كيف نحبب الأطفال في القراءة؟

كتاب جديد يوجه الآباء والأمهات

غلاف كتاب «هامسة الكتب: إيقاظ حب القراءة»
غلاف كتاب «هامسة الكتب: إيقاظ حب القراءة»
TT

كيف نحبب الأطفال في القراءة؟

غلاف كتاب «هامسة الكتب: إيقاظ حب القراءة»
غلاف كتاب «هامسة الكتب: إيقاظ حب القراءة»

تقول دونالين ميلر، مؤلفة كتاب «إيقاظ حب القراءة في كل طفل»، في مقدمة كتابها الصادر عن دار نشر «جوسي باس» في نيويورك: «حتى الآن، لم أقابل صبيا أو صبية وفشلت في أن أحوله إلى قارئ، أو قارئة».
وقدمت ميلر، وهي المدرسة والباحثة في نفس الوقت، إحصائيات تفيد أن الأولاد والبنات في الفصل السادس الذي تشرف عليه صاروا يقرؤون 50 كتابا في العام، أي بمعدل كتاب واحد في الأسبوع تقريبا، مشيرة إلى أن سر نجاحها هو الابتعاد عن الطريقة التقليدية، من قوائم كتب واختبارات قراءة وملخصات كتب. فعوضا عن ذلك، انتهجت طريقة حديثة عبر تقديم خيارات وحرية الاختيار، وحتى حرية ردود الفعل، فهي تسمح على سبيل المثال برد فعل على غرار: «أنا أكره هذا الكتاب».
وحول سبب تقديمها للكتاب، تقول ميلر: «لأن الأولاد والبنات يقضون مع عائلاتهم ساعات أكثر من التي يقضونها في فصلي، رأيت إشراك الآباء والأمهات في الموضوع.. وبنفس النهج الحديث»، كما توضح أيضا: «مرات كثيرة يشتكى آباء وأمهات من أن أولادهم وبناتهم لا يحبون قراءة الكتب، خصوصا الروائية. ومرات كثيرة يحملون المدرسين والمدرسات المسؤولية. صحيح، وجدت أن الطريقة التقليدية فيها تشدد وكبت. أقول هذا للآباء والأمهات، واقترح عليهم الطريقة الحديثة». وظلت ميلر مدرسة لقرابة عشرين عاما، وعندما لم تجد مرجعا يساعدها في فهم وتطبيق الطريقة الحديثة، قررت أن تكتب هذا الكتاب الذي قسمته إلى الفصول التالية:
1. كل شخص قارئ.
2. استطلاع التلاميذ والتلميذات.
3. للقراءة مكان ووقت.
4. حرية القراءة.
5. النظرية والتطبيق.
6. تسهيل دور المدرس.
7. تقييم نهاية العام.
8. «أنتم أحرار».
وفي فصل «كل شخص قارئ»، كتبت ميلر: «في البداية، لم أقدم محاضرات وعظ عن أهمية القراءة، وعن حاجة التلاميذ والتلميذات للقراءة، ولا سألتهم إذا كانوا يحبون القراءة أو لا يحبونها، أو إذا كانوا لا يقدرون على القراءة، أو إذا كانوا يرون أن القراءة ليست مفيدة»، موضحة أسبابا وجيهة من وجهة نظرها لتلك الاتجاهات، منها أنها إذا فعلت ذلك، كانت ستخلق لهم أعذارا أو أسبابا حتى لا يقرءون. لهذا، لجأت إلى فلسفة سمتها «حرية القراءة»، حيث بدأت تقول لهم: «كل واحد منكم حر في أن يفعل ما يريد. كل واحد منكم شخص مستقل قائم بذاته. كل واحد منكم يجب أن يكون فخورا بنفسه. لهذا، كل واحد منكم يختار ما يريد أن يقرأ، وأنا متأكدة من أنكم لن تخيبوا ظني فيكم. أنا أثق فيكم». وهكذا، في أول يوم في حصة القراءة، وضعت عشرات الكتب في مستوى التلاميذ والتلميذات على مائدة، وطلبت من كل واحد أن يختار كتابا. لم تسألهم في اليوم التالي، لكن انتظرت ثلاثة أيام، ثم سألتهم.
وكان أن خيرتهم ميلر بين خيارين: «أحب الكتاب» و«لا أحب الكتاب»، وطلبت من الذين قالوا إنهم لا يحبون الكتب التي اختاروها أن يعيدوها، ويختاروا كتبا غيرها.
وأوضحت الخبيرة التربوية: «هكذا، ألغيت إجبارهم على قراءة كتاب اختاره أنا لهم. وهكذا، تأكدت بما أؤمن به، وهو أن المشكلة ليست حب القراءة أو كراهيتها، لأن كل شخص قارئ (عنوان الفصل الأول في الكتاب). المشكلة هي حرية القراءة». وتخلص بعد ذلك إلى القول: «تعتمد نظريتي على مخاطبة قلوب التلاميذ، لا عقولهم. على عطفي عليهم، وتأييدي لهم، وثقتي فيهم، ما داموا فخورين بأنفسهم. يختلف هذا عن أن أقول لهم: أنتم هنا لتقرؤوا، ها أقرؤوا». ووضعت ميلر ثلاث قواعد عن نظريتها:
أولا، أن كل تلميذ شخص مستقل ومهم، ويثق في نفسه، وأنا فخورة به.
ثانيا، أن كل مدرس ليس حاكما، يصدر الأوامر يمينا وشمالا.
ثالثا، تزيد حرية الاختيار من الثقة بالنفس، وكلما زادت الثقة بالنفس، زاد الاستمتاع بحرية الاختيار.
واشتكت المؤلفة من القوانين الحكومية التي صارت «تدقق في أصغر تفاصيل التدريس»، ليس فقط بالنسبة للقراءة، ولكن أيضًا بالنسبة لمواد مدرسية أخرى، مثل ساعات الرياضيات وساعات الموسيقى. واشتكت أيضًا من تدخل الآباء والأمهات في مثل هذه المواضيع، وأشارت إلى مقاطعة في ولاية تكساس نصت - تحت ضغط آباء وأمهات - على تدريس مواد أو كتب معينة، أو عدم تدريس مواد أو كتب معينة.
كما اشتكت ميلر من قوانين اتحادية، مثل القانون الذي أصدره الرئيس السابق جورج بوش الابن عن «عدم تخلف طفل»، وقالت إنها تؤيد حسن النية في القانون، لكنها تعارض التفاصيل، مثل تحديد الساعات والاختبارات ونتائج الاختبارات، وتحليل النتائج على أسس عرقية ومهنية واقتصادية.
وفي عام 2007، بدأت فكرة هذا الكتاب، عندما اتصلت مجلة «تيتشر ماغازين» (مجلة المدرسين) بالمؤلفة، للرد على أسئلة الآباء والأمهات، ولاحظت المؤلفة أن كثيرا من الأسئلة هي عن عدم حب الأولاد والبنات للقراءة. كانت أغلبية الأسئلة عن: «أي كتاب اختار؟»، و«في أي ساعات اليوم أطلب منهم أن يقرؤوا؟»، و«أي غرفة هي الأفضل للقراءة؟».
وكان اسم عمود المؤلفة هو «بوك ويسبرار»، أي هامسة الكتب. ويشير الاسم إلى أنها تستعمل أساليب إنسانية وعاطفية أكثر من استعمالها أساليب عقلانية متشددة. وهكذا، صار الاسم هو اسم هذا الكتاب.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.