يلدريم متراجعًا: لن نقيم علاقات مع الأسد.. ويجب أن يرحل مع «داعش»

الشارع التركي يغرق في تصريحات متضاربة

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خلال لقاء سابق مع أعضاء الحكومة في قصر كانكاية في أنقرة (أ. ف. ب)
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خلال لقاء سابق مع أعضاء الحكومة في قصر كانكاية في أنقرة (أ. ف. ب)
TT

يلدريم متراجعًا: لن نقيم علاقات مع الأسد.. ويجب أن يرحل مع «داعش»

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خلال لقاء سابق مع أعضاء الحكومة في قصر كانكاية في أنقرة (أ. ف. ب)
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خلال لقاء سابق مع أعضاء الحكومة في قصر كانكاية في أنقرة (أ. ف. ب)

غرق الشارع التركي في سيل من التصريحات المتضاربة حول إعادة العلاقات مع سوريا، وهل سيكون ذلك في ظل إدارة بشار الأسد الحالية أم بعد رحيله. ولم تمض ساعات قليلة على تصريحات رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، التي قال فيها، أول من أمس الأربعاء، إن تركيا ستعيد علاقاتها مع سوريا مثلما فعلت مع إسرائيل وروسيا، كما ستطور علاقاتها مع العراق باعتباره ضرورة لمحاربة الإرهاب، حتى نقلت عنه وسائل الإعلام تصريحات أدلى بها في مقابلة مع مراسلة شبكة «بي بي سي» أكد فيها أنه لا تغيير في الموقف التركي تجاه القضية السورية ما لم يرحل بشار الأسد عن سلطة البلاد. وأردف أن السبب الرئيسي لتأزم الوضع السوري هو الأسد. ولكن لم يعرف على وجه الدقة ما إذا كان يلدريم أدلى بتصريحاته لـ«بي بي سي» قبل تصريحاته أول من أمس، أم بعدها.
يلدريم قال في لقائه مع «بي بي سي» إن الأسد تسبب في مقتل أكثر من 500 ألف مواطن سوري، وتشريد أكثر من 9 ملايين آخرين، بينهم نحو 3 ملايين يقيمون داخل الأراضي التركية، ويجب إنهاء سلطة بشار الأسد في سوريا، بالتزامن مع القضاء على وجود تنظيم داعش الإرهابي، مشيرًا إلى أن تنظيم داعش نشأ نتيجة ممارسات النظام السوري، وأنه من الخطأ تفضيل أحدهما على الآخر. ثم أوضح أن طريق حل مشكلة تنظيم داعش الإرهابي أيضًا يمر من وجود إدارة سورية من دون الأسد، وقال: «هناك الأسد من ناحية و(داعش) من ناحية أخرى. ولو سألتم أيهما نختار: الأسد أم (داعش)، نقول إنه لا يمكن اختيار أي منهما، وعلى كليهما الرحيل».
وبعدها ذكر رئيس الوزراء التركي أن غاية أنقرة إقامة علاقات طيبة مع جميع البلدان المجاورة، مشيرًا إلى أنهم بدأوا بأعمالهم في هذا الصدد: «قمنا بتطبيع علاقاتنا مع إسرائيل وروسيا، وجاء الدور على الدول الأخرى، وسنواصل العمل على زيادة عدد أصدقائنا وتقليل عدد أعدائنا». ثم شدد يلدريم خلال حديثه على ضرورة التغيير في سوريا قائلا: «لا بد من إحداث تغيير في سوريا، والتغيير كان يجب أن يجري منذ زمن بعيد، ولكن على الجميع أن يدرك أن الأزمة السورية لا يمكن أن تنتهي دون رحيل من كان سببا في تأزم الوضع ووصوله إلى ما هو عليه الآن».
ومن جهة ثانية، حذر رئيس الوزراء التركي الدول الغربية، بأنه لا يمكن القضاء على أي تنظيم إرهابي بالاستعانة بتنظيم إرهابي آخر. وخاطب الدول الغربية الداعمة لميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سوريا، التي تعد امتدادًا لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، قائلا: «لا يمكن استخدام تنظيم إرهابي للقضاء على تنظيم إرهابي آخر، لأنه في مثل هذه الحالة سيثير التنظيم الإرهابي الذي تستخدمونه المشكلات لكم».
في هذه الأثناء، أعادت مصادر دبلوماسية ما كان سبق أن أكدته لـ«الشرق الأوسط» في عددها الصادر في 9 يوليو (تموز) الجاري بشأن العلاقات مع سوريا، من أن تركيا قد تقبل ببقاء الأسد لفترة انتقالية. ولفتت المصادر إلى أن المعارضة السورية تلقت تطمينات في هذا الصدد، وتأكيدات من الحكومة التركية على أنها لن تتخلى عنها أو توقف دعمها لها؛ لأن تركيا ترى ضرورة رحيل الأسد، لكن ذلك لن يتحقق إلى من خلال توافق دولي واسع يشمل القوى الكبرى، وفي مقدمتها روسيا والولايات المتحدة.
هذا، وتزامنت تصريحات بن علي يلدريم مع ما أعلنته دمشق من شروط لقبول عودة العلاقات مع تركيا، بحسب صحيفة «الوطن» المقربة من نظام الأسد، التي تحدثت من قبل عن مفاوضات سرية بين تركيا ونظام الأسد بوساطة جزائرية. ونقلت الصحيفة، في رد على تصريحات رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم التي قال فيها إن أكبر الأهداف الرئيسية لبلاده هو تطوير علاقاتها مع سوريا والعراق بعد تطويرها مع إسرائيل وروسيا، عن وزارة الخارجية السورية قولها إن إنهاء تركيا دعمها للتنظيمات الإرهابية ومنع انتقالهم إلى سوريا هما شرطا سوريا لإعادة العلاقات مع تركيا.
وطالب مسؤول في وزارة الخارجية السورية، في تصريحاته للصحيفة السورية، أنقرة باتخاذ خطوات جادة لتطبيع العلاقات بين البلدين، وإغلاق تام لحدودها مع سوريا لمنع تسلل العناصر الإرهابية.
ومن جانب آخر، كان رئيس حزب الوطن التركي دوغو برينتشيك، قد قال في تصريحات أدلى بها، أول من أمس الأربعاء، إن «إيران تحتضن لقاءات التطبيع بين تركيا وسوريا»، وإنها تتم «عبر شخصيات تتمتع بنفوذ قوي في كلا الدولتين». ولفت إلى أن العلاقات بين تركيا وسوريا «ستعود لطبيعتها قريبا». وفي الوقت نفسه، قال نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش، إن «مشكلة تركيا ليست مع الشعبين المصري والسوري، لكن مع (النظامين) اللذين يحكمان البلدين».
وأضاف كورتولموش، في لقاء تلفزيوني مساء الأربعاء، أن بلاده مستعدة لتبادل جميع الآراء من أجل إحلال السلام في سوريا في أقرب وقت ممكن. وأشار إلى ضرورة أن يتخلى الروس في أقرب وقت ممكن عن دعم نظام بشار الأسد، وعن قصف المناطق السكنية، وإطلاق مرحلة يمكن من خلالها الحديث بلغة السلام في سوريا بأسرع وقت. وأوضح أن تركيا «بوصفها دولة لها حدود مشتركة مع سوريا بطول 911 كيلومترا، وتتأثر من كل رصاصة تُطلق فيها، تريد إحلال السلام في سوريا». وتابع: «نعتقد أنه لا ينبغي على أحد أن يُملي على الشعب السوري الذي دفع ثمنًا باهظًا حلاً في سوريا لا يُريده، ولذلك فإن فتح صفحة جديدة في سوريا ستبدأ لا محالة، وأن الخيار البديل لذلك هو حرب إقليمية أو عالمية، الأمر الذي لا يمكن لأميركا ولا لروسيا المجازفة في سبيله».
وعلى الأثر رأى محللون أن تصريحات كورتولموش تحمل في طياتها تلميحات بأن هناك صيغة يجري العمل عليها لإنهاء دور الأسد في المرحلة المقبلة، وإن كان الأسد أكد في مقابلة مع تلفزيون «إن بي سي نيوز» الأميركي، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتحدث مطلقا معه عن ترك السلطة، على الرغم من الضغوط التي تمارسها واشنطن من أجل رحيله. إذ قال الأسد إنه لم يصدر عن بوتين أو وزير خارجيته كلمة واحدة في هذا الشأن، وأنه لا يساوره قلق بشأن احتمال أن يعقد بوتين ووزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي زار موسكو أمس الخميس اتفاقًا للإطاحة به من السلطة؛ لأن الروس سياستهم لا تقوم على إبرام الصفقات وإنما «تستند إلى القيم».
وعلى صعيد النقاش المتواصل في تركيا بشأن مقترح منح السوريين الجنسية التركية، جدد نعمان كورتولموش التأكيد على تواصل العمل لبلورة المعايير والشروط لمنح الجنسية، مشددًا على عدم وجود أي قرار نهائي بهذا الصدد، أو تحديد عدد الذين سيتم تجنيسهم.
على صعيد آخر، قال نائب رئيس الوزراء التركي نور الدين جانيكلي، معلقًا على الجدل حول إمكانية حصول اللاجئين السوريين على مساكن من مؤسسة الإسكان الجماعي التركية، إنه «ليس هناك مساكن مجانية لهم». وأوضح جانيكلي في تصريحات لوكالة أنباء الأناضول أمس الخميس: «ليست هناك مساكن مجانية للاجئين السوريين، بل نقدم لهم إمكانية دفع أقساط على المدى الطويل، كما فعلنا لمواطنينا، وليس هناك شيء آخر». وأشار إلى وجود عدد كبير من الأجانب الذين يعانون من مشكلات امتلاك المساكن، مضيفا: «يقيم في إسطنبول التي تعد مركزًا للجذب، مئات الآلاف غير المسجلين رسميًا لدى الدولة، وتنظيم هذا الأمر سوف يؤدي إلى توفير موارد كبيرة لمدينة إسطنبول».
ولفت جانيكلي، من ناحية ثانية، إلى وجود نحو 3 ملايين لاجئ سوري في البلاد، قائلا: «يوجد ضمنهم أشخاص يحتاج إليهم اقتصادنا»، مشيرا إلى إمكانية منح الجنسية للذين يساهمون في اقتصاد البلاد، معتبرا أن هذه السياسة تعد صائبة وعقلانية للغاية، حتى أن عدم الاستفادة منهم يعد خاطئا، وتبديدا لمورد ما. وكانت المعارضة التركية قد انتقدت تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول إمكانية منح السوريين مساكن سبق أن أقامتها مؤسسة الإسكان الجماعي في تركيا، مطالبين بالنظر أولا إلى الأطفال الأتراك الذين لا يجدون مأوى لهم. وانتقد نائب حزب الحركة القومية المعارض عن مدينة غازي عنتاب (جنوب شرقي تركيا) أوميت أوزداغ، خطة منح الجنسية للسوريين لمجرد بقائهم في تركيا 3 أو 5 سنوات، قائلا إنه «قرار جنوني»، وإن شروط منح الجنسية التركية للأجانب «مبينة في الدستور والقوانين ولا يمكن الخروج عليها». وتابع: «إنهم يقولون سنمنحها لذوي الكفاءات وليس لكل السوريين. هذا أمر مشين، ذلك لأنه يتعين أن يبني هؤلاء السوريون بلادهم مجددًا بعد تحقيق السلام فيها. فأنتم بهذه الطريقة تسرقون مستقبل سوريا، وتحرمونهم من الإسهام في إعادة إعمار بلادهم». وحذر أوزداغ في مؤتمر صحافي بمقر البرلمان التركي في أنقرة من أن «جبهة النصرة» ستبدأ بشن هجمات إرهابية على تركيا خلال الأيام القادمة «بعدما ظهرت بوادر تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية بعد التطبيع مع إسرائيل، وبذلك سيتم نقل الحرب الأهلية الدائرة في سوريا إلى تركيا». وقال: «وليس المسؤول عن ذلك إلا أخطاء الرئيس رجب طيب إردوغان في السياسة الخارجية حتى اليوم». وأضاف: «جبهة النصرة تبنت سياسة إقامة دولة مثل (داعش)، وهكذا سيتم نقل الحرب الداخلية الدائرة في سوريا إلى تركيا، وإردوغان هو المسؤول الأول عن ذلك».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».