تصادف أيام خلال الصيف الروسي تكون فيها ساحات المدن والحدائق وميادين النوافير مكتظة بطلاب مدارس بالصف الحادي عشر يرتدون الزي المدرسي الرسمي البني والزهري أو البني والأبيض، ويتراكضون أو يقفزون في حوض نافورة الماء. أو ستجدهم يتسابقون فرحين على الدراجات، بينما يجلس البعض منهم على مقاعد الحدائق يتبادلون أطراف الحديث. قد يستعيدون ذكريات سنوات مدرسية مضت.
هذا هو المشهد العام في كل المدن الروسية، خلال احتفالية تقليدية سنوية خاصة بتلاميذ الصف الحادي عشر، الأخير في المرحلة المدرسية في روسيا.
ومع نهاية العام الدراسي من كل عام يحتفل مئات آلاف الفتية والفتيات في روسيا بتخرجهم في المدرسة، التي كانت بالنسبة لهم مجرد تمهيد للانخراط في دروب الحياة وصناعة كل مستقبله حسب رغباته. ويطلق على هذا العيد اسم «رنة الجرس الأخيرة»، ويصادف عادة في مطلع الصيف من كل عام، بعد آخر يوم تعليمي وقبل الامتحانات النهائية.
وتبدأ هذه الاحتفالية عادة بفعاليات خطابية ضمن المدرسة حيث يلقي المدير أو المدير وكبير المدرسين والموجه وغيرهم كلمات يعكسون فيها الانطباعات عن 11 عامًا من العمل مع «المتخرجين»، ويتمنون لهم مستقبلا باهرًا. وفي هذا الجزء من الاحتفالات يرتدي التلاميذ والتلميذات عادة الزي المدرسي النظامي، ويتم توزيع الشهادات على المتفوقين في محصلة العام والمتميزين، بانتظار النتائج النهائية بعد الفحص. وبعد انتهاء الحفل في المدارس يخرج الفتية إلى الحدائق العامة والساحة، يتنزهون ويحتفلون على طريقتهم.
وجرت العادة أيضًا أن يقوم «مجلس أولياء الأمر» في المدارس بتنظيم برنامج احتفالات غير رسمي، أي خارج المدرسة، يشاركون فيه مع أبنائهم والطاقم التدريسي فرحتهم باجتياز مرحلة هامة من العمر والانتقال إلى مرحلة مصيرية ترسم معالم مستقبلهم.
كما جرت العادة أن يشمل البرنامج الاحتفالي حفلة راقصة في مطعم يختارونه، وربما جولات على مناطق سياحية أو أثرية أو حدائق الملاهي، وكثيرًا ما يتضمن برنامج الاحتفال كل هذه الفعاليات مجتمعة، يمضي التلاميذ والأهل معها نهارهم كله.
وهذا الجزء من فعالية «رنة الجرس الأخيرة» يتطلب ميزانية محددة لا تتحملها المدرسة، بل أهل التلاميذ، الذين يسهمون في وضع البرنامج من خلال مشاركتهم في مجلس أولياء الأمر.
وتمامًا مثلما يستعد الأهل عادة للعام الدراسي الأول لأولادهم، حيث يخصصون ميزانية لاقتناء الزي المدرسي والكتب وغيره من احتياجات الطفل في عامه الدراسي الأول، يعمد الأهل إلى تخصيص ميزانية احتفالية نهاية المرحلة الدراسية، وقد يضطر كثيرون لتوفير المبلغ على مدار السنة بادخار جزء منه كل شهر، ذلك أن بعض البرامج قد تصل تكلفتها إلى ما يزيد على 1500 دولار، هذا ناهيك بالطبع بالفستان الخاص لكل فتاة، أو البدلة لكل شاب، التي يجب شراؤها، وهي بالطبع باهظة الثمن.
وقد أظهرت دراسة أعدتها وكالة «تاس» أن ميزانية فعاليات احتفالية «رنة الجرس الأخيرة» تراوحت هذا العام ما بين 20 إلى 80 ألف روبل روسي، حسب المدينة والمنطقة، أي ما يعادل تقريبا 350 إلى 1400 دولار أميركي لكل تلميذ. ففي مدينة بطرسبورغ تراوحت تكلفة الفعاليات في مدارس المدينة ما بين 15 إلى 20 ألف روبل، وتشمل هذه النفقات حفلاً راقصًا في مطعم، وجولة على متن «الترماي النهري» في المدينة المعروف عنها كثرة الأنهر والقنوات المائية فيها فضلاً عن إطلالتها على نهر «نيفا»، وقد يشمل هذا المبلغ ألبوم صور لكل تلميذ في نهاية الاحتفالات، ويحتوي عادة على صور جماعية وفردية لطلاب الصف خلال احتفالاتهم.
إلا أن الأمر مختلف في سخالين الواقعة أقصى شرق روسيا، قرب اليابان، حيث بلغت تكلفة حفل «رنة الجرس الأخيرة» هناك هذا العام قرابة 80 ألف روبل. وستشهد سخالين لأول مرة هذا العام احتفالية عامة على مستوى المدينة بمناسبة تخرج التلاميذ من الصف الأخير في المدارس الروسية، وهو الصف الحادي عشر.
وبغض النظر عن الظرف الاقتصادي للأسرة، فإن شيئًا لا يحول في روسيا دون ضمان الأسرة متطلبات احتفال الأبناء، والاحتفال بهم ومعهم لتخرجهم في المدرسة ضمن فعاليات احتفالية «رنة الجرس الأخيرة».
«رنة الجرس الأخيرة» توجه طلاب مدارس روسيا لتحقيق أحلامهم
احتفالية سنوية في كل أنحاء البلاد ومستلزماتها بآلاف الدولارات
«رنة الجرس الأخيرة» توجه طلاب مدارس روسيا لتحقيق أحلامهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة