السلطة الفلسطينية تطلق حملة أمنية «مختلفة» ضد «الخارجين على القانون»

السلطة الفلسطينية تطلق حملة أمنية «مختلفة» ضد «الخارجين على القانون»
TT

السلطة الفلسطينية تطلق حملة أمنية «مختلفة» ضد «الخارجين على القانون»

السلطة الفلسطينية تطلق حملة أمنية «مختلفة» ضد «الخارجين على القانون»

تعهد رئيس الوزراء الفلسطيني، وزير الداخلية، رامي الحمد الله، بمواصلة العمل حتى «تحقيق هدف توفير الأمن والأمان للمواطنين بشكل مستدام، وتحقيق الاستقرار، والحفاظ على السلم الأهلي». وقال الحمد الله، خلال ترؤسه اجتماعًا لقادة الأمن في الخليل، وهي إحدى المدن التي تستهدف فيها السلطة مجموعة من المطلوبين، إن الأمن يجب أن يتحقق في جميع المحافظات على تقديم الخارجين على القانون للعدالة.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، إن وحدات نخبة على رأسها الوحدة «101» المدربة على مستوى عالٍ، ستشارك في حملة كبيرة وطويلة لاعتقال مطلوبين للسلطة، على أن تبدأ من نابلس التي شهدت أحداثًا دامية أواخر شهر رمضان، راح ضحيتها اثنان من عناصر الأمن. وأكدت المصادر، أن ثمة تعليمات عليا بفرض الأمن والنظام في المدن الفلسطينية بطريقة تظهر «هيبة» السلطة، وتنهي «جيوب» مسلحين مطلوبين في قضايا مختلفة.
ودعت الحكومة الخارجين على القانون والمتورطين، إلى تسليم أنفسهم لدى الجهات المختصة من أجل تسوية أوضاعهم. وقال المتحدث باسم الحكومة، يوسف المحمود، إنه سيتم اتخاذ قرارات تطال المتورطين، إضافة إلى اتخاذ قرارات جديدة ضمن الحملة المقبلة، لاعتقال المخالفين للقانون. وأكثر ما استفز السلطة الفلسطينية، كان لجوء عائلات إلى الاقتتال باستخدام أسلحة نارية، وتجرؤ مطلوبين لها، على قتل عناصر في الأجهزة الأمنية الفلسطينية. ما أطلق مخاوف أكبر من جر الضفة إلى فلتان أمني، ووضع هيبة السلطة على المحك. وانتقد كثيرون طريقة تعامل الأجهزة الأمنية والقضاء في مسألة ردع القتلة، وكذلك التسامح مع بعض التيارات المسلحة التي تحظى بنفوذ ما. ومثل هذه التيارات المسلحة، طالما كانت عقدة أمام تسوية أمنية، إذ يعيش كثير منها في مناطق مكتظة، ويحظى بعضهم بتعاطف شعبي فيها، بسبب تاريخ سابق في الفصائل أو قناعات بأن خلافهم مع السلطة ليس جنائيا، أو لأنهم يهربون إلى مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية لا يمكن للسلطة العمل فيها، إلا من خلال التنسيق مع إسرائيل. وفي مرات سابقة، وجدت محاولات السلطة اعتقال مسلحين معارضة حتى من مسؤولين في فتح. وبحسب مصادر مطلعة، أمر الرئيس عباس بعدم التساهل مع من يثبت تورطه في قضايا فلتان. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن تعليمات مباشرة من الرئيس عباس وصلت الجميع، بالقضاء على الفلتان وظواهر السلاح، وعدم التسامح مع أي جهة مهما كانت. وبحسب المصادر، فإن التحقيقات دلت على أن بعض مروجي الفلتان والداعين له، على ارتباط مع إسرائيل التي تريد جر المنطقة، بأي طريقة، إلى مربع الفوضى. وقال الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، اللواء عدنان الضميري: «لا حصانة لأحد باختراق القانون مهما علت رتبته المدنية أو العسكرية، بعد قرار الرئيس محمود عباس خلال اجتماعه مع الأجهزة الأمنية». ورفض الضميري قائلا، إن الضفة تعيش حالة من الفلتان: بعض الشجارات، والقتل، وإطلاق النار، واستخدام مفرقعات وأسلحة في الاحتفالات والشجارات، على حد سواء.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.