بينما حذر رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني من «غرق سفينة النظام»، كشفت مخابرات الحرس الثوري عن دخولها إلى ملف «فضيحة الرواتب الفلكية» التي هزت إيران خلال الشهر الماضي فيما يتوقع أن يستجوب البرلمان عددا من وزراء الحكومة على الرغم من محاولات روحاني تبرئة فريق إدارته من التورط في الفضيحة.
وشجب رفسنجاني الانتقادات الواسعة التي تتعرض لها الحكومة في ذكرى توقيع الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الغربية. وهاجم ضمنا دعاة انسحاب إيران من الاتفاق قائلا إن «ثقب سفينة النظام سيؤدي إلى إغراق الجميع».
وتضاعف الهجوم على إدارة روحاني من خصومه السياسيين في الذكرى الأولى لتوقيع الاتفاق بسبب تأخر وعوده وتفاقم الخلافات حول الانفتاح على الدول الغربية وأخذت معارضة الاتفاق منحى جديدا إلى الحكومة بعد فشل صفقة البوينغ.
وقال رفسنجاني إن «العقلاء في النظام» على حذر من إغراق سفينة النظام. وفي شبه إعادة لتصريحات سابقة من الرئيس حسن روحاني، شدد رفسنجاني على حاجة إيران إلى التعاون والتواصل مع الدول الأخرى لتحسين الوضع الاقتصادي، ويعتقد أنه يشير إلى جهات تقول إنها ترفض الحوار الإيراني الأميركي خارج الإطار النووي. وخلال الشهور الثلاثة الماضية وجه المرشد الأعلى «بمختلف الأساليب البلاغية» انتقادات إلى الاتفاق النووي، في حين ترفض الحكومة تلك الانتقادات بدعوي أنه جرى توقيعه بعد موافقة المرشد.
وتابع رفسنجاني أن مجموعات «تتسابق لادعاء فشل الاتفاق النووي وكأنهم لا يعرفون أنه يؤدي إلى ضعف النظام»، معتبرا ذلك سببا في «انهيار ثقة المستثمرين الأجانب» لدخول السوق الإيرانية. وفي جانب آخر من أقواله انتقد ما اعتبره عرقلة نمو وتطور البلاد والتواصل مع الدول الأخرى، قائلا إنه «من المستغرب أن هؤلاء وضعوا كل الخطط من أجل فشل التزام الحكومة بواجباتها والتزاماتها في الاتفاق النووي».
على الصعيد نفسه، وصف رفسنجاني من يعارضون الاتفاق النووي في الداخل الإيراني بأنهم «يضحون بالمصالح الوطنية من أجل إنجازات حزبية وفئوية». وأشار في لقاء عدد من المسؤولين في وسائل الإعلام إلى الوضع الاقتصادي الحرج للبلاد قائلا إن «عدم إدراك أوضاع العالم» سبب انهيار الاقتصاد في إيران.
على صعيد الفساد «المتفشي» الذي هز البلاد لفت رفسنجاني الانتباه إلى ملف «التهريب» الذي تعتبره الحكومة من أسباب إضعاف الاقتصاد الإيراني ومن دون أن يذكر الجهات المتورطة في «تهريب السلع» إلى داخل إيران تساءل عن «مصدر تمويل الجهات التي تنشط في التهريب». ولمح رفسنجاني إلى مفاوضات تجري بين إيران والدول الغربية والأميركية، موضحا أنها «تملك الرغبة» لدخول الصناعة الإيرانية وتنشيط الاقتصاد ورهن عودة إيران إلى الأسواق العالمية بـ«سياسة خارجية نشطة». في هذا السياق اعتبر «العناد» في السياسة الخارجية من أسباب فشل إيران في التنافس الاقتصادي داعيا إلى «حل العقدة» حسبما أوردت عنه وكالة «إيسنا».
وفي السنوات الأخيرة ارتبط اسم الحرس الثوري بملف التهريب. ففي يوليو (تموز) 2011 وصف الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد قادة الحرس الثوري بـ«الإخوة المهربين» وقال حينها في تصريحات أثارت جدلا واسعا إن «شبكات التهريب ترتبط بشخصيات متنفذة». واتهم حينها الحرس الثوري بتهريب السلع والتلاعب بسوق العملة في البلاد ومن حينها توجه الاتهامات إلى الجهاز العسكري بسبب سيطرته على المياه الدولية والموانئ خاصة في الخليج. وفي المقابل يعتبر الحرس الثوري اتهامه بالتورط في التهريب «قضية انحرافية».
من جانبه، قال قائد مخابرات الحرس الثوري حسين طائب أمس إن جهازه يبحث «التجاوزات» الأخيرة، مضيفا أن «ملف الفساد الاقتصادي الواسع» من ضمن أولويات مخابرات الحرس الثوري وفق ما نقلت عنه وكالة «تسنيم» المنبر الإعلامي التابع للمخابرات الإيرانية.
وفي حين وصف إجراءات جهاز مخابرات الحرس الثوري بـ«الناجحة في إعادة الأموال» لم يقدم طائب تفاصيل عن آليات «رصد التجاوزات» وكيفية تدخل الحرس لإعادة الأموال. في الأيام الأخيرة وعد المسؤولون الإيرانيون بنشر نتائج التحقيق للرأي العام حول الجهات المتورطة في الملف.
وتأتي تصريحات طائب بعدما قلل قبل أسبوعين المرشد الأعلى علي خامنئي من أهمية تورط عدد كبير من المسؤولين في حين دعا في الوقت نفسه إلى أن تكون القضية من ضمن أولويات الحكومة. وقبل أيام قال مساعد رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري إن «التجاوزات لا تنحصر بالحكومة وإن جميع أجهزة الدولة متورطة». يذكر أن الدوائر التي خارج سلطة الحكومة تعتبر تابعة لخامنئي. وكان خامنئي قبل أسبوع أمر تلك الدوائر بأن تأخذ قرارات الحكومة بعين الاعتبار وأن تتعاون مع مساعد الرئيس الأول إسحاق جهانغيري المكلف بالتحقيق حول الفساد.
ويعد طائب أعلى مسؤول أمني في الحرس الثوري يعلق على فضيحة الرواتب الفلكية التي هزت البلاد قبل نحو شهر بعدما سرب مجهولون وثائق مثيرة لتلقي مسؤولين في حكومة روحاني رواتب ومكافآت مالية خارج إطار القانون.
وفي إشارة إلى غضب الشارع الإيراني من الفضيحة وجه طائب تهديدا ضمنيا إلى حكومة روحاني والمتورطين، وطالب الجهات التنفيذية والقضاء بملاحقة المتجاوزين من دون «تسامح».
ولم يقدم طائب توضيحا حول الاتهام الموجه للحرس الثوري، كما أن المتحدث باسم الحرس الثوري رمضان شريف قال قبل أسبوعين ردا على دعوات الشفافية حول رواتب يتلقاها قادة الحرس الثوري إن أسبابا أمنية تمنع الجهاز العسكري من التجاوب للدعوات.
وفي هذا الصدد، تباينت مواقف المسؤولين الإيرانيين خلال الشهر الماضي، ففي حين حذر فريق منهم من تبعات الفضيحة على صورة النظام فإن آخرين وصفوها بتصفية حسابات سياسية.
من جانبها، توقعت صحيفة «اعتماد» المقربة من الحكومة أن يكون وزير العمل علي ربيعي أول من تطيح بهم فضيحة الرواتب بين وزراء روحاني. واعتبرت الصحيفة ما يتردد عن استجواب ربيعي في البرلمان مقدمة استجواب وزراء آخرين في الأيام المقبلة. وفي سياق مواز، دخل اسم رئيس صحيفة «كيهان» الرسمية حسين شريعتمداري إلى قائمة المسؤولين المطالبين بكشف رواتبهم، لكن عضو مجلس إدارة الصحيفة حسين شمسيان فجر مفاجأة من العيار الثقيل قائلا إن حسين شريعتمداري «من جنرالات الحرس الثوري ويتلقى راتبه من الجهاز العسكري».
في غضون ذلك، قال رئيس منظمة الأمداد الحكومية المعنية بشؤون الفقراء، برويز فتاح في خطاب أمام البرلمان إن الرواتب الفلكية «جرس إنذار» للنظام «ويجب ألا تتحول إلى وسيلة ثأر سياسي». المسؤول الإيراني عد الفضيحة «وجعا قديما برز الآن». وحذر فتاح من صعود طبقة «أرستقراطية».
وحول انتشار الفقر قال إن «البطالة والركود والتهريب من أسباب تفاقم الفقر في إيران». وفي وقت انتشرت فيه ظاهرة التخلي عن المسؤولية ولوم الآخرين بين كبار المسؤولين، شدد فتاح على أن «كل البرلمانات والحكومات ساهمت في طبخ حساء الفقر».
وبحسب وكالة «مهر» الحكومية، ذكر فتاح أن مؤسسته تضم ستة في المائة من الإيرانيين الرازحين تحت خط الفقر ووجه لوما إلى الحكومة بسبب ما قال إنه تجاهل أوضاع الفقراء في البلد.
في نهاية مايو (أيار) 2015 أفادت صحيفة «شرق» الإيرانية نقلا عن الاقتصادي والمختص بشؤون الفقر في إيران حسين راغفر بأن 40 في المائة من سكان إيران أي ما يعادل 30 مليونا من بين 80 مليون إيراني يرزحون تحت خط الفقر.
وتردد اسم فتاح مؤخرا بين المرشحين للانتخابات الرئاسية العام المقبل في الأوساط الإيرانية، ويحظى فتاح بتأييد خامنئي. وشغل فتاح منصب وزير الطاقة في حكومة أحمدي نجاد الثانية وقبل دخول المناصب السياسية كان من قادة مقر «خاتم» الذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني.
رفسنجاني يحذر من «غرق سفينة النظام» إن فشل الاتفاق النووي
مسؤول رفيع: كل «البرلمانات والحكومات» ساهمت في طبخ حساء الفقر
رفسنجاني يحذر من «غرق سفينة النظام» إن فشل الاتفاق النووي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة