مصادر غربية: دي ميستورا يتعرض لضغوط روسية ـ أميركية للدعوة إلى جنيف جديدة

قالت إن إدارة أوباما منقسمة على ذاتها.. والرئيس والاستخبارات يمثلون الجناح «الرخو» في التعاطي مع موسكو

المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا  في مواجهة الضغوط الروسية والأميركية (إ.ب.أ)
المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في مواجهة الضغوط الروسية والأميركية (إ.ب.أ)
TT

مصادر غربية: دي ميستورا يتعرض لضغوط روسية ـ أميركية للدعوة إلى جنيف جديدة

المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا  في مواجهة الضغوط الروسية والأميركية (إ.ب.أ)
المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في مواجهة الضغوط الروسية والأميركية (إ.ب.أ)

كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية تواكب عن قرب الملف السوري وتطوراته السياسية والدبلوماسية عن أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا «يتعرض لضغوط قوية من جانب روسيا وأخرى أقل من جانب الولايات المتحدة الأميركية لدفعه للدعوة لجولة مفاوضات جديدة في جنيف». وأضافت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، أن دي ميستورا «يقاوم بشدة» هذه الضغوط «وهو محق في ذلك» من أجل المحافظة على ما تبقى من صدقية المسار السياسي الذي يحاول إبقاءه على قيد من جانب، ولأن الشروط الضرورية التي تسمح له بجمع الأفرقاء مجددا في جنيف «بعيدة جدا عن الحد الأدنى المطلوب».
من هذا المنطلق، فإن المبعوث الدولي اقترح إجراء «مناقشات فنية» مع أطراف السلطة والمعارضة لحرف الضغوط التي يتعرض لها من جهة، ومن جهة أخرى، من أجل «عدم إحراج المعارضة» التي علقت مشاركتها في الجولة الثالثة من محادثات جنيف، بسبب ما اعتبرته استمرار انتهاكات قوات النظام والميليشيات الداعمة لها للهدنة، والاستمرار في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية، ناهيك عن تغييب ملف المعتقلين ورفض الدخول في مناقشة عملية الانتقال السياسي. وبحسب المصادر المشار إليها، فإن من سيقود هذه المناقشات ليس دي ميستورا شخصيا بل الفريق الذي يعمل معه في جنيف فيما الغرض منها «طرح أفكار جديدة حول عملية الانتقال وإبقائها حية وعلى جدول أعمال المفاوضات فضلا عن التعرف عن كثب على ما تراه الأطراف» بشأنها.
بيد أن المصادر الأوروبية تبدو «متشائمة» من نجاعة التحرك الدولي في المرحلة الراهنة، وتعزو السبب الرئيسي للسياسة الأميركية «الرخوة» إزاء الطرف الروسي الذي يمسك بكثير من الأوراق في سوريا إلى درجة أن واشنطن، وتحديدًا، وزير الخارجية جون كيري يبدو أنه «سلّم الملف» السوري لنظيره الروسي سيرغي لافروف منذ الصيف الماضي. ويمثل كيري ومعه الرئيس باراك أوباما ووكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إيه) المركزية ما يعتبره «الخط البراغماتي» في الإدارة الأميركية الذي يرى أن كل الجهود «يجب أن توجه لدحر (داعش) وأن الخروج من المأزق السوري «يتطلب التعاون مع موسكو». وتذهب هذه المصادر إلى أبعد من ذلك في اعتبارها أن «هذا التيار قد يكون تبنى المقاربة الروسية» التي تعتبر أن الأسد ونظامه هما «الأنجع» في محاربة «داعش» في سوريا، وبالتالي «لا ضير من بقائه في منصبه إذا كان يؤدي هذه الوظيفة».
في المقابل، ثمة مدرسة ثانية في الإدارة يمثلها البنتاغون (وزارة الدفاع) وهي لا تثق بالجانب الروسي، وتعتبر أن سياسة واشنطن «تسير في الطريق الخطأ»، فضلا عن أن الالتحاق بالركب الروسي سياسيا وحتى عسكريًا «ليس هو الحل» ولا القبول ببقاء الأسد في السلطة بحجة غياب البديل «يمكن أن يشكل سياسة ناجعة». ويرى أنصار هذه المدرسة أن المحور الثلاثي «النظام - موسكو - طهران» «لا يؤمن إلا بالحل العسكري وهو يسعى إليه ويطبقه ميدانيا»، وبالتالي فإن «الرهان على احترام وقف النار مدخلا للعودة إلى طاولة المفاوضات يتطلب حزما من واشنطن».
حتى الآن، تعتبر المصادر المشار إليها أن النظام وحلفاءه «يراوغون في موضوع وقف الأعمال العدائية لأنهم يرونها فرصة لتحسين مواقعهم الميدانية والتهيؤ لجولات جديدة». ومن هذا المنظور، فإن ما يسمى «مجموعة مراقبة وقف الأعمال العدائية» التي تجتمع كل يوم خميس في جنيف وتتشارك واشنطن وموسكو رئاستها «عديمة الفعالية» بحسب ما أثبتت التجارب واستمرار الانتهاكات اليومية في أكثر من جبهة. والسؤال المطروح يتناول كيفية توفير المصداقية، خصوصا الفعالية لهذه الهيئة المنبثقة عن «المجموعة الدولية لدعم سوريا» التي تضم 17 طرفا دوليا وإقليميا؟
تقول المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن الاجتماعات الأسبوعية أصبحت «شديدة الروتينية» وتحولت إلى جهة لتسجيل الانتهاكات من جميع الأطراف. ولذا فإن استمرارها على هذا المنوال «سيفقدها أي مصداقية». من هنا، فإن ثمة مجموعة من «المقترحات» لتفعيل عمل المجموعة ويمكن اختصارها بثلاثة: إنشاء آلية رقابة على وقف الأعمال العدائية واحترام الهدنة. والتوافق على إجراء تحقيقات جديدة بشأن الانتهاكات المرتكبة ونشر النتائج التي يتم التوصل إليها بحيث لا تبقى الأمور عند تبادل التهم بين الأطراف. وأخيرا، الالتزام بأن يكون الرد العسكري على الانتهاكات «متناسبا» مع طبيعة الانتهاك وليس حجة للإفلات من وقف الأعمال العدائية.
هذا، وسبق لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أن اقترح «تجميد خطوط القتال» وكذلك «سحب الأسلحة الثقيلة» من المواقع الأمامية على غرار ما حصل في أوكرانيا بين القوات الحكومية والانفصاليين في شرق البلاد لتبريد الجبهات. لكن هذه المقترحات لم تؤخذ حتى الآن بعين الاعتبار، خصوصا من الطرفين الرئيسين اللذين يعتبران نفسيهما «مسؤولين» أخلاقيا وسياسيا عن تصرف المعارضة والنظام، وهما واشنطن وموسكو.
وراهنًا، تعتبر الأطراف الغربية والخليجية والمعارضة والقوى الداعمة لها أن النظام «مستعد لاستخدام جميع الأوراق» لإجهاض العودة إلى طاولة المفاوضات التي غابت عن الرؤية منذ انتهاء الجولة الثالثة، لأن دمشق «تجد نفسها في موقف صعب بسبب العودة إلى المطالبة بعملية الانتقال السياسي». والحال أن النظام السوري عرض على لسان رئيسه أخيرًا رؤيته لها، وهي من ثلاث مراحل: حكومة «اتحاد وطني» أي إعطاء عدد من المعارضين الذين يقبلهم النظام حقائب وزارية، وكتابة الدستور والتصديق عليه، والذهاب إلى انتخابات عامة، وكل ذلك تحت إشراف الرئيس الأسد. وهذا الأمر مرفوض جذريا من قبل المعارضة التي تطالب بعملية انتقال سياسي جدية وسريعة، وفق بيان جنيف صيف العام 2012، رحل بموجبها الأسد عن السلطة مع بدايتها. ما يعني العودة إلى المربع الأول، وأن العملية السياسية رغم الاجتماعات والقرارات والوساطات الدولية «لم تتقدم سنتيمترا واحدا حتى الآن».
هكذا تبدو الأمور اليوم في المقلب السياسي - الدبلوماسي. لكن الواضح بالنسبة للجميع أن عامل التغيير لن يكون سياسيا «لأن مواقف واشنطن لن تنقلب رأسا على عقب في المرحلة الراهنة» ولأن الإدارة الأميركية لا يهمها في الوقت الحاضر إلا «تسجيل نجاحات ضد (داعش) في سوريا والعراق وفي ليبيا أيضا»، أما مصير نظام الأسد فإنه «لا يدخل ضمن أولوياتها».
هذا المعطى يترك المجال واسعا للطرفين الروسي والإيراني اللذين يجدان مصلحة مشتركة، رغم بعض التمايزات فيما بينهما، للاستمرار في دعم النظام السوري وإيقافه على قدميه والتذرع بأن «لا بديل عنه» اليوم في الوقوف بوجه الإرهاب ومنع تفكك الدولة السورية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.