشيحات إن الأقرب للمنصب هو تعبان دينق قاي وزير الطاقة المقرب من الرئيس سيلفا كير ميارديت.
من جانبه، قال المتحدث باسم الحركة الشعبية في المعارضة، مناوا بيتر، إن حركته أوفدت قيادات منها إلى قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الرواندية كيجالي لإجراء لقاءات مع رؤساء دول القارة والوفود المشاركة من المجتمع الدولي، لتوصيل رأي النائب الأول لرئيس جنوب السودان حول مستقبل العملية السلمية في البلاد، وضرورة نشر قوة إقليمية في جوبا لتجنب أي مواجهات عسكرية مستقبلاً بين القوات الحكومية والمعارضة، وأضاف: «إننا نطالب بنزع السلاح وتشكيل قوة مشتركة تحت إدارة بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وضرورة نشر قوة عسكرية من دول (الإيقاد) في جوبا، لتوفير الحماية في العاصمة وللنائب الأول رياك مشار، الذي تعرض لاستهداف من قبل القوات التابعة للرئيس سيلفا كير».
وكان الرئيس الكيني أوهورو كينياتا قد قال في تصريحات إن بلاده وعددا من دول الإقليم لديها مسؤولية جماعية لعودة السلام والأمن إلى جنوب السودان، مشددًا على أن مسؤولية دول الإقليم توفير الأمن والاستقرار، داعيًا مجلس الأمن الدولي إلى تعديل بعثة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان حتى تتمكن من الفصل بين القوات المتصارعة وحماية المدنيين وفرض السلام في تلك الدولة.
ومن جانبه، طالب السكرتير التنفيذي لدول «الإيقاد»، محبوب معلم، بفرض حظر فوري للأسلحة في جنوب السودان، ومعاقبة القيادات السياسية والعسكرية وفرض السلام، وحماية بعثة الأمم المتحدة، وقال إن رؤساء هيئة الأركان في جيوش إثيوبيا وكينيا ورواندا والسودان وأوغندا اقترحوا تعزيز بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان بقوات من المنطقة «تحت ذات التفويض للمساعدة في تحقيق الاستقرار في جنوب السودان»، وفقًا لبيان صحافي من الرئاسة الكينية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد دعا الاتحاد الأفريقي ودول «الإيقاد» إلى وضع حد للنزاع في جنوب السودان، والبحث عن إمكانية نشر قوة عسكرية إقليمية في جوبا، وفرض حظر لبيع الأسلحة ومعاقبة منتهكي الجرائم في الأحداث التي وقعت مؤخرًا، وراح ضحيتها أكثر من 300 من العسكريين والمدنيين خلال الأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي.
إلى ذلك، أغلقت السلطات في جنوب السودان صحيفة «جوبا مونتر» المستقلة، التي تصدر باللغة الإنجليزية نهاية الأسبوع، واعتقلت رئيس تحريرها مساء أول من أمس، بسبب مقال له طالب فيه الرئيس سيلفا كير ميارديت ونائبه الأول الدكتور رياك مشار بتقديم استقالتهما، معتبرًا أنهما فشلا ولا يمكن لهما العمل معًا في تنفيذ اتفاقية السلام، وحملهما مسؤولية إعادة العنف مرة أخرى الأسبوع الماضي في جوبا.
من جهتها، ناشدت منظمة «تمكين المجتمع من أجل التقدم» في جنوب السودان جهاز الأمن الوطني لإطلاق سراح رئيس تحرير صحيفة «جوبا مونيتر» الفريد تعبان لأسباب صحية وإنسانية، وقالت إن تعبان قد ساهم كثيرًا في النضال عبر عمله الصحافي حتى تحقق استقلال البلاد، والتمست المنظمة بصورة خاصة من الرئيس سيلفا كير للتدخل وإطلاق سراحه.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.