«مهما ارتفعت الأسعار... موائدنا مستمرة طوال شهر الصيام»، عبارة تحدث بها الخمسيني عبد التواب أنور، الذي اعتاد على إقامة «مائدة رحمن» كل عام في ضاحية حلمية الزيتون بالقاهرة... حال أنور لم تختلف كثيرا عن أحوال كثير من المصريين في العاصمة القاهرة ومعظم أقاليم مصر، حيث أقدموا على إقامة الموائد رغم ارتفاع وغلاء الأسعار، فهناك موائد الرحمن الكبيرة، وتسع المئات من الناس، وهناك موائد رحمن بسيطة تسع العشرات، وتقام أمام المحلات والمقاهي الشعبية.
تتنوع الأطعمة الموجودة على «موائد الرحمن» وغالبا كانت لا تخلو من اللحوم أو الدواجن، أما هذا العام فقد تم خفض كميات اللحوم والدواجن وقصرها على 4 أيام فقط في الأسبوع وباقي الأيام تكون وجبات «قرديحي» مقتصرة على الخضار من دون لحوم، بحسب أنور.
مضيفا: «تم تقليل الكميات من الأرز والخضراوات نظرا للارتفاع الجنوني الذي شهدته الخضراوات والأرز والمكرونة، وغيرها من المكونات التي تدخل في إعداد موائد الرحمن»، لافتا إلى أن «البعض لجأ لترشيد الاستهلاك فبدلا من طرح جميع أنواع الطعام بكميات كبيرة أمام المواطنين الذين يجلسون على مائدة طويلة، تم عمل وجبات جاهزة عبارة عن (سيرفيس) أو (صينية) صغيرة مقسمة إلى 3 أجزاء يتم فيها وضع كمية لا تتجاوز بضع ملاعق صغيرة من الأرز وكذلك الخضار ووضع قطع من اللحوم لا يتعدى وزنها 30 جراما، ولم تعد للعصائر والمشروبات الرمضانية مكانا على أغلب الموائد وتم إبدالها بالمياه في كثير من الموائد». واعتادت «موائد الرحمن» أن تخلق جوا رمضانيا يشكل مناخا طيبا لاكتساب المودة والمحبة من أناس قد لا تعرفهم، لكنك تأتنس بهم، وتسعد بمجاوراتهم على مائدة الرحمن، على مدار الشهر الكريم. ويقول زين علي أحد المشرفين على «مائدة رحمن» في أحد شوارع حي عين شمس (شرق القاهرة): «الأصل في موائد الرحمن هو محاولة بعض القادرين التزكية عن أموالهم وفعل الخيرات في الشهر الكريم، ومن هذا المنطلق تقام كثير من موائد الرحمن طيلة أيام الشهر لاستقبال أعداد كبيرة من ضيوف الرحمن عليها».
وأضاف علي أنه «معتاد كل عام أن يقوم بتجميع مبلغ من المال بالاشتراك مع أصحاب المحلات المجاورة لإقامة مائدة إفطار، تكفي لإطعام نحو 20 صائما أو أكثر»، لافتا إلى أن «البعض لجأ إلى تغيير الموائد إلى شنط رمضان بسبب ارتفاع أسعار جميع السلع، خصوصا اللحوم والدواجن والخضراوات، ولجأ البعض إلى شراء مستلزمات البيوت من المواد التموينية من أرز وسكر وزيت وسمن وبعض من سلع رمضان من بلح وقمر الدين وغيرها، وتم تعبئتها في شنط وتوزع على المحتاجين بديلا للموائد، والبعض قرر منح المحتاجين أموالا نقدية تعويضا عن الموائد».
المراقبون أكدوا أن «عدد الموائد العام الماضي تجاوز 13 ألف مائدة، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 10 آلاف مائدة خلال رمضان هذا العام».
ومن أرقى الأحياء إلى أشدها فقرا تستطيع أن تجد موائد الرحمن وقد تزينت مداخلها بالزينة الرمضانية البسيطة، وانتشرت بداخلها المقاعد المتعددة والطاولات الطويلة التي أصبحت سمة من سمات تلك الموائد، وعلى تلك الطاولات تجد كثيرا من الفقراء والمحتاجين قد جلسوا في انتظار مدفع الإفطار؛ لكن هذا العام وجدنا أسرا بأكملها تتوجه للموائد توفيرا للنفقات، يقول لطفي «س» إنه «متزوج ولديه طفلان، ولم يخجل من اصطحابهم إلى إحدى الموائد»، لافتا إلى أنه «قديما كانت الأسر تخجل من ذلك، أما الآن فالأمر أصبح محببا للجميع، وكأنك تخرج للتنزه، وبدلا من الذهاب لمطعم للحصول على وجبة الإفطار، فهي متوفرة في الشارع، من دون أي تكاليف مادية». وأضاف لطفي: «غلاء الأسعار دفع الأسر للبحث عن أي طريقة لتوفير إفطار رمضان، وليست كل الأسر قادرة على توفير إفطار بشكل يومي في منزلها، لذلك فهي تلجأ للموائد الرمضانية».
«موائد الرحمن» بمصر تتحدى غلاء الأسعار
الأطعمة حسب المتاح.. والكميات محدودة والمياه بدلاً من العصائر
«موائد الرحمن» بمصر تتحدى غلاء الأسعار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة