نجح العلماء في بحثين منفصلين، في اكتشاف بروتين جيد يحد من التأثيرات الضارة للجذور الحرة التي تتسبب في الأكسدة، وحدوث أضرار في الخلايا الحية وتؤدي إلى موتها، وإلى الأمراض، والهرم، وبروتين آخر، لكنه سيئ، يمنع تكوين أوعية دموية جديدة مما يزيد الأضرار الناجمة لدى المرضى المصابين بنوبات قلبية.
وفي البحث الأول لاحظ باحثون في جامعة ميشيغان الأميركية، مفارقة كبرى تتمثل في أن البروتين المكتشف الذي يعمل واقيًا شديدًا من الجذور الحرة، يتم تحفيزه وتنشيطه عندما تزداد مستويات الجذور الحرة في الجسم! وحتى الآن، فإن العلماء يعرفون أن الجين المرتبط بهذا البروتين، كان يؤدي في حالات تشوهه، إلى حدوث نوع من الأمراض العصبية التنكسية.
إبطاء الشيخوخة
وتسمى هذه البروتينات lysosomes، وهي معروفة بأنها «الأجسام المحللة»، وتوجد في الخلايا الحيوانية وتحتوي على إنزيمات هاضمة تقوم بتفكيك الزائد أو الهالك من الغذاء والفيروسات والبكتيريا.
وقال هاكسنغ كسو الأستاذ المساعد في البيولوجيا الخليوية والجزيئية في الجامعة الذي أشرف على البحث، إن هذه البروتينات وما إن «تشعر» بازدياد أعداد الجذور الحرة حتى تأخذ بتنشيط قنوات الكالسيوم داخل أغشيتها، الأمر الذي يؤدي إلى تحفيز عمل عدد من الجينات وتوليد كميات أكثر من نفس البروتينات التي تنفذ مهمة تطهير الجسم من الأضرار التي تعرضت لها خلايا الجسم.
وأضاف الباحث الأميركي في البحث المنشور أمس في مجلة «نتشر كوميونيكشن»: «لو توفرت لدينا مركبات كيميائية بمقدورها تنشيط هذه القنوات مباشرة فسيكون بإمكاننا تخفيف عمليات الأكسدة الضارة التي تقوم بها الجذور الحرة التي تؤدي إلى الهرم وإلى حدوث الأمراض». وأضاف: «وبذلك سننجح في تقليل الأضرار الحاصلة في الخلايا وخفض مستويات الجذور الحرة.. وبالتالي إبطاء الشيخوخة».
وعن التساؤل المطروح: كيف يتعرف الجسم على وجود مستويات عالية من الجذور الحرة؟ يجيب كسو: «إن بروتينات الأجسام المحللة تمتلك قدرات الإحساس بالجذور الحرة».
أوعية دموية جديدة
وأجرى البحث الثاني الذي نشر أمس أيضًا في مجلة «نتشر كوميونيكشن»، باحثون في «مركز برنهام بريبيس للاكتشافات الطبية»، في سانفورد، وجامعة ستانفورد الأميركية. واكتشفوا عقدة «للتحكم» تشرف على عمليات منع تكون الأوعية الدموية داخل القلب. وقالوا إن هذا سيتيح تطوير علاجات وأدوية جديدة توقف عمله وتوفر الفائدة للمصابين بالنوبات القلبية.
وقال مارك ميركولا البروفسور في «مشروع النمو والشيخوخة وتجديد الأنسجة» في المركز وفي جامعة ستانفورد، المشارك في الدراسة: «لقد عثرنا على بروتين يسمى (آر بي بي جيه) RBPJ الذي يُعتبر الموقع المتحكم في الجينات التي تنظم نمو الأوعية الدموية». وأضاف أن هذا البروتين «يعمل بوصفه كابحًا لعملية تكوّن أوعية دموية جديدة. لذا فإن تطوير أدوية مصممة لمنع عمله قد يشجع الجسم على تكوين أوعية دموية جديدة تكفي لتروية أجزاء القلب المتضررة من النوبات القلبية». وفي الواقع فإن مثل هذه الأدوية قابلة للتطوير والنجاح.
ويعاني الشخص الأميركي الواحد في المتوسط من نوبة قلبية كل 34 ثانية. ويعني ذلك تعرض بعض أنسجة عضلة القلب للضرر، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف عمل القلب في ضخ الدم وبالتالي إلى حالات عجز القلب. وقد ظل العلماء يبحثون عن طرق لتعزيز تكوين أوعية دموية جديدة لتقليل الأضرار الناجمة عن النوبات القلبية والحد من احتمالات حدوثها، إلا أن البحث الجديد الذي أجري على الفئران توصل إلى أن إزالة هذا البروتين أدت إلى تحسن عملية تكون الأوعية الدموية في القلب.
وقال رامون دياز - تريليس البروفسور في المركز الذي أشرف على الدراسة إن «البروتين يعمل بوصفه المتحكم الرئيسي ويثبط عمل الجينات التي تساعد على تكوين الأوعية الدموية». وأضاف أن «الأمر الممتاز هو أن إزالة هذا البروتين من عضلة القلب لم تقد إلى أي عواقب بل إن الفئران ظلت سليمة القلب من الناحية البنيوية والوظيفية وحتى عمر متقدم».