النظام يضيق الخناق على داريا.. وتحذيرات من مجازر في صفوف المدنيين

النظام يضيق الخناق على داريا.. وتحذيرات من مجازر في صفوف المدنيين
TT

النظام يضيق الخناق على داريا.. وتحذيرات من مجازر في صفوف المدنيين

النظام يضيق الخناق على داريا.. وتحذيرات من مجازر في صفوف المدنيين

بعد أربع سنوات من الحصار وعشرات محاولات الاقتحام، تقدمت قوات النظام ليل أمس نحو مدينة داريا بالغوطة الغربية بريف دمشق، حيث وصلت إلى حدود المناطق السكنية، في تطور هو الأكبر من نوعه منذ أواخر عام 2012، وسط تحذيرات من وقوع مجازر في صفوف المدنيين.
وفي حين تعتبر المعارضة أن تقدم قوات النظام في الهجوم الذي نفذته، مساء أول من أمس، وما تبعه من اشتباكات بين الطرفين، ليس استراتيجيا بقدر ما هو يزيد الخناق على أهالي المدينة المحاصرين، ارتفعت أصوات من قبل الفصائل المقاتلة في داريا ملقية اللوم على «الجبهة الجنوبية» على اعتبار أنها قادرة على تشتيت قوات النظام لمنع تقدمها نحو داريا وتخفيف الضغط عن المدينة المحاصرة، وهو الأمر ما لم تقم به رغم الوعود المستمرة التي لم يتم تنفيذها، بحسب عضو مجلس قيادة الثورة بريف دمشق إسماعيل الداراني. ويقول الداراني لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنت قوات النظام من التقدم على (محور السمح) في شمال غربي المدينة، الواصل بين المعضمية وداريا وتحديدا في المساحات الزراعية المفتوحة؛ الأمر الذي أدى إلى هروب الأهالي باتجاه المدينة، وهو ما سيزيد الخناق على المحاصرين في الداخل نتيجة عدم تمكنهم من الاستفادة من زراعة الأراضي وزيادة عدد السكان في الداخل في ظل الخوف الدائم من أن ترتكب قوات النظام التي تستهدف المنطقة بصواريخ أرض - أرض مجازر بحقهم، على غرار مجازر سابقة، مستبعدا في الوقت عينه أن تتمكن قوات النظام من دخول المدينة واختراق خطوط الجيش الحر».
من جهته قال تمام أبو الخير، المدير الإعلامي لـ«لواء شهداء الإسلام»: «إن الهجوم الأخير الذي شنه قوات النظام وحلفاؤه كان كبيرا جدا، إذ تم الاعتماد على أعداد هائلة من المدرعات والمصفحات بشكل لا يمكن للثوار مقاومته، مع انعدام وجود أي سلاح للردع وضعف إمكانيات الثوار الذين يقاتلون بأجسادهم المتعبة وأسلحتهم المنهكة».
وأكد أبو الخير، لـ«شبكة شام الإخبارية»، أن قوات النظام المدعومة من ميلشيات عراقية وما يعرف بـ«الحرس الوطني»، قد تمكنت من السيطرة على المساحات المزروعة في المنطقة الغربية بشكل كامل، التي كانت خط الدفاع الأخير عن المدينة المحاصرة، ووصلوا إلى حدود المدينة الآهلة بالسكان. وأوضح أبو الخير أن الثوار تصدوا طوال 20 ساعة لحملة لا يمكن وصف حجم قوتها، وسط قصف مكثف لحد لم يتمكنوا من إحصائه أو تحديد نوعه ومصدره.
ولفت إلى أن النظام ما زال يستقدم المزيد من التعزيزات لجبهة داريا لاستغلال ما حققه، مستفيدا من حالة الهدوء والصمت الذي وصفه بـ«المساعد والمساند» للنظام من قبل الجبهة الجنوبية، التي لم تتحرك لنجدة داريا والتخفيف عنها، وإنما أسهمت في إيقاف معاركه بتحويل ثقل النظام إلى داريا، وهو الأمر الذي أشار إليه أيضا رامي الدالاتي، رئيس المكتب السياسي في «جيش التوحيد»، قائلا إنه بعد الهجوم على داريا «بات لزاما على العقلاء مناشدة المقاتلين بالجنوب بالتمرد على قادتهم إن كانوا فعلا هم من يوقفون المعارك، وما من مبرر لذلك إطلاقا فليس هناك منع إقليمي ولا عدم موافقة دولية، فالواجب الشرعي والوطني أعلى من الجميع». وحث الهيئات الشرعية وعلى رأسها المجلس الإسلامي السوري لإصدار فتوى بوجوب النفير بالجبهة الجنوبية «شاء القادة أم أبوا».
ويسود تخوف لدى المعارضة السورية من احتمال وقوع مجزرة بحق المدنيين في داريا، الذين يقدر عددهم الآن بأكثر من 8 آلاف شخص، شبيهة بتلك التي وقعت صيف 2012 لدى اقتحامها من قوات النظام، وأسفرت عن 800 قتيل من المدنيين، بحسب مصادر المعارضة.
وتشكل داريا معقلا يرتدي طابعا رمزيا كبيرا للمعارضة؛ لأنها خارجة عن سلطة النظام منذ أربع سنوات. وكانت المدينة على رأس حركة الاحتجاج على نظام الرئيس بشار الأسد التي بدأت في مارس (آذار) 2011. في وقت تشكل نقطة استراتيجية بالنسبة إلى النظام الذي يحاول «تركيعها» وعجز عن السيطرة عليها، لقربها من مطار مزة العسكري.
وخسرت المدينة المدمرة بشكل شبه كامل لغاية الآن تسعين في المائة من سكانها البالغ عددهم 80 ألف نسمة، ويعاني الذين بقوا فيها نقصا خطيرا في المواد الغذائية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».