«المحيبس» لعبة تقليدية تجمع بين العراقيين

تدور بين فريقين يخفي الأول خاتمًا وعلى أفراد الفريق الثاني العثور عليه

لعبة المحيبس الرمضانية ({الشرق الأوسط})
لعبة المحيبس الرمضانية ({الشرق الأوسط})
TT

«المحيبس» لعبة تقليدية تجمع بين العراقيين

لعبة المحيبس الرمضانية ({الشرق الأوسط})
لعبة المحيبس الرمضانية ({الشرق الأوسط})

في أجواء ودية في مدينة بعقوبة بشمال شرقي بغداد، اجتمع شبان ورجال من سكان منطقتين لممارسة لعبة المحيبس الرمضانية التقليدية، بعدما باعد بينهم العنف الطائفي لأعوام طويلة.
ولعبة المحيبس هي من أكثر الألعاب شعبية خلال شهر رمضان ويمارسها رجال من مختلف الأعمار وعلى نطاق واسع في مختلف أنحاء العراق. وتدور اللعبة بين فريقين، يخفي الأول خاتمًا في قبضات أفراده وعلى أفراد الفريق الثاني العثور عليه. وفي كل مرة يتم العثور على الخاتم تحتسب نقطة لمصلحة هذا الفريق أو ذاك.
وكان المشهد في مدينة بعقوبة، كبرى مدن محافظة ديالى، مناقضا تماما لما عاشته المدينة في السابق من هجمات مسلحة واعتداءات بعبوات ناسفة وسيارات مفخخة كانت تستهدف أحياء سنية وشيعية بشكل شبه يومي، على خلفية نزاع طائفي.
عشرات من أهالي المدينة اجتمعوا بحضور مسؤولين أمنيين ومحليين في مقهى الساهر، الذي يقع ضمن حديقة عامة في منطقة بعقوبة الجديدة (وسط)، ووقفت عائلات أمام مداخل منازلها لمتابعة وقائع اللعبة وهتافات لاعبيها وسط فرح كبير.
وتدور المنافسة بين فريق من منطقة الهويدر ذات الغالبية الشيعية بوسط بعقوبة وآخر من منطقة بهرز ذات الغالبية السنية في جنوب المدينة.
وهتف الحضور ولاعبو الفريقين قبل بدء التنافس «عراقنا واحد على عناد كل حاقد» و«هلا هلا يالعراق ما نخلي تفرح الشمات» و«كل شي يهون بس فراكم ما يهون» في إشارة إلى المحبة المتبادلة. وحرصت قوات من الشرطة على الانتشار حول المكان تحسبا لأي طارئ.
وقال عبد علي المعروف بابو كرار، 65 عاما، الذي يقود فريق منطقة الهويدر: «هنا نثبت للعالم أنه مهما كانت الظروف التي مرت بنا نبقى أخوة وأحبة»، وأضاف: «شعارنا هذا المساء هو محبة العراق ونبذ الطائفية».
ومن جهته قال عباس القيسي، 44 عاما، أحد لاعبي فريق أبو كرار مرتديًا دشداشة تقليدية وقبعة صغيرة على رأسه، «فرحتنا اليوم بلعبة المحيبس لا توصف إلا بالقول: الحمد لله عدنا إلى المحبة والسلام والأمان. لتحيا بهرز وهويدر وكلا للخونة والمرتزقة الذين يريدون المتاجرة بدمائنا».
وأضاف القيسي «لم أستطع زيارة بهرز خلال سيطرة (داعش) عليها.. كانت هذه الفترة الأصعب في حياتي».
وبين محاولات اللاعبين العثور على الخاتم، تتعالى أصوات طبول وأهازيج شعبية بينها «وين يروح المطلوب إلنه والمحبس يرجع إلنه» و«المحبس يرجع إلنه على عناد خصمنه».
وقال ملا شهاب، 52 عاما، من فريق بهرز: «لم تتمكن زوجتي من رؤية عائلتها ولا أطفالي من زيارة عائلة والدتهم لأننا حرمنا الوصول إلى الهويدر بسبب الصراع الطائفي لسنوات طويلة». وأضاف «كنت أرى دموع زوجتي أيام الأعياد لعدم قدرتها على الاجتماع بعائلتها.. كانت أيامًا صعبة».
واستذكر شهاب يوم طرق عناصر قوات الأمن العراقية باب منزله خلال عملية تحرير بهرز من سيطرة المسلحين عام 2008، ولدى سماع زوجته صوت أحدهم يقول: «افتحوا الباب تفتيش»، قفزت هاتفة: «هذا أخي اعرف صوته، أنا أفتح الباب». وأضاف «بالفعل كان أحد أشقائها منتسبا إلى قوات الأمن وكانت فرحتها لا توصف برؤيته». يتخلل اللعبة توزيع الحلويات الرمضانية وعصير الرمان الذي تشتهر به محافظة ديالى، على اللاعبين والحاضرين طوال فترة اللعبة التي قد تطول لساعات.
وانتهى التنافس في تلك الأمسية بفوز فرق الهويدر بـ11 نقطة مقابل 8 لفريق بهرز، وتعالت مجددًا أصوات الطبول والزغاريد والتصفيق وهنأ الفريق الخاسر نظيره الرابح بفرح غامر.
وعلق ملا شهاب بعد انتهاء اللعبة «عدنا نتواصل ونسهر معا وعادت الأيام الجميلة واكتملت فرحتي برؤية أقربائي وأصدقائي من الهويدر».
ومحافظة ديالى التي تعيش فيها مكونات مختلفة أبرزها السنة والشيعة، تعد من أكثر المناطق التي عانى سكانها صراعات طائفية أعقبت اجتياح العراق من جانب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة العام 2003. وتعرضت الهويدر في أغسطس (آب) 2012 لهجوم انتحاري بسيارة مفخخة أدى إلى مقتل أكثر من خمسين شخصا وإصابة نحو ثمانين آخرين. كذلك، تعرضت بهرز لهجمات متكررة دفعت عددا كبيرا من سكانها إلى النزوح. وفي ذاكرة سكانها سيطرة مسلحين عليها في أبريل (نيسان) 2014 وقتلهم عنصرين من قوات الأمن وحرق جثتيهما.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.