مانشستر.. من الثورة الصناعية إلى السياحية

مدينة إنجليزية ساعدت الجالية المغربية في تطويرها

مانشستر.. من الثورة الصناعية إلى السياحية
TT

مانشستر.. من الثورة الصناعية إلى السياحية

مانشستر.. من الثورة الصناعية إلى السياحية

تقع مدينة مانشستر إلى شمال غربي إنجلترا وهي موطن اثنين من أفضل الأندية الرياضية «مانشستر يونايتد» و«مانشستر سيتي»، وهذه المدينة الشهيرة بعنفوانها انطلقت منها عدة أشياء غير مسبوقة، ففيها انطلقت الثورة الصناعية في أوروبا الغربية، وفيها نشأت منافسة فريدة من نوعها بين ناديين مزقتهما الطبقية، حيث كان ينظر إلى نادي مانشستر يونايتد على أنه نادي الفقراء وعمال المناجم وسائقي القطارات، على عكس نادي «مانشستر سيتي»، الذي كان يصنف كونه مخصصًا للمرفهين والأثرياء، غير أن وضع الناديين تبدل مثلما تبدل حال المدينة التي أصبحت اليوم مقرا للنجوم والأغنياء، ومن أهم المدن الثقافية التي تضم بعضًا من أهم الجامعات مثل جامعة مانشستر متروبوليتان وجامعة سالفورد.
مانشستر هي امتداد للعاصمة لندن، فتفصل بينهما ساعتان وثمان دقائق بواسطة القطار، تنطلق الرحلة من محطة يوستن لتأخذك إلى قلب مانشستر، وإذا اخترت السفر إليها جوا فيعتبر مطارها ثاني أكثر مطار في بريطانيا زحمة بعد مطار هيثرو ويستقبل الرحلات الجوية الدولية من شتى بقاع العالم بما فيها الدول العربية والخليجية.
* أهم الزيارات
هناك كثير من النشاطات التي يمكن أن تقوم بها في مانشستر كما توجد عدة أماكن مناسبة للسياحة مع العائلة والأطفال، فتنتشر في المنطقة الحدائق مثل مدينة ملاهي «بلاك بول» ومدينة ملاهي «أولتن تاورز» التي تشبه إلى حد كبير مدينة ديزني للصغار وتضم فنادق جميلة بالإضافة إلى العاب لا تحصى ولا تعد تناسب جميع الأعمار وكل أفراد العائلة.
ومن الممكن في مانشستر تأجير دليل سياحي يأخذك في رحلة مشي على الإقدام للتعرف على تاريخ المدينة منذ نشأتها لغاية يومنا هذا.
وإذا كنت من محبي الفن والمتاحف فأنت في المكان الأمثل، لأن عدد المتاحف كبير جدًا ومن أشهرها متحف العلوم والصناعة وهو موجود بالقرب من أقدم محطة قطارات في العالم وفيه تجد معارض رائعة للماكينات التي كانت تعمل على البخار في الحقبة الذهبية للمدينة فترة صناعة النسيج.
وكاتدرائية مانشستر من المعالم الأثرية الفريدة في المدينة فيعود تاريخها إلى عام 1422 وأصبحت على ما هي عليه اليوم منذ عام 1847. وأهم ما يميزها تصميمها الداخلي اللافت. ولجرعة زائدة من الفن توجه إلى «مانشستر أرت غاليري» الذي يضم أكبر مجموعة من اللوحات والقطع الفنية خارج لندن.
وفي المدن الكبرى حول العالم يكون للصينيين نصيبهم، وهذا هو الحال في مانشستر، حيث لم يبخل الصينيون بثقافتهم على البريطانيين، فخلقوا مدينة خاصة بهم على مرمى حجر من المتحف الفني ليزداد المشهد روعة وزهوا، ولمحبي الطعام الصيني التقليدي سيكون أمامهم فرصة تذوق ألذ الأطباق في «تشاينا تاون» التي تحمل عبق بيجينغ وهونغ كونغ، وعندما تزور المحلات التي تبيع القطع الحرفية الصغيرة سوف تدرك بأنه لا داعي للسفر إلى الصين، فالصين بين يديك. وللمشي في الهواء الطلق والتمتع بالطبيعة الخلابة تقدم حديقة «هيتون بارك» فرصة حقيقية لعشاق المشي والطبيعة، فهي واحدة من أكبر حدائق أوروبا وتنتشر على مساحة 600 هكتارًا، وفيها كثير من المباني التاريخية.
وبالعودة إلى بداية الموضوع وأهمية الرياضة في مانشستر، فلا بد من زيارة ملاعب كرة القدم التي تقدم رحلات استطلاعية منظمة فيها للتجول في أرجاء الملعب بالداخل والخارج ورؤية غرف تبديل ملابس اللاعبين مع إمكانية تناول الغداء أيضًا.
* أين تسكن
تنقسم مانشستر إلى ثلاثة أقسام من حيث اختيار الإقامة، هناك فنادق يتم اختيارها لأنها قريبة من المعالم السياحية المهمة وعلى رأسها ملاعب كرة القدم، وهناك مساكن يفضلها الزوار لأنها قريبة من المتاحف وفنادق يأتي إليها السياح لأنها قريبة من المجمعات التجارية وشوارع التسوق.
الفنادق الراقية
- راديسون بلو Radisson Blu ويقع ما بين المدينة الصينية وليفر بول رود حيث تقبع المتاحف.
الفنادق المتوسطة
رومز مانشستر Roomzzz Manchester ويقع في قلب المدينة وهو قريب من محطة القطارات التي يصل إليها القطار من لندن.
دبل تري باي هيلتون Double Tree By Hilton ويتمتع بموقع مثالي قريب من جميع المعالم السياحية المهمة
* الفنادق الاقتصادية
بروميير إن Premier Inn التابع لسلسلة الفنادق الاقتصادية المعروفة ويتمتع بسمعة طيبة وأسعاره جيدة جدا وموقعه جيد أيضًا. ترافيلودج Travelodge غرفه مريحة وحجمه لا بأس به ويقع على مسافة قريبة جدًا من المدينة الصينية.
* أين تتسوق؟
تعتبر مانشستر من المدن المشهورة بأسواقها بعد العاصمة لندن، وتنتشر فيها الكثير من المحلات الكبرى والمتاجر المعروفة في البلاد من أهمها:
* أرنديل سنتر Arndale Center
ويقع في وسط المدينة وتحديدا في شارع «ماركت ستريت» الذي يضم أشهر المتاجر ودور الأزياء العالمية. كما يتميز بوجود سوق مخصصة للأكشاك الصغيرة التي تبيع بضائع بأسعار مخفضة (أرنديل ماركت).
* ترافورد سنترThe Trafford Centre
هذا المركز هو الأضخم في أوروبا ويشتهر بساحة المطاعم الضخمة الشهيرة إضافة إلى قاعات السينما وصالة ألعاب الأطفال وحضانة ومركز بولينغ.
* مركز لاوري أوتليت في سالفورد Lowry Outlet
ويقع على رصيف ميناء سالفورد ويتميز بموقعه الجميل على ضفة مياه الميناء، وقاعات السينما، إضافة لقربه من ملعب أولد ترافورد الشهير والمتحف الحربي.
* سترتفورد مول Stretford mall
في منطقة سترتفورد القريبة من حي تشولتون.
* ميرسي واي Merseyway shopping centre
أشهر مركز تسوق في ستوك بورت ويقع على طريق ستوك بورت بجوار المكتبة المركزية والمجلس البلدي في المدينة.
* تشيشير أووكز أوتليت Cheshire Oaks
قرية التسوق الشهيرة والأقرب إلى مدينة مانشستر. تقدم تخفيضًا يصل إلى 50 في المائة على معظم المتاجر الشهيرة. تقع قرب مدينة تشستر السياحية.
** مانشستر بين الأمس واليوم
* في الماضي كان ينظر إلى هذه المدينة الشمالية على أنها مدينة صناعية بحتة، سكانها من الطبقة العاملة الكادحة وغالبيتهم تعمل في مصانع النسيج التي ساعدت في تطويرها الجالية المغربية التي كانت أول الواصلين إلى المدينة، وعندما جاءت الجالية الشامية في أربعينات القرن الماضي جلبت معها الثقافة العربية وعلى يد أبنائها أنشئ مسجدان في «فيكتوريا بارك» ومع وصول الهنود في مطلع الستينات أصبح العرب أقلية، واليوم نسبة الجاليات المسلمة من إجمالي سكان المدينة تبلغ خمسة في المائة والأكثرية من جنوب آسيا.
اليوم تبدل المشهد في مانشستر التي أزالت عنها صبغة الصناعة ولم تعد شهيرة فقط بمداخن مصانعها التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من تاريخها العميق الذي لا يمكن فصله عن الثورة الصناعية التي بدأت فيها، إلا أن الرياضة لعبت دورًا مهمًا في تطوير المدينة التي تجذب الملايين إليها لمشاهدة المباريات، وهي تضم اليوم أكبر ملاعب في أوروبا أحدهما هو ملعب ترافورد الذي يطلق عليه اسم «ملعب الأحلام»، أما الملعب المميز الثاني فهو تابع لنادي مانشستر سيتي ويطلق عليه مؤقتا اسم «استاد الاتحاد». وإضافة إلى هذا تعرف اليوم مانشستر كونها تضم أهم المطاعم الفاخرة الحاصلة على نجوم ميشلان، ومن أهم سكانها إيدن بايرن أصغر طاهي بريطاني حاصل على نجمة ميشلان للتميز، وأكبر نسبة مطاعم مزينة بالنجوم خارج لندن توجد في مانشستر التي تعتبر اليوم مقصدًا لمحبي الطعام الفاخر.
وتعتبر أيضًا مانشستر من الملاذات السياحية المهمة التي يقصدها الزوار للتبضع، فهي تضم أكبر مراكز التسوق مثل مجمع «أرنديل سنتر» الواقع عند شارع «ماركت ستريت» مباشرة وفيه تجد أهم العلامات التجارية الموقعة من قبل أكبر أشهر الأسماء في عالم تصميم الأزياء وفي نفس الشارع تنتشر الأكشاك الصغيرة التي تبيع المنتجات الرخيصة، وهذه فرصة للتعرف إلى الحياة الحقيقية في المدينة.
ومن المعروف عن مجمع «ترافورد» أنه أضخم مركز تسوق في أوروبا ويشتهر بساحته المخصصة للمطاعم الشهيرة إضافة إلى قاعات السينما وصالة ألعاب الأطفال وحضانة ومركز بولينغ. يوفر موقع السوق ميزة التسوق الإلكتروني
ويقع مركز لاوري أوتليت على رصيف ميناء سالفورد ويتميز بموقعه الجميل على ضفة الميناء، وتجد فيه قاعات السينما، وميزته الأهم هي قربه من ملعب أولد ترافورد الشهير والمتحف الحربي.
وفي محيط منطقة «ستوك بورت» يقع مركز «ميرزي واي» Mersey way وموقعه قريب من المكتبة المركزية والمجلس البلدي في المنطقة.
وإذا كنت من محبي الماركات العالمية بأسعار مخفضة وكان لديك متسع من الوقت أنصحك بالتوجه إلى مدينة «شيشير» حيث يوجد بها مركز تجاري يبيع أشهر الماركات العالمية بقيمة مخفضة تصل إلى خمسين في المائة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».