شرطان لـ«دي ميستورا» للعودة إلى جنيف: خفض العنف.. و«توافق الحد الأدنى»

مصادر غربية: لا نتوقع شيئًا من «المحادثات الفنية» الخاصة بسوريا

شرطان لـ«دي ميستورا» للعودة إلى جنيف: خفض العنف.. و«توافق الحد الأدنى»
TT

شرطان لـ«دي ميستورا» للعودة إلى جنيف: خفض العنف.. و«توافق الحد الأدنى»

شرطان لـ«دي ميستورا» للعودة إلى جنيف: خفض العنف.. و«توافق الحد الأدنى»

أفادت مصادر دبلوماسية غربية بأنها «لا تتوقع شيئًا» من المحادثات التي من المتوقع أن يجريها مساعدون للموفد الدولي، ستيفان دي ميستورا، في عدد من العواصم والمدن مع ممثلين للنظام السوري والمعارضة، معتبرة أن الغرض منها «ملء الفراغ» المتأتي عن توقف العملية السياسية التي يقودها المبعوث الدولي، وذلك منذ نهاية أبريل الماضي، مع اختتام الجولة الثالثة من المحادثات من غير نتيجة ملموسة.
وأضافت هذه المصادر التي تواكب عن قرب تفاصيل الجوانب السياسية والدبلوماسية للملف السوري، أن العودة إلى جنيف، من أجل جولة رابعة، «لن تكون ممكنة ما دامت استمرت الأمور سائرة على هذا المنوال، وما دام بقي الجانب الأميركي رخوًا في تعاطيه، خصوصًا مع الطرفين الروسي والإيراني».
وفي أي حال، لا يبدو المبعوث الدولي مستعدًا لتكرار تجربة الدعوة الأولى إلى جنيف بداية العام الحالي، حيث أجهضت جولة المحادثات قبل أن تبدأ بسبب الحملة العسكرية المشتركة للنظام والقوات الجوية الروسية في حلب ومنطقتها، الأمر الذي دفع وفد المعارضة إلى رفض المشاركة فيها. وبحسب المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن دي ميستورا لن يقبل دعوة الأطراف مجددا إلى جنيف، رغم الضغوط الروسية والأميركية، إلا في حال توافر شرطين: الأول، خفض العنف جديًا وإيصال المساعدات الإنسانية، والثاني، حصول توافق «الحد الأدنى» بين المعارضة والنظام على مفهوم عملية الانتقال السياسية التي تشكل ركيزة الحل وفق بيان جنيف لعام 2012، والقرار الدولي رقم 2254، وإلا فإن العملية «ستبقى تدور في فراغ».
من هذه الزاوية، فإن «المحادثات الفنية» المفترض أن يجريها مساعدو دي ميستورا والتي يريد الاستفادة منها لبلورة «نقاط تلاق» بين النظام والمعارضة، ستكون «عقيمة»، بحسب هذه المصادر التي أكدت أن المبعوث الدولي خصص الجولة الثالثة من محادثات جنيف لهذا الغرض، وبالتالي فإن العودة إليها هي من باب «لزوم ما لا يلزم». وكان المبعوث الدولي قد صاغ خلاصة التفاهمات في «ورقة» تم الإعلان عنها وهي تتضمن المبادئ العامة. والحال أن الخلافات تبدأ عند النظر في كيفية ترجمة هذه المبادئ إلى خطوات سياسية تتناول صلب العملية ومصير النظام ورئيس النظام السوري بشار الأسد وتقاسم السلطة، وغيرها من المواضيع الخلافية التي تعيد النقاش إلى المربع الأول.
وتعتبر المصادر الغربية أنه بين «سذاجة» السياسة الأميركية التي «بدأت بالتغير منذ الصيف الماضي» وراحت ترى أن النظام السوري «أفضل حصن لمنع (داعش) من الهيمنة»، حتى أخذت تميل لتقبل «فكرة بقائه»، رغم تأكيد العكس في التصريحات الرسمية العلنية، وبين الدعم الروسي الإيراني «المطلق» له، فإن الوضع السوري مرجح للاستمرار على هذه الحال عسكريا وسياسيا، خصوصا وأن «الحسم العسكري» غير ممكن رغم تحسن مواقع النظام، بفضل الدعم الذي يتلقاه من الميليشيات التي تحارب إلى جانبه، ومن روسيا وإيران. وبرأي هذه المصادر، فإن النظام «يلعب» على مسألة التنافس الروسي الإيراني، كما أنه «يأخذ من روسيا باليد اليمنى ما أعطاها إياه باليد اليسرى». ومثال ذلك، وفق هذه المصادر، ما حصل في مدينة داريا المحاصرة والتي لم تصلها المساعدات الإنسانية منذ أربعة أعوام. وبسبب الضغوط الروسية، قبل النظام بأن تصلها أولى شاحنات المساعدات الإنسانية. لكن قواته عمدت مباشرة وفي ما يشبه التحدي إلى قصفها بالمدفعية، ما منع توزيع المساعدات على السكان المحتاجين. وترى هذه المصادر أن القصف جاء بمثابة «رسالة إلى روسيا قبل أي طرف آخر. و«لإفهامها» أنه يحتفظ بحرية الحركة من جانب، وأنه يرفض عمليًا كل الأحاديث عن الحلول السياسية، وكل الحديث الدائر حولها. تتضافر هذه العناصر لتبين أن «استحقاق» الأول من أغسطس (آب) موعدا لانطلاق العملية الانتقالية فقد أي معنى، لأنه كان يفترض بحلوله أن تشكل الحكومة أو الهيئة التي تتولى قيادتها والتي كان سينوط بها البدء بالتفكير بكتابة الدستور الجديد والتحضير لانتخابات بعد سنة من قيامها. والحال أن المحادثات في جنيف التي لم تتحول أبدا إلى مفاوضات، تراوح مكانها ولا اتفاق تم حول أي من البنود الرئيسية التي كان من المفترض بالمبعوث الدولي أن يدفع الطرفين «النظام والمعارضة» إلى التفاهم حولها، بناء على بيان جنيف، والقرار 2254. ولذا، فإن السؤال المطروح اليوم يتناول ما سيقرره المبعوث الدولي لجهة استمرار مهمته أو التخلي عنها بسبب الصعوبات التي دفعت سابقيه «الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، ووزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي» للاستقالة. وفي هذا السياق، فإن عددا من ممثلي الدول الكبرى الفاعلة في إطار مجموعة الدعم لسوريا لم يتوقف عن انتقاد «نهج» الوساطة الذي يتبعه ستيفان دي ميستورا، حيث قرر أن جولات جنيف لن تكون مستمرة بل يفصل بينها فترات توقف من أسبوع إلى عشرة أيام. وفي رأي هذه الأوساط، أنه كان يتعين الإتيان بهذه الوفود وإبقاؤها في جنيف تحت الضغط والامتناع عن التوقف لحرمانها من ذرائع وحجج لتأخير العملية التفاوضية وإبطائها.
وكان دي ميستورا قد اختار المحادثات «الأحادية» مع كل وفد على انفراد على أن ينتقل بعد توافر الأرضية المناسبة إلى المفاوضات بالمعنى الكلاسيكي للكلمة. والحال أن هذه المرحلة لم تحن بعد.
هل من بديل لهذا المسار أي هل من خطة «باء»؟ تقول المصادر المشار إليها إن الخطة باء التي تحدث عنها وزير الخارجية الأميركي جون كيري «ليست موجودة إلا في ذهنه». لكنها بالمقابل ترى أن «أطرافًا إقليمية» ذات ثقل «لن تقبل» هزيمة المعارضة وأن يعود رئيس النظام السوري بشار الأسد للتحكم بمفاصل الحكم في سوريا والبقاء في السلطة إلى ما لا نهاية. ولذا، فإن الأمور لن تبقى «مجمدة»، والعوامل القادرة على تغيير الأوضاع أكان ذلك ميدانيا أو سياسيا ليست «عديمة الوجود»، ما يعني أن الحرب مرجحة لأن تدوم طويلاً ما لم يتم التوافق على حل سياسي جدير بهذا التوصيف.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.