كسرت إناث النحل من فصيلة «كيب» جميع القواعد، وشذت عن جميع القوانين المتعارف عليها في عالم النحل؛ إذ إن الشغالات في تلك السلالات المنعزلة الموجودة في جنوب أفريقيا يمكنها الهروب من سيطرة ملكتها، والاستيلاء على مستعمرات أخرى، والتكاثر اللاجنسي؛ دون الحاجة إلى ذكور. وقد حدد العلماء الجينات المسؤولة – على الأرجح - عن تحفيز مثل ذلك السلوك غير المعهود لديها، وفقًا لدراسة نشرت الخميس الماضي في مجلة «بولس» لعلوم الوراثة. وتتم عملية التكاثر في جميع الأنواع الحيوانية بين الذكور والإناث عن طريق الجنس، وهذا على أي حال ما يقوم به نحل العسل أيضًا؛ إذ تخصب الحيوانات المنوية التي يفرزها ذكر النحل بيض الملكة التي ترسل إشارات كيميائية (أو فيرومونات)، من شأنها أن تحيل جميع الشغالات، وكلها إناث، إلى عقيمات عند التعرض إليها.
إلا أن إناث نحل العسل من فصيلة «كيب»، وهي سلالة فرعية تعيش في منطقة فينبوس البيئية، وهي منطقة فريدة من نوعها تتميز بالتنوع الذي لا نظير له على طول المنحدر الجنوبي الغربي لجنوب أفريقيا، وفرت ملاذًا لبعض الشغالات التي تستطيع أن تكون شيئًا مماثلاً للملكة، وتنتج ذريتها الخاصة.
ومثل كل نحل العسل، يوجد الذكور في بعض مستعمرات النحل من سلالة «كيب»، إلا أن الشغالات الإناث تستطيع البدء في وضع بيضها الخاص في مستعمراتها الأم عندما تموت الملكة. وتغزو الإناث من تلك السلالة مستعمرات لسلالات أخرى من نحل العسل، وتضع البيض فيها في بعض الأحيان، كما يمكنها الدخول دون أن تكتشف الأخرى أمرها، وتقوم بطردها بطبيعة الحال إن اكتشفت وجودها.
وأوضح ماثيو ويبستر، عالم الوراثة في جامعة أبسالا بالسويد الذي قام بالدراسة، قائلاً: «النحلات من سلالة (كيب) تستولي على المستعمرات الأجنبية، وتبدأ في التهام جميع العسل»، ويسمى ذلك السلوك «التطفل الاجتماعي».
ولفهم الدافع وراء مثل ذلك السلوك، قارن العلماء بين المحتوى الوراثي الكامل لمائة سلالة نحل عسل، و10 نحلات من سلالة «كيب». وكما هو متوقع، كان المحتوى الوراثي متشابهًا، إذ بدا للنحل المظهر نفسه، وصدرت عنه التصرفات ذاتها في كل شيء، فيما عدا نزوة وضع البيض، إلا أنهم لاحظوا وجود أجزاء فريدة من نوعها في المحتوى الوراثي لعسل النحل من سلالة «الجينوم».
يقول الدكتور ويبستر: «إن ذلك لا يشكل عادة أي اختلافات جوهرية»، ولكن في تلك السلالة المميزة غالبًا ما تضع الشغالات البيض عن طريق التخصيب الذاتي، وتصبح الشغالات الإناث في مستعمراتها الأم أو في الخلايا التي تغزوها. قد يبدو هذا الميل اللاجنسي غريبًا، لكنه مألوف في علم الأحياء؛ إذ نجد شتى المجموعات من النمل والزنابير والنحل تبدل بين التكاثر الجنسي واللاجنسي. وقد وثق العلماء مواليد عذرية في أصناف مثل الديك الرومي والدجاج وأسماك القرش والزواحف.
ومن خلال عملية تدعى «توالد بكري أنثوي»، تلتحم خليتان وليدتان من النحل من سلالة «كيب» معًا لتكونا خلية واحدة بها كلتا المجموعات من الصبغيات (الكروموسومات)؛ تمامًا مثلما حدث مع ثعبان «ثلما» الذي اشتهر بولادته العذراء. وعادة ما ينقسم بيض نحل العسل خلال ما يعرف بـ«الانشطار الفتيلي»، إلى أربع خلايا وليدة تحتوي على مجموعة واحدة من الكروموسومات الصبغية، وتتحول إلى ذكور نحل من دون أب للمساهمة في جعل المجموعة الأخرى إناثا.
وما لم يتمكن العلماء من تفسيره هو السبب وراء التميز الذي قد تتمتع به الأنثى في قدرتها على التكاثر من دون ذكر، أو مع عدم وجود ذكور على الإطلاق في بعض الحالات الاستثنائية، مما يعني البقاء على نسل سلالتها. ولكن، مرة أخرى، فالإخصاب الذاتي والتوالد الداخلي قد يترك الصغار أكثر عُرضة للأمراض وغيرها من التهديدات.
ويأمل الدكتور ويبستر في تفسير السر وراء نجاة هذه السلالة من نحل العسل من التأقلم مع ذلك. وتساءل متعجبًا: «لماذا لا تستولي على العالم بأسره؟ ولماذا لا تموت؟»، مستطردا: «ما من إجابة شافية عن ذلك».
فصيل من نحل «أفريقي» يتكاثر.. من دون ذكور
هرب من سيطرة الملكات ويستولي على مستعمرات أخرى للتزاوج
فصيل من نحل «أفريقي» يتكاثر.. من دون ذكور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة