كثفت سفن الإنزال التابعة للقوات البحرية الروسية تحركاتها باتجاه ميناء طرطوس السوري في الآونة الأخيرة، حيث تم تسجيل عبور عدد من تلك السفن عبر مضيق البوسفور خلال الأسابيع الماضية محملة بالعتاد الحربي، في الوقت الذي يتحدث فيه خبراء روس عن فشل الاتفاق الأميركي - الروسي حول وقف الأعمال العدائية في سوريا، وانصياع باراك أوباما لرغبة دبلوماسيين أميركيين بشأن تنفيذ الخطة البديلة في سوريا للإطاحة بالأسد.
وفي هذه الأثناء تشير وسائل إعلام روسية إلى مشاركة حاملة طائرات روسية قد تصل سوريا قريبًا فيما قالت إنه «عملية انتقامية» روسية من «الإرهابيين» على خلفية حادثة إسقاط مروحية سورية بالقرب من حمص ومقتل طيارين روسيين كانا ينفذان على متنها مهمة قتالية. وفي خلفية كل هذا يرجح عدد كبير من المراقبين أن التحركات العسكرية الروسية على صلة بالتطورات السلبية ميدانيًا وسياسيا حول الأزمة السورية.
وكانت وكالة «إنتر فاكس» الروسية قد ذكرت يوم أمس أن سفينة الإنزال الكبير «يامال» التابعة لأسطول البحر الأسود قد عبرت يوم الأحد الماضي، العاشر من يوليو (تموز) ممرات البحر الأسود، ودخلت مياه المتوسط في طريقها إلى ميناء طرطوس السوري وعلى متنها حمولة، لم توضح الوكالة طبيعتها، لكن يرجح أنها عتاد حربي إما في إطار عملية تزويد قوات النظام بالأسلحة والذخيرة، أو عتاد حربي مخصص للقوات الروسية في سوريا، ومواد أخرى ليست عسكرية لتغطية احتياجات تلك القوات في قاعدة حميميم. وأكدت مواقع تركية عبور السفينة «يامال» مضيق البوسفور يوم الأحد، لتكون بذلك سفينة الإنزال الثالثة التي تتجه عبر المضيق وعلى متنها حمولة إلى سوريا خلال الأسبوع الماضي.
وأكدت «إنتر فاكس» أن سفينة إنزال أخرى هي «مينسك» التابعة لأسطول بحر البلطيق قد عبرت البحر الأسود يوم الجمعة الماضي متجهة إلى القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وقبل ذلك وتحديدًا يوم الأربعاء الأسبوع الماضي (7 يوليو)، عبرت سفينة الإنزال «آزوف» متجهة أيضًا إلى سوريا. وتضيف الوكالة أن سفنًا روسية أخرى، تقوم بمهام مساعدة للقوات البحرية الروسية كانت قد اتجهت خلال الأسابيع الثلاث الماضية نحو ميناء طرطوس، وهي سفينة الشحن «فولوغدا - 50»، و«ك ي ل - 158» التي أفرغت حمولتها في سوريا وعادت إلى قاعدتها في مطلع يوليو، وسفينتا الإنزال «ساراتوف» و«غيورغي بوبيدونوسيتس» التي عادت إلى قاعدتها في البحر الأسود يوم أمس، بعد أن قامت بنقل حمولة إلى ميناء طرطوس في الأول من يوليو (تموز) الحالي، وكل هذا في إطار ما يُطلق عليه إعلاميًا «الإكسبرس السوري»، أو الجسر البحري الدائم لنقل العتاد والسلاح من روسيا إلى القاعدة الروسية في سوريا في إطار تزويد القوات الجوية الروسية هناك بالعتاد والذخيرة، وفق ما يقول الروس.
ولا يقتصر تكثيف روسيا لنشاط قطعها البحرية في المتوسط على نقل العتاد إلى النظام والقوات الروسية هناك، بل ويشمل مشاركة قوات بحرية ضارية لأول مرة في العمليات في سوريا، إذ نقلت وكالة تاس الأسبوع الماضي عما قالت إنه «مصدر عسكري - دبلوماسي»، قوله إن الطائرات متحركة الأجنحة ستشارك من على متن حاملة الطائرات «الأدميرال كوزنيتسوف» من شرق المتوسط بقصف مواقع المجموعات الإرهابية في سوريا اعتبارًا من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ولغاية يناير (كانون الثاني) 2017. وأكد المصدر للوكالة أن «قيادة الأركان في الجيش الروسي قد أعدت خطة مشاركة الطائرات بجناح متحرك في توجيه ضربات لمواقع المجموعات الإرهابية في سوريا»، موضحًا أن «الهدف من الخطة هو منح الطيارين خبرة عملية في تنفيذ طلعات قتالية من على متن حاملة الطائرات لتدمير أهداف أرضية»، تشارك فيها 15 مقاتلة روسية حديثة من طراز (سو - 33) و(ميغ - 29 كا-كوب) فضلا عن ما يزيد عن عشر مروحيات من طراز (كا - 52ك)، و(كا - 27) و(كا - 31).
إلا أن صحيفة «كوميرسانت» لم تستبعد، بناء على معلومات من مصادر خاصة، أن تتجه «الأدميرال كوزنيتسوف» إلى سوريا مع نهاية شهر أغسطس (آب) بحال صدرت لها تعليمات بذلك. وتوقفت الصحيفة عند هذا الأمر في سياق تقرير تناولت فيه رد الفعل الروسي على إسقاط مروحية سوريا ومقتل طيارين روسيين نفذا على متنها مهمة قتالية قرب تدمر في الثامن من يوليو. ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى تأكيده إن تلك الحادثة لن تمر دون عقاب، موضحًا أن «وزارة الدفاع الروسية لديها أكثر من احتمال في هذا الشأن، منها زيادة عدد الطلعات الجوية، واستخدام الأسلحة عالية الدقة من جديد مثل الصواريخ المجنحة وصواريخ كاليبر»، أما الاحتمال الثاني للرد الروسي على الحادثة وفق ما يقول المصدر للصحيفة الروسية، فهو متصل بانضمام «الطائرات المقاتلة والمروحيات على متن حاملة الطائرات الأدميرال كوزنيتسوف» إلى ما قال إنه «عملية عقابية».
وفي قراءة روسية أخرى لحادثة إسقاط المروحية السورية ومقتل الطيارين الروسيين يضع الخبير العسكري الروسي فلاديمير موخين ما جرى ضمن أدلة تؤكد، من وجهة نظره، بداية تنفيذ الولايات المتحدة «الخطة ب» في سوريا الرامية إلى إسقاط الأسد بالقوة العسكرية. ويقول موخين إن «اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا لم يترك أي أثر على الوضع هناك، حيث زادت حدة ومساحات المواجهات المسلحة، بينما تميزت المرحلة بزيادة عمليات توريد الأسلحة الفعالة للمقاتلين، ومن بينها المنظومة الصاروخية الأميركية المضادة للدبابات التي أسقطت المروحية الروسية، هذا فضلا عن أنظمة صاروخية مضادة للطائرات»، حسب قول الخبير الروسي الذي رأى أنه «ومع الأخذ بالاعتبار أن خبراء روس كثيرًا ما يكونون خلف مقود العربات المدرعة أو المروحيات التابعة للقوات السورية، فإن الولايات المتحدة من خلال توريدها العتاد الفعال للمقاتلين، إنما تقاتل عمليًا ضد روسيا» في سوريا.
ويتفق عدد كبير من المراقبين الروس مع وجهة نظر موخين جزئيًا، لا سيما فيما يتعلق بالربط بين النشاط المتزايد لسفن الإنزال وسفن النقل الروسية المحملة بالعتاد إلى سوريا والتطورات هناك، الأمر الذي يبدو وكأنه استعدادات للمرحلة المقبلة، بعد أن تدهور الوضع عسكريًا في ظل تعثر الجهود الرامية لاستئناف المفاوضات في جنيف، واحتمال الإعلان رسميًا عن فشل الاتفاق الروسي - الأميركي حول وقف الأعمال العدائية في سوريا، على ضوء تضارب المعلومات بشأن توصل بوتين وأوباما لاتفاق حول الوضع في سوريا خلال الاتصال الهاتفي بينهما الأسبوع الماضي.
روسيا تكثف نشاط سفنها المحملة بالعتاد إلى ميناء طرطوس في سوريا
البعض يرى أنها استعدادات للمرحلة المقبلة.. وللتصدي للخطة «ب»
روسيا تكثف نشاط سفنها المحملة بالعتاد إلى ميناء طرطوس في سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة