مشاورات الكويت تغوص في تفاصيل الترتيبات الأمنية وسط تعنت الانقلابيين

مصادر: توجه دولي لدعم سيطرة الحكومة الشرعية على الموارد المالية

المبعوث الدولي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ يصل إلى مقر وزارة الخارجية الكويتية لعقد مؤتمر صحافي في صورة تعود إلى 30 مايو الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الدولي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ يصل إلى مقر وزارة الخارجية الكويتية لعقد مؤتمر صحافي في صورة تعود إلى 30 مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

مشاورات الكويت تغوص في تفاصيل الترتيبات الأمنية وسط تعنت الانقلابيين

المبعوث الدولي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ يصل إلى مقر وزارة الخارجية الكويتية لعقد مؤتمر صحافي في صورة تعود إلى 30 مايو الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الدولي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ يصل إلى مقر وزارة الخارجية الكويتية لعقد مؤتمر صحافي في صورة تعود إلى 30 مايو الماضي (أ.ف.ب)

تتواصل مشاورات السلام اليمنية - اليمنية في دولة الكويت منذ ما يقارب الـ50 يوما، دون التوصل إلى اتفاق لعرض وتوقيع المشروع المقترح من قبل مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بخصوص إنهاء الصراع المسلح الدائر في اليمن، بعد الموافقة عليه، والذي يستوعب الرؤى والمقترحات التي تقدم بها طرفا النزاع، إضافة إلى المبادرات المقدمة من بعض الأطراف الدولية، وذلك بسبب التعنت المستمر لوفد الانقلابيين (الحوثي - صالح)، وإصرارهم على مطلب تشكيل حكومة توافقية، قبل إلقاء السلاح والانسحاب من العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات والمدن.
وواصل مبعوث الأمم المتحدة لقاءاته بـ4 يمثلون كل وفد، وقد هيمنت قضية الترتيبات العسكرية والأمنية على النقاشات، إلى جانب موضوع تشكيل اللجان العسكرية والأمنية التي ستشرف على الانسحابات وتسليم الأسلحة.
وبحسب المعلومات المتاحة، فإن قضية اللجان ما زالت تمثل نقطة خلافية في إطار المشاورات الجارية بين ولد الشيخ وممثلي الوفدين. وقال مصدر في وفد الحكومة الشرعية لـ«الشرق الأوسط» إن «وفدنا يقترح أن تكون من خبرات وكفاءات وشخصيات لم تتورط بقضايا جنائية أو انتهاكات لحقوق الإنسان وألا تكون قد شاركت في الانقلاب بشكل مباشر أو غير مباشر وأن تكون ذات سمعة حسنة ومؤهلة علميا وتحظى بالقبول العام ولها رصيد وطني في الجيش»، وشدد المصدر على أن قرار تشكيل تلك اللجان العسكرية بتلك المعايير، يجب أن يصدر عن الرئيس عبد ربه منصور هادي «باعتباره الرئيس الشرعي»، مؤكدا أن موقف وفد الانقلابيين، منذ عاد رئيس الوفد بعد لقائه بعبد الملك الحوثي، ارتفع سقف مطالبهم مرة أخرى.
وأشار المصدر إلى أن وفد الانقلابيين يقترح تشكيل اللجان «بالمناصفة وبالتساوي بين الطرفين، هم يختارون فريقهم ونحن نختار فريقنا، ويريدون أن تصدر الحكومة التوافقية، (التي يطالبون بتشكيلها)، قرارا بها ولا يعترفون بشرعية الرئيس»، واعتبر المصدر «ما يحدث هو عودة إلى نقطة الصفر»، ويتحدث المصدر عن النقاشات داخل الجلسات وأعمال اللجان المنبثقة عن المشاورات، ويقول إنه بعد «طرح الآراء والملاحظات، تتحول الأمور إلى نقاشات عامة، تخرج عن الهدف من الاجتماع المعين، فبينما يكون النقاش في محور اللجنة الأمنية، يقفز أحدهم ليتحدث عن الكهرباء في عدن أو عن حادثة في الجوف أو عن إطلاق المعتقلين، وهكذا محاولات لإضاعة الوقت»، ويردف: «هذا وضع قد طال أكثر مما ينبغي وعلى المجتمع الدولي أن يكون أكثر جدية في تنفيذ التزاماته تجاه الشعب اليمني وألا يترك لفئة متمردة أن تحدد مصير شعب تحت وطأة المعاناة بسبب تعنت قلة مراهقة سياسيا فاقدة لحس المسؤولية ولا تهتم بما يحدث في الوطن من كوارث».
وبعد التوقف عن الاجتماعات الفترة الماضية، استأنف أعضاء لجنة المعتقلين والأسرى والمخفيين قسرا، اجتماعاتهم، وبحسب بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فقد «استأنف أعضاء هذه اللجنة النقاش للمضي قدما بهذا الملف وإحراز تقدم في أقرب وقت ممكن»، وقال البيان: «تطرق النقاش إلى أهمية احترام حقوق المحتجزين، ولا سيما السلامة الجسدية والسماح للمنظمات الإنسانية المتخصصة بزيارة أماكن الاحتجاز للتحقق منها والعمل على تحسين الأوضاع فيها»، وفي حين رحب المبعوث الأممي بإطلاق الحوثيين سراح 57 محتجزا في محافظة عمران، فقد دعا ولد الشيخ الأطراف إلى «الاستمرار في الإفراج عن المحتجزين، خصوصا الفئات المستضعفة منهم، والسجناء السياسيين وسجناء الرأي والأشخاص الذين من شأن الإفراج عنهم أن يحدث أثرًا إيجابيًا في المجتمع اليمني وفي مسار السلام». وذكر البيان أن الوسيط الأممي التقى بعض السفراء (الذين يتواجدون في الكويت لمتابعة سير المشاورات)، وأنه «بحث معهم تطورات المشاورات، وأكد السفراء دعمهم جهود المبعوث الخاص والأمم المتحدة لإنهاء النزاع وإحلال السلام في اليمن».
أما جانب الوفد الحكومي، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن موضوع الإفراج عن المعتقلين يرتبط بالقرارات الأممية، وأن «بعض المفرج عنهم من قبل الحوثيين، هم من المحكومين في قضايا جنائية، والبعض الآخر هم مجموعات من الناس العاديين الذي اختطفتهم الميليشيات في مخالفة للقانون، بل بعضهم اختطفوا لمكايدات شخصية لا علاقة لها بالحرب ولا بالسياسة»، وأضاف أن «كل مسؤول في الميليشيات يعتقل الناس ويقيد حرياتهم دون أي محاكمات وبلا أي قانون، واليوم يقدمونهم رشوة للمجتمع الدولي في محاولة لوضع الوفد الحكومي في الزاوية»، وأردف مسؤول بالوفد: «حتى اللحظة يرفض الحوثيون الإفصاح حتى عن معلومات عن المعتقلين السياسيين والصحافيين وناشطي حقوق الإنسان»، وقال: «موقفنا واضح، يجب إطلاق جميع المعتقلين بما فيهم المشمولون بالقرار الأممي وكل الصحافيين والناشطين فورا دون أي شروط، وبالنسبة للأسرى سيتم التبادل بهم وفقا للأحكام الدولية والاتفاقات ذات الصلة».
في سياق متصل، علمت «الشرق الأوسط» أنه بات هناك توجه لدى المجتمع الدولي وقناعة بأن الانقلابيين استحوذوا على أموال الشعب اليمني التي كانت بمثابة احتياطي نقدي في البنك المركزي (تتجاوز 4 مليارات دولار)، من خلال عمليات النهب والسيطرة على الأموال تحت اسم «المجهود الحربي». وأشارت المعلومات الخاصة إلى أن العمل يتجه نحو منع ضخ الأموال إلى البنك المركزي، الذي يخضع لسيطرة الميليشيات الانقلابية في صنعاء، وجاءت هذه المواقف الدولية بعد لقاء جمع الوفد الحكومي في مشاورات الكويت، مساء أول من أمس، وبحضور وزير المالية اليمني، منصر القعيطي، بسفراء مجموعة الدول الـ18 الراعية للتسوية السياسية في اليمن، وقالت المصادر إن الوزير القعيطي «قدم عرضا للوضع المالي بمنتهى الشفافية وكشف عن كثير من الخبايا وأسقط الوهم الذي يعيشه البعض من أعضاء المجتمع الدولي حول حيادية واستقلالية البنك المركزي». جاء ذلك، في وقت كشفت المصادر عن دور شخصية دبلوماسية غربية بارزة، مؤخرا، في نقل صورة غير حقيقية للمجتمع الدولي بخصوص وضع البنك المركزي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.