الاستخبارات الأميركية: «داعش» يعد لحرب عصابات في الغرب

مديرها يعترف بفشل قوات التحالف في وقف قدرة التنظيم على الإرهاب العالمي

الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء تأبين ضحايا أورلاندو («نيويورك تايمز»)
الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء تأبين ضحايا أورلاندو («نيويورك تايمز»)
TT

الاستخبارات الأميركية: «داعش» يعد لحرب عصابات في الغرب

الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء تأبين ضحايا أورلاندو («نيويورك تايمز»)
الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء تأبين ضحايا أورلاندو («نيويورك تايمز»)

اعترف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان بأن الجهود الأميركية والدولية لم تنجح حتى الآن في كبح جماح قدرات تنظيم داعش الإرهابي حول العالم، مشيرا إلى أن «داعش» سيلجأ إلى حرب عصابات لشن هجمات إرهابية في الغرب، وسيقوم بتغيير تكتيكاته لتعويض الأراضي التي فقدها في المعركة في سوريا والعراق. وقال برينان في شهادته أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ صباح الخميس، إنه بعد التشديد وتقييد السفر إلى سوريا، يعمل «داعش» على توجيه وإلهام أفراد في الخارج لشن هجمات في أوطانهم مثلما حدث في باريس وبروكسل، وقال: «(داعش) لديه كادر كبير من المقاتلين الغربيين الذين يحتمل أن يكونوا عناصر لتنفيذ هجمات في الغرب، وقد يعمل (داعش) على تهريب مقاتلين بين تدفقات اللاجئين أو من خلال الوسائل المشروعة للسفر». وأشار مدير الاستخبارات الأميركية أن فرع «داعش» في ليبيا أصبح الأكثر خطورة، مشيرا إلى أن التنظيم «يحاول التوسع وزيادة نفوذه في أفريقيا، حيث يزداد نفوذ (داعش) في مدينة سرت الليبية، ويخططون لشن هجمات إرهابية ضد أوروبا من ليبيا»، وقال: «لدي قلق حول ليبيا، حيث يسعى (داعش) لتطويرها لتكون مكانا لشن هجمات ضد أوروبا».
وشدد رئيس الاستخبارات المركزية الأميركية على مخاطر تصاعد تنظيم داعش بشكل كبير في ليبيا، وتوسعه بعدد من الفروع في أفريقيا وآسيا. وأشار إلى أن «داعش» لديه عشرات الآلاف من المقاتلين في جميع أنحاء العالم أكثر مما كان يملكه تنظيم القاعدة في أوج نشاطه الإرهابي. وأوضح أن «جهود التحالف الدولي نجحت في وضع (داعش) على الجانب الدفاعي، ونجحت في تدمير البنية الأساسية للتنظيم»، لكنه اعترف بأن المعركة ضد «داعش» ستكون طويلة وصعبة.
وأكد برينان أن «(داعش) بعيد كل البعد عن تحقيق فكرة الخلافة الإسلامية التي يطمح أبو بكر البغدادي في تحقيقها عندما أعلنها قبل عامين في الموصل»، مشيرا إلى أن أعداد المقاتلين الأجانب الذين يسافرون إلى سوريا في انخفاض، وأن «داعش» يفقد مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق، ويكافح من أجل تجديد صفوفه وضم مقاتلين جدد.
واعترف برينان في شهادته بأنه رغم كل الجهود المبذولة من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، فإن تلك الجهود لم تقلل من قدرات «داعش» الإرهابية حول العالم، وقال: «قوات التحالف التي تقودها الولاية المتحدة حققت تقدما مهما ضد (داعش) على أرض المعركة في سوريا والعراق، وخفضت قدرة (داعش) على الحصول على إيرادات مالية، لكن لسوء الحظ، على الرغم من كل التقدم الذي أحرزناه ضد (داعش) في ساحة المعركة، وكذلك في المجال المالي (لقطع موارد داعش)، فإن جهودنا لم تقلل من قدرات (داعش) الإرهابية حول العالم».
وأشار رئيس الاستخبارات المركزية إلى قدرة «داعش» في المرونة وتعديل استراتيجيته وتكتيكاته، وقال: «رغم جهود التحالف، فإن (داعش) لا يزال قادرا على توليد عشرات الملايين من الدولارات من العائدات في الشهر، وتأتي عوائده المالية في المقام الأول من الضرائب ومن مبيعات النفط الخام».
وأشار برينان إلى سعى «داعش» لتوسيع نفوذه في فروع أخرى في اليمن وأفغانستان وباكستان، حيث يتنافس مع طالبان، وفي منطقة سيناء المصرية حيث ينشط مع جماعة «أنصار بيت المقدس»، موضحا أن أتباع «داعش» من جماعة «أنصار بيت المقدس» استطاعوا زرع قنبلة في الطائرات الروسية في شرم الشيخ مما أدى إلى سقوطها، كما نجح «داعش» في تقوية علاقته بجماعة «بوكو حرام» في نيجيريا.
وفي إجابته عن أسئلة السيناتور دايان فاينشتاين، عضو لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، أوضح برينان أن أعداد التابعين لتنظيم داعش تتراوح بين 18 ألفا و22 ألف مقاتل في سوريا (انخفاضا من التقديرات العام الماضي التي بلغت 32 ألف مقاتل)، وتتراوح بين 5 آلاف و8 آلاف مقاتل في ليبيا، وألف مقاتل في منطقة سيناء المصرية، ومعظمهم من «أنصار بيت المقدس». وتصل أعداد مقاتلي «داعش» في نيجيريا إلى 7 آلاف مقاتل، مشيرا إلى أن «داعش» يستغل التكنولوجيا الحديثة ووسائل الإعلام الاجتماعية وتطبيقات الإنترنت في التواصل والترويج لآيديولوجيته وفي التخطيط للهجمات الإرهابية، «مما يشكل خطرا يتمثل في عدم قدرة الحكومات على اختراق تلك التطبيقات».
وطالب السيناتور ريتشارد بور، رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، بعدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام تهديدات «داعش»، وقال: «كلما أسرعنا في تدمير (داعش)، استطعنا ضمان استمرار سلامة أمتنا».
من جانب آخر، أوضح برينان في إجابته عن أسئلة أعضاء اللجنة، أن النظام السوري أصبح في وضع أقوى اليوم مقارنة بالعام الماضي بفضل الدعم الروسي، مؤكدا أهمية رحيل الأسد عن الحكم وتشكيل حكومة انتقالية تضم كل طوائف سوريا، وقال: «قبل عام كان الأسد يتراجع أمام قوى المعارضة التي كانت تشن هجمات قوية ضد الجيش السوري، وأصبح اليوم في موقف أقوى مما كان عليه في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي نتيجة الدعم الروسي».
إلى ذلك، زار الرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن أورلاندو أمس، وذلك لتفقد مكان الجريمة. و«للتعبير عن دعمهما لأسر ضحايا الاعتداء، وللاجتماع بالذين عملوا ببطولة منذ وقوع الهجوم». وقال بيان مسبق من البيت الأبيض «إن أوباما سيتحدث في أورلاندو لعائلات الضحايا والجرحى». وأنه سيعلن «تأكيد أن الوطن يقف مع سكان أورلاندو»، كما قال الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن أورلاندو صارت «مدينة في حداد» وأقيم في استادها الكبير (كامبينغ وورلد ستاديوم) مكتب لمساعدة الناجين من الاعتداء، وأقرباء الضحايا. ووصل إلى الاستاد عشرات من الذين يريدون مساعدات، خصوصا في مجال الإجراءات الإدارية الكثيرة والمعقدة خلال عمليات كشف هويات القتلى، وتعريف أقاربهم بجثثهم، ومحاولات إنقاذ الجرحى. من جهته، أعلن المرشح الجمهوري دونالد ترامب أول من أمس مفاجأة، وقال إنه صار يؤيد عدم بيع أسلحة إلى أشخاص في قائمة مراقبة الإرهاب. وفي الحال، عارض اقتراحه لوبي الأسلحة الرئيسي في الولايات المتحدة: جمعية الأسلحة النارية الوطنية (إن أر إيه). وكتب ترامب في تغريدة في موقع «تويتر»: «سأقابل قادة الجمعية الوطنية للأسلحة النارية، التي أعلنت تأييدها لي، للتباحث في منع أشخاص في قائمة مكافحة الإرهاب، أو في قائمة الممنوعين من السفر جوا، من شراء أي سلاح». وردت جمعية «إن أر إيه»، أيضا في تغريدة في «تويتر»: «نحن نرى أن فرض قيود مثل حظر شراء الأسلحة من قبل أشخاص في قوائم المراقبة غير مجدٍ، ومخالف للدستور، أو الاثنين معا». لكن، رحبت الجمعية بلقاء ترامب، الذي يتوقع أن يكون اليوم (الجمعة). وقال متحدث باسم مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) أمس إنه لا توجد دلائل عن احتمال وقوع اعتداء خلال الأسابيع المقبلة في أورلاندو، أو في أي مناطق أخرى في الولايات المتحدة. لكن، دعا المتحدث مجموعات المثليين في المنطقة إلى توخي الحذر. فيما قال المدعي العام في فلوريدا، إن بلاغات وصلت إليه عن تهديدات ضد المسلمين،
في غضب واضح، انتقد الرئيس أوباما، مرة أخرى، تصريحات ترامب عن المسلمين، وركز هذه المرة على تصريحات ترامب المعادية له هو. وقول ترامب بأن أوباما لا يستعمل عبارة «الإسلام المتطرف». ووصفت صحيفة «واشنطن بوست» ردود أوباما على ترامب بأنها «أكثر خطابات أوباما قوة ضد ترامب». وقال أوباما «تأسست الولايات المتحدة على مبادئ نبيلة، منها الحرية، بما في ذلك حرية الدين. لا توجد في الولايات المتحدة اختبارات عن اعتناق أي شخص لأي دين. ويؤكد هذا آباؤنا المؤسسون، ويؤكد ذلك دستورنا، وتؤكد ذلك وثيقة حقوق الإنسان». وأضاف: «ها نحن نسمع من مرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية (من دون أن يذكر اسمه) يدعو لمنع المسلمين من الهجرة إلى الولايات المتحدة. ما نهاية هذه التصريحات العدائية؟ قاتل أورلاندو، وقاتل سان بيرنادينو، وقاتل فورت هود، كلهم مواطنون أميركيون. هل سنعامل الأميركيين المسلمين معاملة مختلفة عن بقية الأميركيين؟ هل سنعرضهم لرقابة خاصة؟ هل سنفرق ضدهم بسبب دينهم؟».
في الوقت نفسه، أعلن مكتب «إف بي آي» في كاليفورنيا أن شريط فيديو في متجر لبيع الأسلحة أوضح أن زوجة متين، الأميركية الفلسطينية، نور سلمان، كانت معه عندما اشترى البندقية الأوتوماتيكية.
وعرض تلفزيون «آي بي سي» مناظر اعتقال الزوجة الأرمل أول من أمس، وفيها غطت وجهها. وقال التلفزيون إنها كانت أنكرت معرفتها بخطط زوجها. لكن، بعد كشف الفيديو، قالت إنها حاولت إقناع زوجها، عندما اشترى البندقية الأوتوماتيكية، ألا يفعل أي شيء مؤذٍ.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».