اقتصاد الولايات المتحدة يواصل الصعود

الإنتاج الصناعي يرتفع وأسعار المستهلكين تواصل التحسن

عاملان في مصنع سيارات أميركي (رويترز)
عاملان في مصنع سيارات أميركي (رويترز)
TT

اقتصاد الولايات المتحدة يواصل الصعود

عاملان في مصنع سيارات أميركي (رويترز)
عاملان في مصنع سيارات أميركي (رويترز)

لاقت العملة الأميركية دعمًا مهمًا من بيانات اقتصادية صادرة من الولايات المتحدة، وتحركت الأسواق على أثرها صعودًا وهبوطًا، لما لها من تأثير مباشر وغير مباشر عليها.
وفي أول رد فعل على البيانات الاقتصادية الأميركية، التي كان أبرزها، ارتفاع الإنتاج الصناعي الأميركي في يونيو (حزيران) بدعم من قطاع السيارات، واستمرار صعود أسعار المستهلكين للشهر الرابع على التوالي، هبط الجنيه الإسترليني من أعلى مستوى في أسبوعين أمام الدولار يوم الجمعة.
وتراجع الإسترليني 1.6 في المائة، إلى 3138.1 دولار، لكنه أنهى تعاملات الأسبوع على أفضل أداء أسبوعي أمام العملة الأميركية في أكثر من أربعة أشهر مع مكاسب تزيد على 2 في المائة.
وقال مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إن الإنتاج الصناعي المحلي سجل نموًا أكبر من المتوقع في يونيو، بفضل الزيادات الكبيرة في صناعة السيارات وإنتاج المرافق، بما يشير إلى أن الاقتصاد استعاد زخمه في نهاية الربع الثاني.
وزاد الإنتاج الصناعي 0.6 في المائة الشهر الماضي مسجلاً أكبر ارتفاع منذ يوليو (تموز) 2015 بعد تسجيل انخفاض بنسبة 0.3 في المائة في القراءة المعدلة بالرفع لشهر مايو (أيار).
ويضم القطاع الصناعي بمقاييس مجلس الاحتياطي الاتحادي قطاعات الصناعات التحويلية والتعدين والإلكترونيات ومرافق الغاز.
وأظهر القطاع الصناعي أيضًا إشارات ضعيفة على التحسن بعد تراجعه على مدى الأشهر الثمانية عشر الأخيرة، بسبب ضعف الطلب العالمي، وارتفاع سعر الدولار، وهبوط أسعار النفط.
غير أنه في يونيو زاد إنتاج قطاع الصناعات التحويلية 0.4 في المائة بعد تسجيل هبوط بنسبة 0.3 في المائة في القراءة المعدلة بالرفع لشهر مايو، في حين زاد إنتاج السلع الاستهلاكية 1.1 في المائة.
وقال البنك المركزي إن إنتاج منتجات السيارات قفز 5.9 في المائة، في حين زاد إنتاج الآلات 1.1 في المائة. وارتفع إنتاج أجهزة الكومبيوتر والأجهزة الإلكترونية والمنزلية 1.5 في المائة.
وارتفع مؤشر المرافق 2.4 في المائة بعد نزوله 0.9 في المائة في مايو، في حين زاد إنتاج قطاع التعدين 0.2 في المائة بعد زيادة نسبتها 0.3 في المائة في مايو.
ومع ارتفاع الإنتاج الإجمالي زادت النسبة المستخدمة من الطاقة الإنتاجية للقطاع الصناعي إلى 75.4 في المائة في يونيو من 74.9 في المائة في القراءة غير المعدلة لشهر مايو.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه مكتب الإدارة والميزانية بالبيت الأبيض إن العجز في ميزانية الولايات المتحدة للسنة المالية 2016 من المتوقع أن يرتفع إلى 600 مليار دولار، وهو رقم يقل 16 مليار دولار عن تقديراته السابقة. وقالت الإدارة في تحديث للبيانات إن العجز في ميزانية 2016 من المتوقع الآن أن يبلغ 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وارتفعت أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة في يونيو للشهر الرابع على التوالي مع زيادة إنفاق المواطنين على السكن والبنزين والرعاية الصحية، بما يشير إلى زيادة مطردة في الضغوط التضخمية.
وقالت وزارة العمل يوم الجمعة، إن مؤشرها الخاص بأسعار المستهلكين ارتفع 0.2 في المائة الشهر الماضي بعد زيادة مماثلة في مايو. وفي 12 شهرًا حتى يونيو ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين واحدًا في المائة بما يتماشى مع الزيادة التي تحققت في مايو.
والزيادة السنوية التي تحققت أعلى من متوسط المعدل السنوي البالغ 1.7 في المائة على مدار السنوات العشر الأخيرة.
وكان خبراء اقتصاد توقعوا ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين 0.3 في المائة الشهر الماضي وتسجيله زيادة بنسبة 1.1 في المائة على أساس سنوي.
كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة 0.2 في المائة في يونيو ليرتفع بنفس الوتيرة على مدى ثلاثة أشهر متتالية. ونتج عن هذا ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي على أساس سنوي إلى 2.3 في المائة من 2.2 في المائة في مايو.
وهذه الزيادة أعلى من متوسط المعدل السنوي البالغ 1.9 في المائة على مدار السنوات العشر الأخيرة.
ويستهدف مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) معدل تضخم يبلغ اثنين في المائة، كما أنه يتتبع مقياسًا للتضخم يبلغ حاليًا 1.6 في المائة. وأسهمت المخاوف بشأن استمرار تدني مستويات التضخم في إبقاء المركزي الأميركي أسعار الفائدة دون تغيير الشهر الماضي.
وزادت أسعار البنزين 3.3 في المائة الشهر الماضي، بعدما ارتفعت 2.3 في المائة في مايو، في الوقت الذي هبطت فيه أسعار الغذاء 0.1 في المائة، وتراجعت تكلفة الغذاء المستهلك محليًا 0.3 في المائة. وارتفعت إيجارات السكن الأساسي 0.3 في المائة، بعدما زادت بالنسبة نفسها في مايو، في حين ارتفعت تكاليف الرعاية الصحية 0.4 في المائة، مقابل زيادة نسبتها 0.3 في المائة في مايو.
وحذر المكتب الوطني الأميركي للبحوث الاقتصادية الذي يراقب الاستقرار المالي، من استمرار تداعيات التأثير السلبي من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقال إن التقلبات التي هزت الأسواق مؤخرًا، والتي أثارها تصويت بريطانيا الشهر الماضي لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي تنحسر، لكن تداعيات هذا القرار قد تستمر لسنوات.
وأضاف المكتب في تقرير فصلي: «على الرغم من أن التقلبات المباشرة في الأسواق انحسرت فإن حالة عدم اليقين التي تحيط بالسياسات والتداعيات المالية والسياسية قد تستمر لشهور أو لسنوات، وهو ما يجعل الأسواق عرضة لمزيد من صدمات الثقة».
وتسعى الولايات المتحدة لإتمام مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، قبل انتهاء فترة الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما.
وقال مفاوضون من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إنهم ما زالوا بحاجة للتغلب على خلافات كبيرة من أجل الوصول لاتفاق للتجارة الحرة بين الجانبين، مع الأخذ في الحسبان الخروج المنتظر لبريطانيا - أحد أكبر الأسواق للصادرات الأميركية - من الاتحاد الأوروبي.
ويسعى الجانبان لإتمام المفاوضات بشأن اتفاقية الشراكة في التجارة والاستثمار عبر الأطلسي، والتي يقول مؤيدوها إنها قد تعزز اقتصاد المشاركين فيها بنحو 100 مليار دولار في الوقت الذي يتباطأ فيه النمو في الصين والأسواق الناشئة.
وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي اجناسيو جارسيا بيرسيرو ونظيره الأميركي دان مولاني في مؤتمر صحافي بعد الجولة الرابعة عشر من المباحثات إن الجانبين ملتزمان بإبرام اتفاق قبل أن يغادر الرئيس الأميركي باراك أوباما منصبه أوائل العام القادم.
وحقق الطرفان تقدمًا في إلغاء التعريفات الجمركية والتعاون في المجال التنظيمي غير أنهما مختلفان بشأن مطالب للاتحاد الأوروبي تتضمن زيادة فرص المشاركة في مناقصات القطاع العام. ووصف جارسيا العرض الأميركي بأنه مبعث لقلق جدي. وبالمثل فإن واشنطن غير سعيدة بعرض الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالخدمات.



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».