ثقة المستثمرين السياديين في الشرق الأوسط مستقرة رغم تحديات الظروف الخارجية

رؤوس أموال جديدة تتدفق إلى الأسواق الأميركية... والاستثمارات تبتعد عن دول «بريكس»

مشروعات البنية التحتية أصبحت أكثر جاذبية للصناديق السيادية العالمية
مشروعات البنية التحتية أصبحت أكثر جاذبية للصناديق السيادية العالمية
TT

ثقة المستثمرين السياديين في الشرق الأوسط مستقرة رغم تحديات الظروف الخارجية

مشروعات البنية التحتية أصبحت أكثر جاذبية للصناديق السيادية العالمية
مشروعات البنية التحتية أصبحت أكثر جاذبية للصناديق السيادية العالمية

كشفت دراسة حديثة عن أن ثقة المستثمرين السياديين في الشرق الأوسط مستقرة، رغم استمرار تقلبات الأسواق المستمرة وانخفاض أسعار النفط المضطرد، حيث واصل المستثمرون انتهاج سياسة استثمارية طويلة الأمد عبر تخصيص استراتيجي للأصول.
ونشرت شركة إنفيسكو بالأمس دراستها السنوية الرابعة تحت عنوان «دراسة إدارة الأصول السيادية العالمية»، حيث استعرضت السلوك الاستثماري المُعقَّد لصناديق الثروات السيادية والبنوك المركزية، عبر استبيان آراء 77 مسؤول استثمارات سيادية ومدير احتياطيات خارجية في مختلف أنحاء العالم في مقابلات أجرتها معهم وجهًا لوجه، ويدير أولئك المسؤولون 66 في المائة من الأصول السيادية، و25 في المائة من الاحتياطيات الخارجية العالمية، بما مجموعه 8.96 تريليون دولار أميركي.
كما كشفت دراسة العام الحالي النقاب عن وجود توجه قوي لتفضيل الاستثمار في الولايات المتحدة الأميركية على الاستثمار في سائر مناطق العالم الجغرافية، إضافة إلى وجود إقبال متزايد على الاستثمار في الأصول العقارية في سياق السعي لدفع المخصصات نحو الاستثمارات البديلة.
ورغم تأثر أداء الاستثمارات السيادية في الشرق الأوسط بأحوال الاقتصاد الكلّي الناجمة عن استمرار انخفاض أسعار النفط باضطراد ومتوسط العائدات السنوية للمحافظ الاستثمارية، لا يزال المستثمرون السياديون في الشرق الأوسط أكثر استعدادًا من حيث قدراتهم الاستثمارية وحَوكَمتهم، وفي الواقع، لا يزال صافي التدفقات إيجابيًا على صناديق المديونيات والتنمية. وبينما بلغ متوسط نسبة التمويلات الجديدة 3 في المائة من الأصول، سحب المستثمرون السياديون متوسطو الحال أو تخارجوا من 7 في المائة من الأصول في سياق محاولتهم التعامل مع تحديات التمويل.
كما استطالت الآفاق الزمنية للاستثمار بالتزامن مع سعي المستثمرين في الشرق الأوسط للتعامل مع التحديات التي يواجهونها، حيث ارتفعت من 7.1 سنة إلى 7.7 سنة خلال الأعوام الأربعة الماضية، وسط اهتمام مستمر بتنويع المكاسب، وارتفاع تكاليف توفير السيولة للراغبين في التوجه نحو الاستثمارات البديلة.
وأشارت الدراسة إلى أن ثقة المستثمرين السياديين ظلت مستقرة بصورة إجمالية عند مستوياتها السائدة منذ عام 2013، حيث أشار مؤشر إنفيسكو لثقة المستثمرين السياديين إلى أن نسبة تلك الثقة الإجمالية ظلت مستقرة من 7.2 نقطة عام 2014، إلى 7.3 نقطة عام 2016.
وأظهر المؤشر في سياق رصده لمستويات الثقة استنادًا إلى العائدات والقدرات الإجمالية (آخذًا بعين الاعتبار الخبرات الاستثمارية والمسؤولين عن الاستثمار ومؤهلاتهم ومهارات الحوكمة والغير)، أن تقرير المديونية العالمية ونمو صناديق الاستثمارات السيادية يعزز الثقة باستمرار في أوساط الفئتين على حد سواء.
ورغم أن انخفاض العائدات أثَّر في حجم استثمارات وسيولة تلك الصناديق التي شهدت انخفاض نسبة الثقة استنادًا إلى الأداء من 8.4 نقطة عام 2014 إلى 7.7 نقطة عام 2016، إلا أن الثقة في قدراتها الإجمالية ارتفعت من 7.4 نقطة إلى 7.8 نقطة في نفس الفترة موضوع المقارنة.
وفي سياق تعليقه على نتائج الدراسة، قال أليكس ميللار، رئيس دائرة إنفيسكو للصناديق السيادية المؤسسية في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، عن المبيعات المؤسسية عن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا: «يشعر الكثير من المستثمرين السياديين بارتياح أكبر للعمل في بيئة تشهد تمويلات جديدة محدودة، وبينما تخلَّى بعض أولئك المستثمرين عن بعض أصولهم لمصلحة الحكومات من دون التخارج من استثماراتهم طويلة الأجل، لم يُطلَب من بعضهم الآخر التخارج من استثماراتهم خلال الشهور الـ12 الماضية، وتشعر الكثير من الصناديق السيادية بالثقة في آفاقها التمويلية فأخذت تعزز تركيزها على أهدافها الاستثمارية الخاصة باحتياجاتها التمويلية قصيرة الأمد».
وأصبحت الولايات المتحدة الأميركية أكثر الأسواق جذبًا للاستثمارات السيادية رغم أن المملكة المتحدة كانت في الماضي السوق المتطور المفضل للاستثمارات السيادية في الشرق الأوسط إلا أن الولايات المتحدة الأميركية تفوقت عليها لتتصدر وجهات تلك الاستثمارات عام 2016، وارتفعت جاذبية الأسواق الأميركية من 8.2 نقطة (من أصل سُلمٍ من 10 نقاط) عام 2014 لتبلغ 8.3 نقطة عام 2016، مقارنة مع تقييم أدنى قليلاً بلغ 7.1 نقطة للمملكة المتحدة عام 2016، كما ظل المستثمرون السياديون في الشرق الأوسط متفائلين بالفرص المستقبلية التي سوف تتاح لهم في الأسواق الأميركية بصورة عامة وفي أسواق بناها التحتية بصفة خاصة. وأعرب المستثمرون السياديون عن اعتقادهم بأن الولايات المتحدة الأميركية تبدو منفتحة بصورة متزايدة على استثماراتهم في أعقاب التصورات الإيجابية للاستثمارات السيادية في القطاع المالي الأميركي خلال الأزمة المالية العالمية، كما يشعر الكثيرون من أولئك المستثمرين بأن الاستثمار في الأسواق الأميركية بات أسهل وأكثر جاذبية، فيما يعود سببه إلى حد كبير إلى السياسات الأميركية مثل استثناء «صناديق التقاعد الأجنبية المؤهلة» عام 2016 من قانون الضريبة العقارية على الاستثمارات الأجنبية المفروض على مشترياتها من العقارات الأميركية.
ارتفعت قيمة المخصصات الجديدة للاستثمار في الأسواق الواعدة، حيث ازدادت مخصصات الاستثمار في الأسواق الآسيوية الصاعدة من 1.5 في المائة عام 2014 إلى 2.3 في المائة عام 2015، كما ارتفعت تلك المخصصات في الأسواق الأفريقية من 1 في المائة إلى 2.6 في المائة خلال الفترة موضوع المقارنة. واستشهدت الدراسة بالقدرات الصناعية والاستقرار السياسي وجودة البنى التحتية بصفتها عوامل رئيسية لهذا التحوّل الذي تم عبر تشكيلة من المنتجات الاستثمارية التي تضمنت الاستثمار في الأسهم التقليدية ومنتجات الدخل الثابت والاستثمارات المباشرة في الاستثمارات البديلة أمثال الأصول العقارية.
* الابتعاد عن أسواق دول «بريكس»
وفي المقابل، فقدت أسواق دول البريكس الناشئة خاصة (البرازيل وروسيا والصين) جاذبيتها في نظر المستثمرين السياديين في الشرق الأوسط في وسط أداء أضعف لاستثماراتهم، بينما أصبحت الهند أكثر جاذبية.
ونظرًا لهذا الأداء الضعيف خلال السنوات القليلة الماضية، بات المستثمرون السياديون أقل استعدادًا للتغاضي عن المشكلات السياسية والتنظيمية التي تعترض تحقيق أهدافهم الاستثمارية في تلك الدول، ومن أبرز الأسباب التي ساقها أولئك المستثمرون في سياق تبريرهم لموقفهم الجديد، اضطراب الأسعار في أسواق السلع الأساسية وتراجع أسواق الأسهم في أسواق تصديرية كبيرة أمثال البرازيل وروسيا، بينما استشهدوا بتقلص حجم العمالة في الصين والذي أدى إلى ارتفاع تكلفة التصنيع وتراجع هوامش أرباح القطاع الخاص فيها، بصفتها أسبابًا للعزوف عن الاستثمار فيها.
وأضاف أليكس ميللار: «رغم كونهم مستثمرين استراتيجيين على المدى الطويل، فإن المستثمرين السياديين يتميزون بسرعة ضبطهم لاستثماراتهم بما يتماشى مع جاذبية الاستثمار والاستجابة لأحدث بيانات الأسواق المعنية أو تغير أنظمتها، كما يدخل أداء الأسواق والسياسات العامة في معادلة الخيارات الاستراتيجية لتخصيص أصول أولئك المستثمرين وبصفة خاصة من الناحية الجغرافية، وتعتبر قدرة الحكومات على اجتذاب الاستثمارات السيادية عبر قرارات تتعلق بالسياسات إحدى النتائج الرئيسية التي استخلصتها الدراسة، وباتت توفر فرصة للحكومات في مختلف أنحاء العالم لاستقطاب تمويلات كبيرة طويلة الأمد تدعم النمو الاقتصادي لبلدانها».
* القطاع العقاري يبرز بصفته فئة الأصول المفضلة
ركز المستثمرون السياديون في الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين على زيادة مخصصات الاستثمار في البنى التحتية وحصص رؤوس أموال الشركات الخاصة، إلا أن مواقفهم تغيرت عام 2016، حيث يتوقع عدد أقل منهم للمرة الأولى من نوعها زيادة استثماراته في هاتين الفئتين من الأصول؛ فرغم أن مخصصات الاستثمار في البنى التحتية وحصص رؤوس أموال الشركات الخاصة زادت خلال السنوات الثلاث الماضية، فإن إجمالي المخصصات ظل منخفضًا، فما بين عامي 2013 و2015، زاد متوسط إجمالي الأصول لمحفظة المستثمرين السياديين في الشرق الأوسط للبنية التحتية من 0.3 في المائة إلى 2.5 في المائة ، في حين ارتفعت الأسهم الخاصة من 5.2 في المائة إلى 5.5 في المائة من متوسط المحافظ السيادية.
وفي المقابل، ارتفعت مخصصات الاستثمار في الأصول العقارية بشكل كبير من 5.9 في المائة عام 2013 إلى 9.8 في المائة في 2015، ويتوقع المستثمرون السياديون العالميون زيادة مخصصاتهم للاستثمار في الأصول العقارية المحلية والعالمية بشكل يفوق مخصصات الاستثمار في أية فئة أصول أخرى لتلبية حاجتهم لتنويع استثماراتهم وتحقيق العائدات التي يستهدفونها.
ويعزو المستثمرون السياديون جانبًا كبيرًا من أسباب تحركهم، هذا إلى كون الاستثمارات العقارية تنطوي على تحديات تنفيذية أقل من الاستثمار في البنى التحتية وحصص رؤوس أموال الشركات الخاصة، وهي استثمارات واجهت فيها الصناديق السيادية صعوبات في الاستثمار في أصولها.
كما استشهد المستثمرون السياديون بوجود عدد أكبر من مديري الأصول العالميين ذوي المصداقية وقائمة طويلة من شركات تطوير وتشغيل المشاريع العقارية يمكن الدخول معها في شراكات في الاستثمارات العقارية، ونتيجة لذلك، خصص 63 في المائة من المستثمرين العقاريين في الشرق الأوسط حصة أقل من حافظاتهم الاستثمارية لأصول البنى التحتية، بينما خصص 50 في المائة منهم حصة أقل لأصول حصص رؤوس أموال الشركات الخاصة، مقارنة مع مخصصاتهم المستهدفة.
واختتم أليكس ميللار قائلاً: «رغم أن التحديات التي واجهت المستثمرين السياديين منذ بدء المرحلة الراهنة من انخفاض أسعار النفط لم تغب عن أذهانهم بالتأكيد، ورغم تأثُّر عائدات صناديقهم، فإن الثقة في أوساط المستثمرين السياديين العالميين ظلت مرتفعة نسبيًا، وتتجلَّى هذه الثقة في السِّيَر الذاتية للمستثمرين السياديين التي أعدتها إنفيسكو بشكل أكبر في صناديق المديونيات والتنمية السيادية، في حين واجهت صناديق الاستثمار والسيولة السيادية تحديات أكبر، نظرًا لأهمية السلع الأساسية في حصولها على تمويلات جديدة. وتعزز دراسة العام الحالي فكرة كون المستثمرين السياديين أكثر استعدادًا للتعامل مع تذبذب الأسواق وتمويل مواجهة التحديات الجديدة، واستمرار البحث عن فرص للاستثمار في أصول استراتيجية، وبناء القدرات الذاتية، والبحث عن شركاء استثماريين خبيرين، بغية هيكلة محافظهم الاستثمارية بشكل يضمن لهم تنويع مصادر عائداتهم على المدى الطويل.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.